بغداد/ حيدر هشام
تُلقي التطورات الأمنية الأخيرة في المنطقة، وخاصةً في سوريا، بظلالها على مستقبل الوجود الأجنبي في العراق، وتُعيد فتح النقاش حول مدى جاهزية القوات العراقية لتولي الملف الأمني بمفردها.
في هذا السياق، يبرز التناقض بين إعلان الحكومة العراقية عن اكتمال انسحاب القوات الأجنبية بحلول عام 2026، والمخاوف المتزايدة من عودة نشاط تنظيم داعش في المناطق الحدودية.
وأعلن العراق عبر وزير الدفاع أن انسحاب القوات الاجنبية من البلاد سيكتمل بحلول عام 2026. ومع ذلك، فإن هذا الإعلان جاء قبل التطورات الأمنية الأخيرة، وخاصة الأحداث في سوريا وتأثيرها على الوضع الأمني في العراق. وقد يؤدي هذا إلى تغيير في التزامات الحكومة المقبلة، خاصة إذا استمرت التهديدات من تنظيم دعش في المناطق المجاورة.
الى ذلك، أكد عضو مجلس النواب جاسم الموسوي رفضه وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية، معتبراً تواجد هذه القوات يمثل "مشكلة"، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها البلاد.
وشدد الموسوي خلال حديثه لـ(المدى) على أن العراقيين يمتلكون "القدرة والقوة" للدفاع عن بلدهم، ولا يحتاجون إلى تدخل أجنبي.
وأشار الموسوي إلى أن وجود القوات الأجنبية "مشكوك فيه"، واتهمها بـ"دعم وتغطية العمليات الإرهابية".
وأوضح أن هذه القوات بدأت مؤخرًا في "منع وصول قواتنا الأمنية إلى بعض الأماكن التي تحوي عناصر إرهابية"، بحجة عدم الاقتراب من القواعد الأمريكية.
وأكد عضو مجلس النواب ضرورة بناء علاقات "تبادل محترم" مع الإدارة الأمريكية، تقوم على "علاقات ثنائية" وليس على "الاحتلال والتجاوز".
ودعا إلى إقامة علاقات سياسية وعمل اقتصادي مشترك، بالإضافة إلى الدعم الدولي، معتبرًا أن "وجود القوات العسكرية لا مبرر له في وضع العراق الحالي".
ومن المتوقع أن تبقى قوات أميركية وأخرى من التحالف في أربيل بإقليم كردستان قرابة عام إضافي حتى نهاية 2026، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم داعش في سوريا.
بدوره، بين القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد، أن الوضع الأمني غير مؤاتٍ لانسحاب قوات التحالف من العراق.
وشخص محمد خلال حديثه لـ(المدى) أسباب أهمية الإبقاء على التحالف الدولي في العراق، مشيرا الى أن هناك مدة محددة لانسحاب هذه القوات، لكن الظروف الحالية تستدعي تأجيل هذا الانسحاب.
وأوضح محمد أن الأسباب التي تستدعي تأجيل الانسحاب تشمل استمرار وجود فلول تنظيم داعش الإرهابي والخلايا النائمة، حيث لا تزال هذه العناصر تنشط في بعض المناطق، مثل سهل نينوى وحوض حمرين والمناطق المتنازع عليها.
واشار الى تواجد حزب العمال الكردستاني الذي لم يبد أي موقف يدل على انسحابه، وتصنفه الولايات المتحدة كـ "منظمة إرهابية".
وتطرق للوضع الامني في سوريا، محذراً من خطورة ما يجري في دمشق، بالاضافة الى وجود سجناء الإرهابيين في السجون السورية.
ولفت محمد كذلك الى ملف الفصائل المسلحة، حيث أكد ان عدم دمج الفصائل تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة وعدم ضبط سلاحها قد يتسبب بعدة مشاكل، وفق رأيه.
وتابع: "الوضع الأمني غير مساعد على خروج قوات التحالف، وبالتالي فإن انسحابهم سيؤدي إلى ظهور فئات وجهات مسلحة، ويزداد الوضع سوءا".
ودعا القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى "تأجيل الانسحاب لحين الاستعداد الكامل للقوات الأمنية العراقية، كالجيش والشرطة".
بدوره، أكد الباحث بالشان العسكري صفاء الأعسم أن العراق حسم موقفه بخروج القوات الأجنبية خلال عامين دون أي تمديد لها، متحدثا عن رفض بغداد طلبا أميركيا بالتمديد.
وخلال حديثه لـ(المدى)، رأى الاعسم أن العراق قادر على سد الفراغ العسكري بحال خروج القوات الأجنبية والقضاء على عناصر تنظيم داعش ومواجهة التهديدات الخارجية إذا تم تسليحه وتجهيزه استخباريا، و"هذا لن يتم إلا بوجود جدية أميركية بإنهاء وجود قواتها على أرض العراق".
وحسب الأعسم، فما سيتبقى من قوات التحالف هم المدربون والمستشارون والمشرفون والخبراء على اعتبار أن العلاقة الثنائية ستبقى مستمرة، موضحا أن بنود الاتفاق بين بغداد وواشنطن بدأت في منتصف عام 2014 بعد دخول التنظيم إلى مناطق من العراق.
وأضاف أن جزئية خروج القوات الأجنبية ضمن الاتفاق أشارت إلى ضرورة إبلاغ تلك القوات بالرغبة في ذلك قبل عام من الخروج الفعلي لها.
أحداث سوريا وداعش قد يؤجلان انسحاب التحالف الدولي.. العراق يصطدم بواقع أمني "ضبابي ومُقلق"

نشر في: 10 مارس, 2025: 12:17 ص