بغداد/ تميم الحسن
دخل العراق رسميًا في "حظر الغاز الإيراني"، فيما بدأت تحذيرات سياسيين عراقيين تتصاعد بشأن تغييرات متوقعة في "عهد ترامب".
وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أن العراق لم يبلغ رسمياً بإنهاء الإعفاءات على الغاز الإيراني المستورد.
وقال في تصريحات تلفزيونية، إن الحكومة وضعت سيناريوهات لمواجهة أي تطورات تتعلق باستيراد الغاز الإيراني.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية، العراق، يوم الجمعة 7 آذار 2025، إلى إيقاف الاعتماد على مصادر الطاقة الإيرانية "في أقرب وقت".
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، إنه "في هذه المرحلة، ليس لدينا ما نعلنه فيما يتعلق بالإعفاء الحالي للكهرباء، الذي ينتهي في الثامن من شهر آذار الجاري".
وأشارت بروس إلى "ضرورة قطع اعتماد العراق على الطاقة الإيرانية"، مضيفةً: "نطلب من الحكومة العراقية إيقاف اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أقرب وقت ممكن".
وأضافت المتحدثة: "نرحب بتعهد رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة".
وتصدر إيران نحو 50 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز إلى العراق في أوقات الذروة.
وفي شباط الماضي، أكد رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أنه ينتظر ممن وصفهم بـ"الأصدقاء في الولايات المتحدة" السماح لحكومته باستيراد الغاز من إيران.
وكان ترامب قد ألغى إعفاءً كان ممنوحًا للعراق لاستيراد الكهرباء والغاز من إيران، ضمن حزمة عقوبات جديدة على طهران، في حين تطالب بغداد بمنحها فرصة حتى عام 2028 للحصول على بدائل للطاقة، بحسب السوداني.
وكان وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، قد كشف أن "توقف إمدادات الغاز أدى إلى فقدان نحو 8,000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية".
وتم إبرام اتفاقية توريد الغاز الإيراني إلى العراق عام 2009 عبر أنبوب خاص، ليغذي مجموعة من محطات توليد الطاقة الكهربائية، التي أثار استيرادها في زمن حكومة نوري المالكي السابقة جدلًا كبيرًا، كونها لا تعمل على وقود متوفر في العراق.
بعد قطع الغاز
تأتي أزمة الغاز هذه المرة مع عقوبات واسعة قد تطال مفاصل اقتصادية أخرى في العراق، مثل مصرف الرافدين الحكومي، ومصارف أهلية أخرى، ومؤسسات نفطية.
كذلك، هناك تهديدات تتعلق بالجماعات المسلحة بسبب ارتباطها بإيران، ومطالب من واشنطن بـ"حل الفصائل"، بحسب مسؤولين عراقيين.
الأسبوع الماضي، طالب وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بغداد بـ"الحد من النفوذ الإيراني الخبيث"، خلال اتصاله مع السوداني.
ويواجه العراق ضغوطًا من الإدارة الأميركية الجديدة بسبب النفوذ الإيراني، الذي يضع عراقيل أمام بغداد للتطبيع مع الإدارة الجديدة في سوريا، كما تستمر بعض الجماعات في العراق بتوريد السلاح والمال إلى لبنان.
ويعتقد قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي، أن لقاءات مباشرة مع المسؤولين الأميركيين قد تخفف التصعيد الحالي، بحسب تصريحات سابقة له.
وكانت معلومات حصلت عليها (المدى) قد رجّحت أن فصائل كانت على علاقة باستهداف حقل كورمور الغازي في السليمانية الشهر الماضي، بهدف إبقاء اعتماد العراق على الغاز الإيراني.
وتواجه هذه الفصائل انقسامات داخلية بشأن التبعية للمشروع الإيراني، بحسب المعلومات.
ويؤكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أن لقاءات مباشرة مع المسؤولين الأميركيين قد تخفف التصعيد الحالي.
لكن نوابًا ومسؤولين سابقين وسياسيين تحدثوا عن "سيناريوهات متشائمة" بشأن ما قد يحدث في الأيام المقبلة.
عدنان الزرفي، وهو نائب عن النجف ومرشح سابق لرئاسة الحكومة، هاجم النظام السياسي في العراق، واصفًا إياه بـ"البائس".
وقال الزرفي في تغريدة: "نظام سياسي بائس لا يحتمل النقاش، أفراد صنعتهم ظروف ملتوية ظنوا أنفسهم رموزًا واستولوا على البلد، يستعلون على الحوار المباشر الذي جربناه كساسة فلم ينصتوا، يصمون أسماعهم عن كل تنبيه ويعدونه تآمرًا".
وأضاف: "قطعتم علينا وعلى البلد السبيل، سنمدّه دونكم، فأنتم طارئون، صنّفوا أنفسكم كما تشاؤون، وأعيدوا تعريف الوطنية لديكم كي نفهم معنى العمالة. لنا العراق، ولكم ما كسبتم، يرضينا ذلك، فيوم الحساب قريب".
وجاءت تصريحات الزرفي بعد ساعات من إلقاء زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، خطابًا اتهم خلاله قيادات ومؤسسات عراقية بـ"دفع أميركا لمعاقبة العراق"، فيما دعا إلى "وضع حد لتلك القيادات".
في غضون ذلك، أكد نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، صالح المطلك، أن التغيير في العراق "قادم" وأن النظام السياسي الحالي "لا يمكن أن يستمر".
وقال المطلك، في مقابلة مع قناة أميركية، إن "التغيير يجب أن يحصل من الداخل وعبر صناديق الاقتراع، لكن هذا أمر صعب للغاية للأسف، لأن المواطن محبط بشكل كبير نتيجة المخالفات التي تشهدها العملية الانتخابية".
وشدد المطلك على أن "النظام السياسي الحالي لا يمكن أن يستمر في ظل حجم الفساد الهائل والمحاصصة".
وتوقع المطلك أنه في حال "بقي الوضع كما هو عليه اليوم، فأعتقد أن التغيير سيحصل، سواء من قبل الولايات المتحدة أو غيرها، أو من داخل العراق نفسه".
وكان المطلك قد أعلن قبل أيام تحالفًا انتخابيًا جديدًا مع رئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، لخوض الانتخابات المتوقعة نهاية العام الحالي.
ويتفق أراس حبيب، النائب السابق، مع طروحات المطلك، إذ قال في مقابلة تلفزيونية: "يجب أن تحدث تغييرات داخلية أمام أميركا.. والوقت قد ينفد خلال ثلاثة أشهر".
أما السياسي، عزة الشابندر، القريب من الإطار التنسيقي، فقد قال إن "إنذارات ترامب وصلت للجميع، وهناك حالة إنذار بدرجة 1000 بين السياسيين"، مضيفًا أن "جحيم ترامب سيصل إلى العراق، وسيخيره بين التطبيع أو (الويل والثبور)".
وأكد الشابندر، في لقاء تلفزيوني، أن "تعاملنا مع الولايات المتحدة قبل ترامب كان جيدًا، لكن ترامب لا يملك خطًا رماديًا"، مشددًا على أن "على السياسيين مصارحة شعبهم بما ينتظرهم لكي يقفوا معهم في مواجهة ترامب".