بغداد/ محمد العبيدي
تتسارع وتيرة التحذيرات الاقتصادية في العراق، من إجراءات أمريكية قد تطال البنك المركزي العراقي، وشركة تسويق النفط (سومو)، في ظل حديث متزايد عن إمكانية فرض عقوبات جديدة من قبل واشنطن.
ويرى مختصون أن هذه العقوبات، في حال تنفيذها، قد تؤدي إلى اضطراب واسع في السوق المالية العراقية، وتؤثر بشكل مباشر على تعاملاته المصرفية الدولية، فضلًا عن عرقلة صادرات النفط التي تشكّل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية.
ومع استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية، تتزايد التساؤلات حول مدى قدرة بغداد على التعامل مع هذا التحدي، وما إذا كانت الحكومة تمتلك خططًا بديلة لتخفيف حدة الصدمة المحتملة.
التحذيرات وصلت رسمياً
ومؤخرًا، كشف عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى سند، عن تلقي القوى السياسية العراقية تهديدات مباشرة من السفارة الأمريكية، تتضمن فرض عقوبات على البنك المركزي العراقي وشركة تسويق النفط (سومو)، بالإضافة إلى شخصيات بارزة.
وأضاف سند، في تصريح تلفزيوني، أن "التهديدات شملت أيضًا الحسابات البنكية الشخصية، مع إمكانية فرض حظر عليها".
بدوره، رأى المختص في مجال الطاقة، صلاح الموسوي أن "العقوبات المحتملة على شركة تسويق النفط العراقية (سومو) غير مبررة، باعتبارها لم ترتكب أية مخالفة؛ سواء وفق المعايير العالمية أو القوانين الأمريكية".
وقال الموسوي في حديث لـ(المدى) إن "عمليات تهريب النفط تتم عبر جهات معروفة داخل العراق، حيث يتم نقل النفط إلى ميناء بندر عباس الإيراني، ومن هناك يتم بيعه بأسعار منخفضة تصل إلى 20 دولارًا للبرميل، أو خلطه بالنفط الإيراني وبيعه بأوراق مزورة في الأسواق العالمية على أنه نفط عراقي، لكن ذلك ليست بواسطة سومو".
وشدد على أن "العقوبات الأمريكية كان يجب أن تستهدف الجهات الحقيقية المتورطة في تهريب النفط، بدلًا من فرضها على شركة سومو التي تعمل وفق القوانين".
تهريب النفط
وكشف تقرير لوكالة "رويترز" عن وثائق مسربة تؤكد تورط جهات عراقية في عمليات تهريب النفط الإيراني عبر شركة تسويق النفط (سومو)، حيث تم تصدير شحنات نفطية على أنها عراقية، رغم أنها في الواقع إيرانية، وذلك باستخدام ناقلات مسجلة بأسماء مختلفة ووثائق منشأ مزورة.
وعلى سبيل المثال، فإن إحدى هذه الناقلات، وهي السفينة "ريمي" التي ترفع علم بنما، كانت متجهة إلى ماليزيا في شباط 2023 محملة بمليون برميل من النفط المسجل كمصدر عراقي، بينما كانت تحمل في الوقت نفسه شهادة منشأ ثانية صادرة عن شركة النفط الوطنية الإيرانية.
وبحسب وزير الخارجية الأسبق، هوشيار زيباري، فإن الإدارة الأمريكية تناقش بجدية فرض عقوبات على البنك المركزي العراقي وشركة تسويق النفط (سومو)، ما قد يؤدي إلى شل قدرة الحكومة العراقية على تمويل المشاريع ودفع رواتب الموظفين.
وأضاف زيباري، في لقاء متلفز أن التأثير المالي الأمريكي على العراق يشكل تهديدًا خطيرًا، مشددًا على ضرورة اتخاذ الحكومة تدابير عاجلة لتجنب هذه المخاطر، خصوصًا أن شركة سومو قد تكون مستهدفة بشكل خاص.
تخفيف من أثر العقوبات
لكن عضو لجنة الطاقة النيابية هاتف الساعدي، قلل من تأثير العقوبات المحتملة على تدفق النفط العراقي نحو الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أنها "لن تؤثر على الاقتصاد العراقي، والقطاع النفطي في البلاد قادر على التعامل مع أي تطورات قد تطرأ في هذا الملف".
وقال الساعدي لـ(المدى)، إن "الحكومة تمتلك بدائل وخططًا تمكنها من الاستمرار في تصدير النفط دون أن تتأثر العائدات المالية، كما أن العراق لديه علاقات واسعة مع مختلف الأسواق العالمية، ما يجعله أقل عرضة للتأثيرات السلبية".
وأضاف أن "سومو تلعب دورًا أساسيًا في تأمين الإيرادات النفطية، وأن أي إجراءات دولية لن تعيق عملها بالشكل الذي قد يؤثر على الاقتصاد الوطني "مؤكدًا أن "الحكومة تتابع التطورات عن كثب وتتخذ الإجراءات اللازمة لضمان استقرار القطاع النفطي".
وكانت تقارير تحدثت عن أن ناقشات دارت داخل وزارة النفط بشأن السيناريوهات المحتملة في حال فرض عقوبات أمريكية على صادرات العراق النفطية، حيث تبحث الوزارة، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، تداعيات هذه العقوبات ومدى تأثيرها على قطاع الطاقة والاقتصاد الوطني.
ويُنظر إلى الصناعة النفطية العراقية على أنها تعتمد بشكل كبير على الشركات الأجنبية، في وقت تسعى فيه بغداد إلى رفع إنتاجها إلى نحو 7 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027، ما يجعل أي عقوبات محتملة تهديدًا مباشرًا لهذه الخطط.
سومو والبنك المركزي يواجهان ضغوطاً أمريكية.. النفط العراقي في مهب العقوبات
البرلمان يقلل من تأثيرها ويبدي استعداده لمواجهة أي تطورات

نشر في: 9 مارس, 2025: 12:09 ص