متابعة المدى
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، امس السبت، بأن "مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية شهدت أحداثا مؤلمة.. راح ضحيتها المئات من المواطنين بينهم نساء وأطفال".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "قوات الأمن وعناصر وزارة الدفاع والقوات الرديفة لها قامت بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وسط غياب الرادع القانوني لهؤلاء". وأودت العمليات التي أدانها المرصد السوري لحقوق الإنسان، بحياة 340 سوريا.
ووقعت الحصيلة الأكبر من القتلى في اليوم الأول، بمدينة بانياس في ريف طرطوس، حيث قتل 60 مدنيا في هجوم مكثف، وفقا للمرصد. وطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتحرك العاجل وإرسال فرق تحقيق دولية مختصة لتوثيق الانتهاكات الجسيمة التي طالت المدنيين.
ودعت لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، في وقت سابق امس، جميع الأطراف، في البلاد إلى ضبط النفس لتجنب المزيد من العنف مع تصاعده في اللاذقية وطرطوس وحماة.
ودفعت وزارة الدفاع السورية، أمس الاول الجمعة، بتعزيزات عسكرية تضم دبابات وعربات مصفحة إلى مناطق الاشتباكات في الساحل السوري، بعد سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات مع فلول النظام السابق.
واندلعت الاشتباكات الخميس، في المنطقة الساحلية السورية بعد سلسلة من الهجمات والكمائن التي ألقي باللوم فيها على أنصار الأسد المسلحين استهدفت قوات الحكومة الانتقالية. وتتواصل الاشتباكات في الشوارع في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين. وقال المرصد إن القتال الدائر قرب مستشفيين في عاصمة محافظة اللاذقية، أسفر عن سقوط ضحايا من الجانبين.
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نفذت السلطات حملات أمنية بهدف ملاحقة ما تصفها بـ "فلول النظام" السابق في سوريا، شملت مناطق يقطنها علويون خصوصاً في وسط البلاد وغربها.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالاً انتقامية، وعادة ما تضع السلطات هذه الانتهاكات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.
وتحدث عدد من السوريين لبي بي بي سي، معبرين عن آرائهم بشأن العملية العسكرية والأمنية في الساحل السوري.
وعبرت شابة علوية تعيش في اللاذقية لبي بي سي، عن "الخوف الذي يتملك الناس، سواء القاطنين في الساحل أو دمشق"، وأشارت إلى حالة من الذعر بسبب ما وصفته بـ "التحريض الجاري".
وقال شاب يعيش في درعا جنوبي سوريا، إنه يعارض أي "مساس بأي أحد يعيش في الساحل السوري وغير متورط في الأحداث"، وأضاف أنه تواصل مع أشخاص يعيشون في اللاذقية، وأخبروه أن الأوضاع غير مستقرة بعض الشيء.
وتحدث شاب آخر من درعا لبي بي سي، وقال إن ما حدث لم يكن عشوائياً أو عفوياً، بل كان "مخططاً له"، وإن الغاية منه كانت السيطرة على مدن الساحل بشكل كامل.
وحمّلت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، ذات الأغلبية الكردية، السلطات في دمشق مسؤولية الاشتباكات الحالية في مناطق مختلفة من الساحل السوري.
وقالت الإدارة، في بيان، إن السبب وراء هذا التصعيد "هو القراءة غير الصحيحة للواقع السوري من قِبل السلطات في دمشق، وعدم الأخذ بعين الاعتبار حساسية الوضع، وخاصة التنوع في المكونات والأطياف"، على حد تعبيره.
وناشد البيان جميع الأطراف في سوريا "وقف التصعيد واللجوء إلى الحوار"، داعياً الشعب السوري إلى "عدم الانجرار خلف من يحاول إشعال حرب أهلية" في البلاد، ومؤكداً أن سوريا "بحاجة إلى حوار وطني حقيقي لمناقشة سبل الوصول بها إلى بر الأمان، وحل كافة التناقضات والمشاكل العالقة بين كافة القوى".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش عن قلقه إزاء الاشتباكات الأخيرة في المناطق الساحلية في سوريا، بما في ذلك التقارير حول سقوط ضحايا من المدنيين.
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام يدين بشدة كل أعمال العنف في سوريا داعيا الأطراف إلى حماية المدنيين ووقف الأعمال العدائية.
وأضاف أن "الأمين العام يشعر بالقلق إزاء خطر تصعيد التوترات بين المجتمعات في سوريا في وقت ينبغي أن تكون فيه المصالحة والانتقال السياسي السلمي على رأس الأولويات بعد 14 عاما من الصراع، فالسوريون يستحقون السلام المستدام والازدهار والعدالة".
بدوره، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسون في ظل استمرار تطورات الأوضاع وسعينا للتأكد من الحقائق بدقة، فإن هناك حاجة فورية لضبط النفس من جميع الأطراف، وضمان الاحترام الكامل لحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي".
وشدد المبعوث الأممي على أنه ينبغي على جميع الأطراف الامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى تأجيج التوترات، أو تصعيد النزاع، أو تفاقم معاناة المجتمعات المتضررة، أو زعزعة استقرار سوريا، أو تقويض انتقال سياسي ذي مصداقية وشامل للجميع.
وعلى صعيد متصل، أدان الأردن ما وصفها بـ "المحاولات، والمجموعات، والتدخلات الخارجية، التي تستهدف أمن سوريا ومؤسساتها الأمنية".
وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن محاولات "دفع سوريا نحو الفوضى والفتنة والصراع جرائم تمثل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة"، على حد تعبيره.
فيما أعربت وزارة الخارجية العراقية، عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية الجارية في سوريا، مؤكدة موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين. وذكرت الوزارة - في بيان لها امس السبت - أنها "تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الجارية في سوريا وما تنطوي عليه من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكدت "موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع"، مشددة على "أهمية ضبط النفس من جميع الأطراف، وتغليب لغة الحوار واعتماد الحلول السلمية بدلا من التصعيد العسكري".
وأعربت الوزارة، عن رفضها المطلق لاستهداف المدنيين الأبرياء، محذرة من أن استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار في المنطقة مما يعيق جهود استعادة الأمن والسلا
بدورها، حذرت تركيا، من أي "استفزاز يهدد السلام" عقب اندلاع الاشتباكات في المناطق الساحلية السورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أونجو كيتشيلي، إن "التوترات في اللاذقية ومحيطها واستهداف قوات الأمن قد يقوّض الجهود الهادفة الى قيادة سوريا نحو الوحدة والأخوّة"، محذراً من أن "مثل هذه الاستفزازات يمكن أن تصبح تهديداً للسلام في سوريا والمنطقة"، على حد تعبيره.
وأدانت قطر ما وصفته بـ "الجرائم التي ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون" واستهدافها القوات الأمنية في سوريا.
وأكدت وزارة الخارجية القطرية تضامن الدوحة ووقوفها مع الحكومة السورية "ودعمها لكل ما تتخذه من إجراءات لتوطيد السلم الأهلي وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد".
وأعربت وزارة الخارجية الإيرانية، عن "معارضتها الشديدة قتل سوريين أبرياء وإلحاق الأذى بهم"، على حد وصفها.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في بيان، إن إيران "تعارض بشدة انعدام الأمن والعنف وقتل سوريين أبرياء وإلحاق الأذى بهم من أي جماعة أو عشيرة، وتعتبر ذلك بمثابة تمهيد للطريق لنشر انعدام الاستقرار في المنطقة".
ودعت روسيا، إلى "التهدئة" ووضع حد لـ"سفك الدماء" في سوريا. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: "ندعو القادة السوريين القادرين على التأثير على تطور الوضع ميدانيا الى بذل أقصى جهودهم من أجل وضع حدّ لسفك الدماء في أسرع وقت ممكن"، مؤكدة استعداد بلادها "لتنسيق الجهود بشكل وثيق مع الشركاء الأجانب لتهدئة الوضع".