ذي قار / حسين العامل
تباينت الآراء حول قرار محكمة القضاء الإداري القاضي بإبطال اقالة محافظ ذي قار واعادته الى منصبه، ففي الوقت الذي دعا فيه المحافظ مرتضى الابراهيمي الى تجاوز الخلافات والعمل على التصالح مع النفس والاخرين، يجد أعضاء في مجلس المحافظة ان معاودة استجواب المحافظ وكل مسؤول تنفيذي حق قانوني طالما هناك خلل يستوجب ذلك.
وكانت محكمة القضاء الإداري، قد قضت يوم الأحد (2 اذار 2035)، بإلغاء قرار مجلس محافظة ذي قار القاضي بإقالة المحافظ مرتضى الابراهيمي، وأمرت بإعادته إلى منصبه.
وجاء في قرار المحكمة، التي عقدت جلستها برئاسة القاضي عثمان سلمان العبودي أن الأسباب المنسوبة إلى المدعي لم تثبت قانونياً، ولم تتحقق أيٌّ من الحالات الحصرية للإقالة المنصوص عليها في القانون.
وعلى خلفية هذا القرار قال عضو مجلس محافظة ذي قار سلام الفياض في حديث لـ(المدى)، إن "القضاء هو السلطة العليا وكلنا نحترم قراراته وهي ملزمة للجميع ولاسيما مجلس المحافظة".
واستدرك الفياض وهو أحد أعضاء مجلس المحافظة المتبنين لطلب استجواب المحافظ واقالته: "ما نراه ان قرار استجواب المحافظ واقالته كان صحيحا وكنا ملتزمين في جميع القواعد الشكلية والقانونية لكن للقضاء الإداري رؤيته الخاصة ولا سلطة تعلو على سلطة القضاء"، مردفا بالقول: "اننا استقبلنا القرار برحابة صدر".
ويجد عضو مجلس المحافظة ان "من واجب المجلس ان يمارس دوره الرقابي وان الغاء قرار الإقالة لا يمنع من معاودة استجواب المحافظ عند وجود خلل او مخالفات قانونية تستدعي استجوابه مرة أخرى".
واشار الى "رصد مخالفات قانونية جديدة في الفترة التي أعقبت استجواب المحافظ من بينها ملفات قيد التحقيق في هيئة النزاهة وتشكيل المحافظ هيئة استشارية من 53 مستشارا وهو ما كشفته دائرة الرقابة المالية على حد قوله".
ولفت الى، ان "هذه المخالفات وغيرها ستطرح خلال الاستجواب القادم"، منوها الى انه "ليس هناك خلاف شخصي مع المحافظ وانما هناك خلاف وخلل قانوني وفني واداري يدخل تقويمه ضمن إطار عمل مجلس المحافظة ودوره الرقابي".
ومن جانبه دعا محافظ ذي قار مرتضى الابراهيمي أعضاء مجلس المحافظة والقائمين على الشأن السياسي الى "تجاوز الخلافات والعمل لصالح أبناء المحافظة".
وأوضح الابراهيمي: "نحن في غرة شهر رمضان ادعو اخوتي في مجلس المحافظة وكل القائمين على الشأن السياسي ان ندع كل الخلافات جانبا "، مستدركا: "علينا ان نرجع خطوة الى الوراء وان نتصالح مع أنفسنا والاخرين من اجل مصلحة أبناء ذي قار".
ويرى محافظ ذي قار ان "المحافظة تستحق الكثير"، مشيرا الى، ان "قضينا شهور في مناكفات لا طائل منها ولا تعود بالنفع على ابناء المحافظة ولذلك ادعو الى ان ندع الخلافات جانبا وننظر الى الامام من اجل استكمال مسيرة الاعمار وتقديم أفضل الخدمات للمحافظة". وشدد على ان "أي مناكفات ستكون على حساب مصلحة المواطن".وبدوره قال عضو مجلس محافظة ذي قار احمد الخفاجي في حديث لـ(المدى)، ان "مجلس المحافظة يحترم قرارات القضاء ونؤمن بمهنية وحيادية القضاء العراقي".
وأضاف الخفاجي وهو من الفريق غير المتبني لقرار اقالة المحافظ ان "من صلب عمل مجلس المحافظة متابعة عمل إدارة المحافظة والدوائر التنفيذية بمختلف مستوياتها"، وأردف "إذا كان أداء المحافظ مقنعا ومُرضيا خلال الفترة القادمة فسيكون المجلس داعما وساندا لعمله وعمل جميع المدراء والمسؤولين الجيدين".
واسترسل "اما إذا كان هناك خلل في العمل تترتب عليه اضرار جسيمة تلحقها الإدارة في المحافظة فان المجلس لديه صلاحيات وتفويض شعبي بمحاسبة الإدارة التنفيذية وتصحيح اخطائها وقد يرقى ذلك الى مستوى الاستجواب مجددا".
وشدد الخفاجي على ان "يكون تقييم الأداء الحكومي مهني وان لا يخضع للخلافات والمواقف الشخصية وان يعمل الجميع لمصلحة المحافظة والانطلاق باتجاه التعاون المثمر من اجل المحافظة وابنائها".
من جانبه، أصدر مجلس محافظة ذي قار بيانا حول ابطال قراره القاضي بإقالة المحافظ جاء فيه انه "سبق للمجلس أن أوضح أن تصحيح مسارات العمل والتغيير لأجل المصلحة العامة هي ظاهرة صحية وديمقراطية تنتهجها المجتمعات المتحضرة لضمان تقديم أفضل أداء حكومي وهي دليل على التطلع لتحسين الأداء وتطويره".
وتعهد مجلس المحافظة في بيانه بالثبات على تصحيح المسار والعمل على تحقيق ما يتطلع له أبناء ذي قار من إصلاح في مسيرة العمل التنفيذي، مشددا على "مكافحة الفساد الذي استشرى بسبب بعض السياسات الخاطئة واستغلال المنصب لمصالح شخصية أو حزبية مرفوضة، بحسب البيان".
وكان مجلس محافظة ذي قار قرر يوم الثلاثاء (14 كانون الثاني 2025) اقالة المحافظ مرتضى الابراهيمي من منصبه وذلك بعد جلسة استجواب حضرها الأخير وغادرها قبل انتهاء الجلسة، فيما كشفت اللجنة القانونية في المجلس عن اعتراض على عقد جلسة الاستقالة قبل موعدها بساعة واحدة.
وكشف محضر اجتماع التصويت على اقالة المحافظ الذي اطلعت (المدى) على نسخة منه عن انقسام واضح بين اعضاء الكتل الممثلة في مجلس المحافظة ولاسيما كتل قوى الاطار التنسيقي اذ صوت 3 اعضاء من اصل 5 يمثلون تحالف نبني لصالح قرار اقالة المحافظ وصوت عضوان من اصل 4 اعضاء من ائتلاف دولة القانون لصالح القرار ايضا، فيما انشطر تحالف قوى الدولة الوطنية الذي ينتمي له المحافظ الى نصفين اذ صوت احد الاعضاء لصالح الاقالة فيما لم يحضر الاخر جلسة التصويت، بينما حافظت كيانات الماكنة واشراقة كانون وتحالف قيم المدني على تماسكها اذ صوت عضوان يمثلان الماكنة لصالح قرار الاقالة وكذلك صوت ممثلو الاشراقة وقيم الممثلة كياناتهم بواقع عضو واحد في مجلس محافظة ذي قار لصالح قرار الاقالة، فيما لم يشارك تحالف المهمة وائتلاف الاساس العراقي الممثل كل منهما بعضو واحد في عملية التصويت وعدم حضور جلسات الاستجواب والاقالة.
يذكر أن محافظة ذي قار قد استكملت في يوم الاثنين (5 شباط 2024) انتخاب الكابينة الحكومية في جلسة عُقدت بعد تأجيلين في مقر قيادة الشرطة، إذ انتُخب عبد الباقي العمري من تحالف «نبني» رئيساً لمجلس المحافظة، ومرتضى عبود الإبراهيمي من تحالف «قوى الدولة الوطنية» محافظاً.
فيما انتُخب مرتضى جودة عن «إشراقة كانون» نائباً لرئيس المجلس، ورزاق كشيش من «دولة القانون» وماجد العتابي من تحالف «نبني» نائبين للمحافظ. وجاءت التشكيلة الحكومية بمجملها من قوى الإطار التنسيقي، إذ يتصدر العمري قائمة تحالف «نبني» والإبراهيمي قائمة تحالف «قوى الدولة الوطنية» عن تيار الحكمة، فيما توزعت مناصب النواب بين ائتلاف «دولة القانون» وبقية الكتل السياسية المؤتلفة ضمن قوى الإطار.
وكانت الخلافات بين مجلس محافظة ذي قار والمحافظ مرتضى الإبراهيمي، تفاقمت بالتزامن مع اقتراب موعد استجواب المحافظ. اذ تبادل الطرفان الاتهامات، حيث اتهم الإبراهيمي المجلس بالابتزاز، فيما رد المجلس متهماً المحافظ بالتمرد على السلطة الرسمية وتكريس نمط جديد من التمسك بالسلطة.
ويأتي ذلك على خلفية ما أُثير من اعتراضات رسمية وشعبية على قوائم أسماء الفائزين بالعقود المخصصة لمحافظة ذي قار ضمن قانون الموازنة العامة، والبالغة 4529 درجة من أصل 9577 درجة، إذ كشفت قوائم الأسماء المعلنة عن تكرار لعدد من الأسماء وإدراج عدة أسماء من عائلة واحدة، ناهيك عما أُثير من قضايا تتعلق بالابتزاز السياسي وتسريب مقاطع فيديو ومشاهد لا أخلاقية لكبار المسؤولين في المحافظة.
وكانت التحركات السياسية والتصريحات الإعلامية التي أطلقها عدد من أعضاء مجلس محافظة ذي قار في أواخر آذار 2024 قد كشفت عن حراك سياسي لاستقطاب الكتل الصغيرة وتشكيل كتلة أغلبية في مجلس محافظة ذي قار، فيما تحدث مراقبون عن توجهات محلية لإجراء تغييرات جوهرية في تشكيلة الحكومة الحالية التي جاءت عبر صفقة مركزية تبنتها كتل الإطار التنسيقي في بغداد.