TOP

جريدة المدى > سياسية > أتمتة البطاقة التموينية في العراق: بين آمال التحديث وتحديات التنفيذ

أتمتة البطاقة التموينية في العراق: بين آمال التحديث وتحديات التنفيذ

نشر في: 4 مارس, 2025: 12:08 ص

 بغداد/ حيدر هشام

يشهد العراق تحولاً رقمياً في نظام البطاقة التموينية، حيث أطلقت وزارة التجارة مشروع أتمتة البطاقة بهدف تحديث بيانات 32 مليون مواطن وتسهيل حصولهم على الحصص الغذائية. إلا أن هذا المشروع الطموح يواجه تحديات جمة، أبرزها صعوبات في التعامل مع البرنامج الإلكتروني وضعف شبكة الإنترنت، مما أثار استياء العديد من المواطنين.
وقبل قرابة أسبوع، أعلنت وزارة التجارة، إطلاق مشروع أتمتة البطاقة التموينية في بغداد، على أن تليها محافظات إقليم كردستان، لافتة إلى أن المشروع سيكمل الإجراءات لـ 32 مليون مواطن عراقي، خلال الأيام القليلة المقبلة. وتابعت أنه "بعد محافظة بغداد بأسبوع أو أسبوعين سنطلق المشروع في محافظات إقليم كردستان، وهناك تعاون مع حكومة الإقليم في هذا الموضوع وبعد محافظات الإقليم سيتم إطلاقه في البصرة وذي قار والمثنى"، لافتاً إلى أن "الوزارة تطمح لإكمال مشروع الأتمتة في جميع مدن العراق بحلول حزيران المقبل في حال لم تظهر مشاكل فنية تستدعي تمديد المدة". وكانت البطاقة التموينية قد صدرت للمرة الأولى في العراق عام 1990 بعيد غزو العراق الكويت، في محاولة من الحكومة العراقية آنذاك لتخفيف الآثار الاقتصادية التي تسبب بها فرض مجلس الأمن الدولي حصارا اقتصاديا على العراق نتيجة الغزو.
وكان الهدف من اعتماد البطاقة حصول كل أسرة داخل العراق على حصة غذائية شهرية بسعر رمزي، توزع من قبل وزارة التجارة عبر وكلاء التموين في مراكز التموين في كل منطقة ومدينة ومحافظة، لكن سرعان ما تحولت البطاقة التموينية إلى وثيقة رسمية معتمدة بشكل رئيسي في دوائر الدولة العراقية. وأعرب المواطن جمال علي عن استيائه من تطبيق البطاقة التموينية لاسيما وان انجاز التحديث استغرق لديه عدة ساعات. وشخص علي خلال حديثه لـ(المدى) صعوبات عديدة واجهته عند التحديث وابرزها هو احتياج البرنامج الى جودة عالية من خدمة الانترنيت فضلا عن مشكلة التقاط الصور والمطالبة بالتقاطها بأكثر من جانب وغيرها الكثير. وأضاف، انه ضمن المشاكل الاخرى ما يتعلق بضرورة وجود العائلة بأكملها لتحديث معلومات الاسرة، وعدم الاعتماد على المستمسكات الاصلية فقط كالبطاقة الوطنية، لافتا الى اننا ننجبر الوقوف امام الكاميرا لاتخاذ صور وبعدة وضعيات، وهذا امر غير صحيح. وتلاحق وزارة التجارة الكثير من الانتقادات؛ إثر عدم تعاقدها مع شركة رصينة قادرة على توفير برنامج فيه تسهيلات كثيرة واقل تعقيدا من ما هو عليه ويتيح لمختلف المواطنين التعامل من خلاله لا سيما وان الكثير من العوائل العراقية لم تحدث لغاية الان بسبب عدم معرفة التعامل مع البرنامج. الى ذلك، أوضح الباحث بالشأن الاقتصادي، ضياء المحسن، أسباب إخفاق وزارة التجارة في مشروع اتمتة البطاقة التموينية. واشار المحسن خلال حديثه لـ(المدى) الى وجود عدة اسباب وراء تذمر الاسر العراقية من المشروع الذي أطلقته وزارة التجارة بينها اختيار شركة غير مؤهلة وتفتقر إلى الخبرة الكافية أو القدرة التقنية لتنفيذ مشروع بهذا الحجم. ولفت المحسن، الى وجود أخطاء برمجية عديدة تؤدي إلى تعقيد الإجراءات المطلوبة لتحديث البيانات، مثل ضعف شبكة الإنترنت أو عدم توفر أجهزة كمبيوتر كافية في المراكز التموينية مما يجعل العملية صعبة على المواطنين، خاصة كبار السن أو الذين لا يجيدون استخدام التكنولوجيا.
وطالب الخبير بالشأن الاقتصادي، بزيادة مفردات الحصة التموينية والسلة الغذائية التي يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، وخاصة الفئات الأكثر ضعفًا. واكد أهمية هذه الخطوة في تخفيف الأعباء الاقتصادية، خاصة وان شهر رمضان يشهد زيادة في الاستهلاك، مما يزيد الضغط على ميزانية الأسر، وخاصة ذات الدخل المحدود. وزارة التجارة لم تقف مكتوفة الايدي بل بينت موقفها من المشاكل التي تواجه مشروع اتمتة البطاقة التموينية، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي ضمن إطار تحول الحكومة من التعاملات الورقية الى الالكترونية. وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد حنون، ان الوزارة شخصت وجود معاناة للمواطنين في مراجعة مراكز التموينية بشكل مستمر لذلك ذهبت للتعامل بهذه الطريقة لتخفيف الاعباء عليهم. وخلال حديثه لـ(المدى)، بين حنون ان الوزارة بتعاملها بطريقة الاتمتة تسعى لإنهاء الكثير من ملفات الفساد فيما يتعلق بالأسماء الوهمية وأسماء المكررة، بالإضافة الى التدقيق عن الموجودين داخل البلاد. وتابع حنون، أن الوزارة لديها فرق خاصة فنية تتابع مع كل مواطن لديه مشكلة فنية ولدينا معالجات لكبار السن وأصحاب الهمم الذين يواجهون صعوبات من خلال تحديث بياناتهم.
ودعا المتحدث باسم التجارة، المواطنون الذي يواجهون مشاكل في اكمال معاملاتهم بتطبيق البطاقة التموينية، الى مخاطبة الفريق المختص عن طريق البرنامج لتذليل العقبات وحل مشاكلهم باسرع وقت. ولا تقف المزايا عند هذا الحد، إذ يضيف حنون أن البطاقة الإلكترونية ستتيح للمواطن معرفة المواد الغذائية والمنشأ والكمية وتاريخ وصولها إلى الوكلاء وموعد تجهيزها، كما ستوفر قاعدة بيانات كبيرة من خلال استبيان يضم 35 سؤالا ستساعد الإجابة عنها وزارة التجارة في تحديد العوائل التي تحت خط الفقر لغرض استهدافها ببرنامج البطاقة التموينية، كما أشار المتحدث باسم الوزارة.
وتتضمن البطاقة التموينية اسم معيل الأسرة واسم المحلة والزقاق والدار وعدد أفراد العائلة واسم وكيل التوزيع عموما، وعلى الرغم من عدم توفر إحصائية حديثة بعدد الوكلاء فإن تقارير تشير إلى وجود نحو 45 ألف وكيل يتولون توزيع المواد الغذائية.
يشار إلى أن وزارة التجارة تضطر لتوزيع حصة البطاقة التموينية من المواد الغذائية على جميع العراقيين، وذلك لعدم امتلاكها قاعدة بيانات رصينة يمكن أن تعتمد عليها في حجب غير المستحقين ممن هم خارج البلاد أو المتوفين أو أصحاب الشركات وذوي الدخل المرتفع الذين يقدر عددهم بنحو 5 ملايين نسمة، حسب تصريح أدلى به الوكيل الإداري لوزارة التجارة ستار الجابري في تشرين الثاني الماضي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

التحالفات تتحرك بين قوارب السوداني والمالكي بانتظار
سياسية

التحالفات تتحرك بين قوارب السوداني والمالكي بانتظار "بوصلة الصدر"

بغداد/ تميم الحسن حتى الآن، تبدو خارطة التحالفات الانتخابية القادمة منقسمة بين فريقين رئيسيين: فريق يقوده "السوداني"، وفريق "المالكي". وتتحرك القوى السياسية بين هذين الفريقين، حيث لا يمكن حتى اللحظة أن يُسمى تحالفًا انتخابيًا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram