 السليمانية/ سوزان طاهر

شُيد جامع السليمانية الكبير أو مسجد الشيخ أحمد الذي تبلغ مساحته 6 آلاف متر مربع، والذي يتسع لأكثر من ألفي شخص من قبل الأمير إبراهيم باشا بابان عام 1784م، وهو أوّل مسجد أُسس في المدينة ويقع في مركزها وهو من مساجد العراق الأثرية، وفيه مرقد الشيخ أحمد، كما يضم مرقد الشيخ محمود الحفيد.

والجامع الذي يتوسط سوق مدينة السليمانية، بات ملجأ الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، وخاصة في أيام شهر رمضان، حيث يقدم وجبات الطعام لتلك الشرائح على طول أيام الشهر، وبكميات كبيرة.
وتحوّل الجامع بعد سنوات من تأسيسه إلى بيت للفقراء والمُتعفّفين واللاجئين وعابري السبيل بتقديم وجبة طعام مكونة من الأرز والدجاج والمرق، وزاد ذلك عام 1820، حيث كان يشرف عليه حينها رجل الدين الكردي المعروف باسم الشيخ أحمد عندما ضربت أزمة اقتصادية المدينة وطلب على إثرها من تجار السليمانية فيها مساعدة الفقراء والمحتاجين، فأسس مطعما وألحقه بالجامع وصار يُقدم الطعام باستمرار.
وفي بادرة إنسانية فريدة من نوعها، أطلق الجامع الكبير في مدينة السليمانية حملة لتوزيع وجبات إفطار مجانية للفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان المبارك. هذه المبادرة، التي بدأت منذ سنوات، تواصل الإضاءة على روح التعاون والتكافل الاجتماعي في هذا الشهر الفضيل، وتسلط الضوء على جهود المجتمع المحلي في دعم الفئات الأكثر احتياجًا.

4 آلاف وجبة إفطار
وبهذا الصدد يقول الشيخ عبد الله أحمد أحد الخدام في الجامع الكبير في السليمانية إن، المسجد فيه مطعم يقدم الوجبات على طول أيام السنة، لكنه خلال شهر رمضان يعمل على تقديم أكثر من 4 آلاف وجبة إفطار.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى)، إلى أن "الجامع الكبير يعتمد على التبرعات التي تأتي لإدارة المسجد من التجار وميسوري الحال، الذين تنقسم تبرعاتهم إلى شقين، منهم من يقدم الأموال، ومنهم من يقدم المواد العينية، مثل الرز، والسمن، والخبز، والدجاج، وغيرها".
وأضاف أن "الجامع الكبير يقدم وجبات الإفطار في رمضان، وفي غير رمضان، يقدم وجبات الغداء، والعشاء، على الطبقات الفقيرة، وعمال التنظيف، ومن ينقطع به السبيل من خارج المدينة، وهذا الأم يستمر على طول أيام السنة".

لا فرق بين المكونات
من جانب آخر يؤكد الناشط أنور عثمان أن، المطعم الخيري مستمر بتقديم وجبات الطعام في الجامع الكبير منذ سنوات طويلة، ولا يفرق بين القوميات والطوائف، ومن يقومون بالطبخ والتوزيع هم من المتطوعين.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) إلى أن "هذه الخطوة استمرت بفضل تبرعات التجار، وخاصة من أصحاب المحلات داخل سوق السليمانية، الذين يزودون المطعم الخيري بالتبرعات على طول أيام السنة، وبكميات كبيرة". وتابع أن "الهدف من خلال هذه المبادرة، هو نشر رسالة العطاء والإخاء، والسعي لأن يكون الجميع، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي، جزءًا من روح شهر رمضان."

مواد غذائية وصحية
ويعمل جامع السليمانية الكبير على توفير الوجبات ليس فقط للمحتاجين في المدينة، ولكن يشمل أيضًا الفقراء من القرى المجاورة. وبالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية المحلية، يتأكد القائمون على هذه المبادرة من أن الوجبات تحتوي على مواد غذائية صحية ومتوازنة، لتلبية احتياجات الأفراد والعائلات. أحمد وهو مواطن سوري عامل في السليمانية يشير إلى أن، المطعم الخيري في الجامع الكبير يقدم الخدمات للفقراء والمحتاجين ولا يفرق بين أحد. ويضيف في حديثه لـ (المدى) إلى أنه "باستمرار يذهب للجامع الكبير، وبعد الصلاة يتناول وجبة الإفطار، والآلاف من العاملين والنازحين والفقراء، يأتون للمسجد، ليتناولوا الطعام، وخاصة من ذوي الدخل المحدود". تستمر الحملة طوال أيام شهر رمضان، مما يعكس الالتزام العميق للمسؤولين في الجامع الكبير بدعم القيم الإنسانية في المجتمع. إضافة إلى ذلك، يعتبر هذا المشروع بمثابة فرصة لتعزيز قيم التعاون والمساعدة بين الأفراد في وقت يشهد فيه العالم تحديات اقتصادية وصحية غير مسبوقة. والعام الماضي تم إغلاق الجامع الكبير، بسبب حملة التعمير التي كان يشهدها المسجد، للحرام الداخلي، والباحة الخارجية، وعاد بطراز معماري جديد، يتضمن زخرفة الجدران الخارجية، وفرش الحرم.