بغداد/ المدىفيما العواصف السياسية تضرب من حولنا في تونس ومصر وبقية بلدان المنطقة حيث بدا للمرة الاولى ان معركة الحرية السياسية والديمقراطية التي بدأها العراق أثمرت، واظهرت في الاقل صحة ما جادل به العراقيون اشقاءهم العرب بشأن النظام الدكتاتوري السابق، نجد نحن جماعة من المثقفين العراقيين ان الديمقراطية والحرية السياسية في بلدنا تمر بمحنة حقيقية.
لقد عطلت الدولة طيلة ثمانية شهور لتولد بعدها حكومة اكثر محاصصة من سابقتها، ومخن ثم فهي اكثر عجزا عن حل اية مشكلة، وما زالت هذه الحكومة تنتظر توزيع وزاراتها الامنية والخدمية المهمة بعد باسلوب متهافت ومفضوح نتوقع منه ان تتمخض عنه اختيارات تتصف باللامهنية وتصب في مصلحة اهداف حزبية ضيقة. لقد سرق سياسيون هواة الوقت من حياة العراقيين من اجل حصصهم في الوزارات والمؤسسات؛ ولان اهدافهم لا تتعدي مصالحهم فهم حتى الان لم يلبوا اقل احتياجات المواطنين في الامن والكهرباء والسكن والصحة والتعليم والغذاء والخدمات وغيرها.لقد جرت في بلدنا انتخابات نيابية لمرتين، وكانت النتائج في المرتين متماثلة، من حيث المحاصصة وتوزيع المناصب بطريقة غير مهنية. ان التجربة علمتنا في هاتين المرتين، ان النظام السياسي المتولد عنهما لم يستطع ان يبني الدولة العراقية، بل العكس اجهز على نسيجها المهني لمصلحة السياسي والمؤقت والفاسد، كما انه لم يحقق شيئا يذكر في كل ميادين الاقتصاد والتعليم والصحة والصناعة والزراعة والكهرباء.واذا كان الوزراء لا يبلغون عن الفاسدين والمرتشين في وزاراتهم، فهل نتوقع قيام هؤلاء الوزراء بواجباتهم المهنية؟ فهم اذن متورطون بهذا الفساد لان التستر عليه هو شكل من اشكال الحماية والمشاركة. ان الفساد يعمم، وتبدو سلطة المال الان متطامنة اكثر مما مضى مع سلطة السياسة التي يقودها الهواة. والحال ان الارهاب الذي حول عاصمتنا الجميلة ومدننا الحبيبة الى مجموعة من الجزر التي تفصل بينها الجدران الكونكريتية العازلة، هذا الارهاب الذي تنفق الحكومة الملايين من اجل محاربته، ينمو يوميا وسط البؤر الفاسدة التي تتعاون فيها سلطتا السياسة والمال. ان كل الكلام الحكومي عن محاربة الارهاب والعنف في المجتمع هو محض هراء ما دامت الحكومة تعيد انتاجه من خلال فساد ادارتها، واخفاقها الفاضح.اننا نشهد اليوم، النتائج الحقيقية لاختزال الديمقراطية الى مجرد انتخابات تجري كل اربع سنوات، ترتفع فيها حمى الصراع والتنافس ثم تقاسم المغانم، ما من هدف حقيقي واحد تحقق على مستوى بناء الدولة المدنية، ما من مكسب مؤكد تحقق، حتى المكاسب المادية تتآكل بفعل تدني الخدمات. ان من يهيمن على الدولة الان هو نظام سياسي عاجز عن تحقيق أي هدف موضوعي غير ما يقدمه من مكاسب الى الاحزاب والسياسيين الذين حولوا الدولة الى بقرة حلوب. هؤلاء بسبب القوة التي باتوا يتمتعون بها، قوة المال والموقع الاداري والسياسي، لم يعودوا مخلصين لاي قضية شعبية عادلة، فما بالكم بقضية الديمقراطية والحريات المدنية والثقافية؟اننا نذكر هنا بالماضي القريب حين قام النظام السياسي في الحقبة الدكتاتورية المقيتة بالهيمنة على الدولة، فأدى سقوطه الى سقوط الدولة، ها نحن نجدنا في دورة سياسية جديدة يكرر فيها السياسيون الخطأ نفسه لكن بشعارات الديمقراطية، ما يضفي جوا من النفاق السياسي، ويخلق لا مبالاة كاملة لدى مواطنين لم يحصدوا حتى الان غير العنف والحرمان والتسويف وتضييع فرص التقدم والبناء.نحن نرى ان الافق السياسي يبدو مشوشا جدا في ظل عجز حكومي، ومحاولات متكررة لثلم الحريات المدنية التي تجرى تحت ذرائع تتصف بالوقاحة، والفساد الذي ينخر جسد الدولة، وانعدام المسؤولية الذي تتصف به النخب السياسية المهيمنة، والارهاب الذي ينتقي بين الحين والحين اهدافا حيوية. إزاء كل هذا نخشى نحن مجموعة من المثقفين العراقيين من ان تصل اوضاع بلدنا الى الحافات السياسية الخطرة، من هنا نحذر الحكومة والبرلمان من مغبة استمرار هذه الاوضاع. وهذا بعض من مسؤوليتنا الثقافية والاخلاقية والوطنية أمام شعبنا؛ ما يجعلنا مطالبين بالوقوف مع نضاله من دون تردد دفاعا عن خبزه وحريته وكرامته الوطنية وحقوقه المدنية والديمقراطية.ان الحراك الجماهيري الذي يشهده العراق هذه الايام يعني فيما يعني ان العراقيين الان اكثر يأسا من الحكومة والبرلمانيين، فهاتان المؤسستان ثبت تخبطهما ومن ثم عجزهما، فهما يدوران على انفسهما ومصالح افرادهما، بينما تقوم قوى غير ديمقراطية بتفسير القوانين على طريقتها وتحول الديمقراطية الى شعار زائف.اننا نحن المثقفين نقف مع شعبنا في نضاله المدني العادل المشروع ومطالبه العادلة:أولا- مع شعبنا في توفير الامن..ثانيا- مع شعبنا في توفير العمل لالاف العاطلين، ومعالجة الاخطاء الاقتصادية..ثالثا- مع شعبنا في مطالبه بالقضاء على الفقر..رابعا- مع شعبنا في صون حرية التظاهر وإبداء الرأي..خامسا- مع شعبنا في تطهير الدولة من الفاسدين والمفسدين واتخاذ اجراءات قانونية قوية لمعاقبتهم..سادسا- مع شعبنا في تخليص ارادته المدنية من تلاعب الطائفيين والمعادين للديمقراطية والعملية السياسية..سابعا- مع شعبنا في بناء دولة تحتكم للقانون والعدالة وتمنع المتاجرين بمؤسساتها..ثامنا- مع شعبنا في توفير الغذاء والصحة والتعليم والخدمات..ت
مثقفون عراقيون يستقيلون من صمتهم:ديمقراطية العراق وحريته فـي محنة
نشر في: 15 فبراير, 2011: 07:30 م