TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في محبة المرأة

العمود الثامن: في محبة المرأة

نشر في: 9 مارس, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو بوفوار في كتابها "الجنس الآخر"، العصر الذي اطلقت فيه عبارتها المشهورة: لا "يولد المرء امرأة بل يصبح كذلك". وقد أثار الكتاب في حينه ضجة كبيرة في فرنسا وخارجها، وقبل سيمون أطلق شاعرنا الزهاوي دعوته الشهيرة لمنح المرأة حقوقها:
وكل جنس له نقص بمفرده
أما الحياة فبالجنسين تكتمل
يكتب علي الوردي: "في عام 1910 قامت ضجة كبرى في العراق حول قضية تحرير المرأة اشترك فيها صفوة المفكرين وقادة الرأي، وعلى رأسهم الزهاوي الذي كتب عددًا من القصائد تدعو إلى السفور دفعت العامة من الناس إلى اعتباره كافرًا يريد إفساد أخلاق الناس ودينهم، وقد سببت له كتاباته الكثير من المتاعب وانتهت بتسريحه من وظيفته في إحدى مدارس بغداد. خلال الشهور الماضية تجددت معركة الزهاوي حول حرية المرأة، لكن لم تكن شوارع الحيدرخانة مسرحًا لها وإنما البرلمان الذي لا يعرف من هو صاحب "أسفري يا ابنة فهر" هذه المرة لم يجد الزهاوي نفسه في مواجهة مع شيوخ جامع الحيدرخانة ، وإنما مع أحزاب سياسية تصر على أن نعيش معها عصر الحريم.. ففي الوقت الذي صدح فيه صوت الزهاوي في بغداد قبل أكثر من قرن ، يفتي لنا بعض النواب أن قانون العنف الأسري لا يصلح لمجتمعنا، لأننا دولة محافظة وعلى المرأة أن ترضى بالمقسوم، وان زواج القاصرات سيجعل العراق في مقدمة البلدان ، وأجزم لو أن الزهاوي عاد حيًا لأعلن استعداده لخوض المعركة من جديد دفاعًا عن حرية المرأة.
نتذكر الزهاي ودفاعه عن الحرية والعلم في الوقت الذي تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لقبر الشاعر والفيلسوف، حيث يمتلئ ضريحه بالنفايات وكأنه مستودع.
الزهاوي الذي عاش زمنا ساخنا، كان رجلا مسالما يكره كل ماهو قسوة وعنف ومعارك، إلا معركة الدفاع عن قضايا المرأة، فالرجل الذي ينحدر من عائلة دينية معروفة في بغداد نذر نفسه للدفاع عن حق المرأة في المساواة وحقها في أن تصبح عنصرًا فاعلًا في المجتمع، وكان يدرك أن معركته هذه ستجلب له المتاعب، وتجعل منه لقمة سائغة للمتشددين.
ظل يواصل تحديه للأفكار السائدة:
مزقي يا ابنــــة العـــراق الحجابـــــــا
أســـفري فالحياة تبغي انقلابـا
عبر الزهاوي عن اعترافه الكامل بدور المرأة المهم والكبير في الحياة الأسرية والمجتمع وبناء الوطن ، فيما نعيش اليوم مع برلمان لم يسمع باسم الزهاوي ويريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ، دون ان يدرك أن التاريخ لا يرحم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram