علي حسين
إنتظر المواطن العراقي أن يخرج عليه مسؤول يخبره عن الجهات التي سهّلت سرقة أموال الضرائب وأنتظرنا جميعا صابرين أن يصدر قرار قضائي بمصادرة اموال المتهمين والحكم عليهم باحكام شديدة ، إلا أن العراقيين الذين لا حول ولا قوة لهم اكتشفوا أن المتهم الرئيس نور زهير حوّل بعض من الاموال التي نهبها الى فضائية جديدة تناقض ملفات الفساد في العراق ، وان تابعه نور زهير يتمتع بحريته بفضل قوانين البرلمان العراقي .
هل هناك غموض يحيط بحكاية سرقة القرن؟ المواطن من امثالي يسأل : كيف تمكن شاب من أن يحوِّل كل هذه المبالغ؟ يريدون منا أن نصدّق أنه لا علاقة لبعض السياسيين المتنفذين بهذه السرقة.
بالأمس قرأنا في الاخبار ان المتهم هيثم الجبوري احد المشاركين في " سرقة القرن " مشمول بقانون العفو وسيخرج سالما غانما ، بعد أن " فرهد " مبلغا بسيطا لا يتجاوز الـ 17 مليار دينار هي مجمل حصته في هذه الصفقة وهي حصة صغيرة إذا ما قورنت بحصص الحيتان الكبار .
منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات المفتش العام الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن مهمة الدولة ترسيخ القانون وتطبيقه على الجميع، لكن اللحظة التي تمت فيها تبرأة فلاح السوداني وجمال الكربولي، أثبتت أن العراقيين يعيشون عصر الفرهود المنظم.
تعلمنا من الأحداث التي مرت بالعراق أن اللص الكبير يحتفظ لنفسه بالحصانة الكاملة. بدليل أن مليارات الدولارات ذهبت إلى جيوب مسؤولين كبار دون أن يقول لهم أحد: من أين لكم هذا؟.
الارتباك والتلعثم واضحان في التعاطي مع سرقة القرن، التي اكتشفنا أن النائب السابق هيثم الجبوري أعاد فقط مبلعا زهيدا مبلغ ، وأنه سيحتفظ بالمليارات الباقية، ثم عرضوا لنا المبالغ لكي يطيل المواطن النظر إليها، ويؤمن بأننا دولة قانون. تخيل جنابك أن نائباً سابقاً يلفلف عشرات المليارات من الدولارات فقط لأنه مارس لعبة الابتزاز والصوت العالي في البرلمان والبكاء على أموال الفقراء.. في بلد تخبرنا الاحصائيات الرسمبة بارتفاع نسب البطالة والفقر.
عندما يستسهل المسؤول الكبير، السرقة والنهب وإثارة الفتنة الطائفية، يصبح كل شيء آخر بسيطاً او مبسطاً. كالسطو على مال الغير وبث الفساد في مؤسسات الدولة.
في هذا المكان صدعت رؤوسكم بحكاية هيثم الجبوري ، ومشعان وابو مازن وحنان وعالية وصالح المطلك ومئات غيرهم ، لكني للاسف حتى هذه اللحظة لم اعرف حكاية النائب الذي تحول قبل مدة الى " شارلوك هولمز " عندما قرر ان يلقي القبض على نور زهير وسط العاصمة الروسية موسكو .. وفي النهاية عاد النائب بمعطف من الفرو ، فيما ينتظر نور زهير ان يُشمل بالعفو اسوة بتابعه هيثم الجبوري.