بغداد/ محمد العبيدي
عاد إلى الواجهة مجددًا اتفاق سنجار، الذي أبرم بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان برعاية الأمم المتحدة عام 2020، بعد رسالة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي دعا فيها إلى إلقاء السلاح وحل الحزب، مما أثار تساؤلات حول إمكانية تنفيذ بنود الاتفاق المتعثرة منذ سنوات.
وفي مخيمات دهوك يترقب المهجرون تنفيذ الاتفاق الجديد الذي قد يتيح لهم العودة إلى ديارهم، وسط آمال بأن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة إعمار سنجار وإنهاء سنوات من النزوح والمعاناة.
ويبسط عناصر حزب العمال الكردستاني سيطرتهم على أجزاء واسعة من سنجار، حيث يفرضون نفوذهم على المفاصل الأمنية والإدارية، ما يعطل تنفيذ الاتفاقات الرامية لإعادة الاستقرار، ورغم الدعوات المتكررة لإنهاء وجودهم، لا تزال تلك الجماعات تحتفظ بمواقعها، ما يعرقل عودة النازحين ويؤجل جهود الإعمار في المدينة التي تنتظر منذ سنوات استعادة حياتها الطبيعية.
اتفاق سنجار
ومع تلك التطورات، عاد إلى الواجهة مجددًا اتفاق سنجار الذي أبرمته الحكومة العراقية السابقة لإنهاء الوجود المسلح في القضاء، وسط آمال بانسحاب مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتمكين السلطات المحلية من بسط نفوذها، وهو مسار يبدو أنه يواجه تعقيدات جديدة.
وفي هذا السياق، قال النائب الايزيدي السابق، أمين فرحان، إنه "بعد إعلان عبدالله اوجلان عن رسالته لحزب العمال الكردستاني بترك السلاح والانخراط بالعمل السياسي حصرًا، صرّح بعده مباشرة قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بان إعلان أوجلان لا يخص قواته كون الأخيرة غير تابعة لحزب العمال الكردستاني، وفي هذا الخصوص فان المجموعة المسلحة التابعة لفكر أوجلان في سنجار من حيث الواقع قريبة جغرافيا وعملياتيا إلى قوات سوريا الديمقراطية بسبب العوامل الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية".
وأوضح فرحان لـ(المدى) أن "إمكانية تطبيق اتفاقية سنجار في الوقت الراهن بعيدةٌ جدا عن الواقع، وهنا يجب على إقليم كردستان البحث عن تفاهم بصيغة أخرى مع الحكومة الاتحادية، لكون اتفاقية سنجار قد وقعت في زمن حكومة الكاظمي، وأغلب أطراف الحشد الشعبي كانت ومازالت بالضد منها إضافة إلى بعض الأوساط الايزيدية".
ومنذ بروز تنظيم داعش عام 2014، توسع نفوذ حزب العمال الكردستاني بشكل غير مسبوق في بعض مناطق إقليم كردستان، كما تمكن من بناء شبكة علاقات واسعة مع فصائل عراقية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى.
أهمية سنجار للـ(pkk)
وتكتسب سنجار أهميتها لحزب العمال الكردستاني المحظور في العراق باعتبارها نقطة استراتيجية تستخدم كمنطلق لتنفيذ الكثير من عملياته، إضافة إلى كونها امتدادًا جغرافيًا يربط بين مناطق نفوذه في شمال سوريا، حيث تسيطر وحدات حماية الشعب التابعة له منذ أربع سنوات تحت مظلة الإدارة الذاتية الديمقراطية.
كما تمثل سنجار حلقة وصل برية بين مقاتلي الحزب في القضاء وامتداداته نحو جبال قنديل، المعقل الرئيسي له، ما يمنحه قدرة على التحرك بين مناطق نفوذه في العراق وسوريا.
ونصّت اتفاقية سنجار، الموقعة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان برعاية الأمم المتحدة عام 2020، على إنهاء الوجود المسلح في القضاء، حيث تقرر أن تتولى الشرطة المحلية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات حصراً مسؤولية الأمن داخل سنجار، مع إبعاد جميع التشكيلات المسلحة الأخرى وعدم السماح لها بأي دور في المنطقة، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني والفصائل المرتبطة به.
وشملت الاتفاقية ترتيبات إدارية تتضمن اختيار قائممقام جديد وإعادة هيكلة الإدارة المحلية بما يضمن مشاركة جميع الأطراف وفق تفاهمات بغداد وأربيل، كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للإشراف على إعادة إعمار القضاء وتوفير الظروف الملائمة لعودة النازحين الذين لا يزالون عالقين في المخيمات منذ سنوات.
آلية التنفيذ
وفي هذا السياق، أكد الباحث بالشأن الأمني عماد علو، أن "رسالة أوجلان أعادة اتفاقية سنجار إلى الواجهة، لكن تفاصيلها لا تزال غير واضحة حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بآلية نزع السلاح أو تسليم الأسلحة من قبل حزب العمال الكردستاني (PKK)، بالإضافة إلى مستقبل القوات التركية في شمال العراق وإقليم كردستان".
وأوضح علو لـ(المدى) أن "هناك تساؤلات عديدة لم تتم الإجابة عنها بعد؛ مثل أماكن انتشار القوات العراقية، وتوقيت وكيفية تنفيذ انسحاب أو بقاء جزء من القوات التركية في المنطقة".
وأشار إلى أن "تنفيذ الاتفاقية يعتمد بالدرجة الأولى على الجانب العراقي، ممثلاً بالحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، إضافة إلى الجهات السياسية التابعة لحزب العمال الكردستاني، من أجل ترتيب الأوضاع الأمنية في سنجار بشكل يضمن الاستقرار".
رسالة أوجلان تعيد اتفاق سنجار إلى الواجهة.. هل تتخلص المدينة من "براثن" العمال الكردستاني؟

نشر في: 5 مارس, 2025: 01:03 ص