المدى/ محمد العبيدي
مع تصاعد الاهتمام بالعملات الرقمية في الأنظمة المصرفية الدولية، يدخل العراق على خط المنافسة بخطة لإصدار عملة رقمية وطنية، يأمل من خلالها البنك المركزي في تعزيز الشفافية المالية وتقليل تكلفة التعاملات النقدية، في وقت يواجه فيه الاقتصاد العراقي تحديات تتطلب حلولًا مبتكرة.
وأعلن البنك المركزي العراقي، توجهه لإصدار عملة رقمية مصرفية لتحل تدريجيًا محل العملات الورقية، في إطار خططه لتطوير النظام المالي وتعزيز المدفوعات الرقمية.
وأوضح المحافظ علي العلاق، خلال مشاركته في مؤتمر المالية والخدمات المصرفية، أن "هذه الخطوة تأتي استجابة للتحولات العالمية في القطاع المصرفي، حيث يسعى البنك المركزي إلى إنشاء عملة رقمية خاصة به ضمن استراتيجية التحول الرقمي".
وأضاف العلاق أن "المشروع يستهدف تقليل الاعتماد على النقد الورقي وتعزيز استخدام المدفوعات الإلكترونية"، مشيرًا إلى أن "البنك بدأ فعليًا بالتحرك لإنشاء مركز بيانات متقدم لدعم هذا التحول".
وأثار التوجه الجديد تساؤلات حول آلية تعامل البنك المركزي مع العملات الرقمية، ومدى إمكانية السماح بتداول العملات المشفرة داخل النظام المالي العراقي، كما برزت تساؤلات حول قدرة البنك المركزي على توفير البنية التحتية الرقمية اللازمة لإنجاح هذا المشروع، خاصة في ظل التحديات التقنية والتنظيمية التي تواجه القطاع المصرفي.
العملات المشفرة والرقمية
من جهته قال الباحث بالشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه، أن "هناك فرقًا بين العملات المشفرة، والعملات الرقمية فالبنك المركزي لا يسمح حاليًا بالعملات الرقمية المشفرة مثل البيتكوين والإيثيريوم، ولم يصدر أي تنظيم يسمح باستخدامها في التعاملات المالية داخل العراق لان المخاطر المرتبطة بتقلباتها الكبيرة وغموض مصادرها".
وأضاف عبد ربه في حديث لـ(المدى) أن "البنك المركزي أبدى اهتمامًا بتطوير المدفوعات الإلكترونية، وأطلق مشاريع للتحول الرقمي، مثل تعزيز استخدام البطاقات المصرفية والتطبيقات المالية، والتي تعد خطوة باتجاه النظام المالي الرقمي، لكنها تختلف عن العملات المشفرة اللامركزية".
وأشار إلى أن "إطلاق مشروع للعملات الرقمية أو الإلكترونية يواجه بعض التحديات، منها الإطار القانوني والتنظيمي، إذ لا بد من تحديث القوانين المالية لضمان توافق العملة الرقمية مع النظام المصرفي الحالي، وضبط آليات استخدامها من قبل الأفراد والشركات، فضلاً عن أن إطلاق عملة رقمية يتطلب بيئة رقمية متقدمة، بما في ذلك إنشاء مركز بيانات قوي قادر على إدارة المعاملات الرقمية بأمان وكفاءة".
وشدد عبد ربه، على "ضرورة أن يكون هناك وضوح بشأن كيفية ارتباط العملة الرقمية الجديدة بالدينار العراقي، وما إذا كانت ستُستخدم فقط للمعاملات الداخلية أم ستتاح في الأسواق المالية العالمية، إضافة إلى حماية النظام المالي من الهجمات الإلكترونية والاختراقات".
وأثار التوجه الجديد، تساؤلات حول مدى قدرة البنك المركزي على تنفيذ هذا المشروع في ظل التحديات التقنية والقانونية المرتبطة بالعملات الرقمية، خاصة ما يتعلق بأنظمة الأمن السيبراني، وشبكات الإنترنت الموثوقة، لضمان سلامة التعاملات المالية.
ثفاقة المجتمع
ويرى مختصون أن نجاح العملة الرقمية يعتمد على مدى تقبل المجتمع العراقي لهذا التحول، خاصة مع وجود شريحة واسعة لا تزال تعتمد على التعاملات النقدية التقليدية، كما أن تعزيز ثقافة التعامل الرقمي بين المواطنين والمؤسسات المالية سيكون عاملاً حاسماً في تحقيق الانتقال السلس إلى هذا النظام.
بدوره رأى الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن، أن "عملية التحول الى الدفع الرقمي يجب أن تكون وفق خطوات مدروسة ومتأنية تراعي وضع العراقيين، باعتبار أن شريحة كبيرة من المجتمع تعيش تحت خط الفقر، وتحتاج إلى المزيد من التوعية للتعامل مع التطور الجديد".
وأضاف حسن في حديث لـ(المدى)، أن "إطلاق العملة الرقمية ستكون له انعكاسات ايجابية خصوصاً في ملف الفساد في مختلف المجالات والمؤسسات حيث ستكون عمليات الدفع إلكترونية"، لافتًا إلى أن "هذا المشروع سيكون ناجحاً في حال تعاملت الحكومة معه بحذر دون ممارسة ضغوطات على الطبقات الفقيرة وتطبيقه وفق مراحل تدريجية وليس دفعة واحدة".
وبحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد، فإن "النقد الرقمي سيحافظ على وظائفه التقليدية كوحدة حساب ومدفوعات وادخار، مع إمكانية استخدامه عبر الإنترنت والهواتف الذكية، ما سيسهم في تطوير بيئة مالية أكثر استقرارا وكفاءة".
وأوضح محمد في تصريح صحفي، أن "أبرز فوائد العملة الرقمية، هي تقليل التسرب النقدي، والحد من تداول العملة الورقية خارج النظام المصرفي، وتقليل الحاجة إلى طباعة النقود بشكل متكرر، ما يخفض التكاليف المرتبطة بإنتاجها وتوزيعها، والسيطرة على التدفقات المالية".
الحكومة العراقية تتجه نحو العملة الرقمية.. تحول في القطاع المصرفي أم مغامرة اقتصادية؟
محاولات للسيطرة على تسريب الأموال

نشر في: 3 مارس, 2025: 01:20 ص