السليمانية/ سوزان طاهر
يواجه الآلاف من خريجي الكليات والمعاهد الإنسانية في إقليم كردستان "معضلة" الحصول على فرص عمل تتناسب ومؤهلاتهم الأكاديمية، لاسيما في ظل التضخم المخيف في أعداد الموظفين الذين تكتظ بهم المؤسسات الرسمية، واقتصار الوظائف في القطاع الخاص الذي يشترط توفر الكفاءة والتخصص في المجالات الطبية والعمرانية والتجارية.
هذا الواقع يدفع بالمئات من الشباب في مدن وقصبات الإقليم للخروج إلى التظاهر والاعتصام بين الحين والآخر أمام الوزارات والجهات المعنية طلباً للعمل.
وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، فإن معدل البطالة في إقليم كردستان يتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين في المئة، وبحسب التقرير ذاته، فإن معظم الشباب العاطلين عن العمل هم من أكملوا تعليمهم في الجامعات والمعاهد. وجاءت الأزمة المالية وتأخر صرف رواتب الموظفين، لتزيد من حجم المشكلة التي يعاني منها الشباب الكردي، حيث أغلقت العشرات من المعامل والمصانع أبوابها، بسبب عدم وجود حركة بيع وشراء.
أسباب الأزمة
وشخص الأكاديمي في جامعة حلبجة سامان معروف أسباب ارتفاع معدلات البطالة في مدن إقليم كردستان خلال الفترة الأخيرة.
وقال عبد الله إن "معدلات الفقر ونسب البطالة تشهد تزايد ملحوظا وارتفاعا كبيرا فاق السنوات السابقة في اقليم كردستان".
وأوضح في حديثه لـ (المدى)، أن "جملة أسباب وراء ارتفاع الفقر والبطالة، لعل أهمها تأخير صرف رواتب الموظفين، حيث أن الموظف الكردي يتسلم راتبه، كل 50 يوما، فضلا عن ارتفاع معدلات الضرائب، وارتفاع أسعار الوقود، وعدم منح فرص للاستثمار، وكلها أسباب أدت لزيادة كبيرة في نسب والبطالة".
وأشار إلى أنه "خلال العامين الأخيرين، وبسبب الأزمة المالية الخانقة، فإن مئات المعامل والمصانع والشركات الأهلية، أغلقت أبوابها، بسبب حالة الركود الاقتصادي التي يعيشها الإقليم".
وبالتالي، فإن معدلات البطالة ارتفعت بشكل كبير، وإقليم كردستان يحتاج إلى سياسة جديدة، تتمثل في تفعيل قطاعات مهمة أخرى، ومنها القطاع السياحي، الذي يمكنه من تخفيف نسبة البطالة إلى 10%.
العمالة الأجنبية
من جهة أخرى أكد عضو اتحاد العمال في كردستان راميار عمر، أن واحداً من أسباب ارتفاع معدلات البطالة، هي حدة المنافسة على سوق العمل التي اشتدت بعد العام 2014 حين نزح إلى الإقليم عشرات آلاف العراقيين الهاربين من سيطرة تنظيم داعش، فضلاً عن وجود 200 ألف مواطن سوري يعيشون داخل الإقليم، وأغلبهم داخل سوق العمل. وبين في حديثه لـ(المدى)، أنه "يومياً يدخل الآلاف من العمال الإيرانيين، وخاصة العاملين في مجال البناء، إلى مدن إقليم كردستان المجاورة، وهؤلاء يعملون بأجور زهيدة، ولا يدفعون ضريبة العمل".
وأضاف أن "أرباب العمل يفضلون العامل الأجنبي، سواءً السوري، أو من دول شرق آسيا، كون هؤلاء أجورهم أقل من العامل العراقي، ولا يطلبون الإجازات الكثيرة".
وأكد أنه "على الرغم من صدور القرار 172 القاضي بتحديد نسبة لا تتجاوز 25% للعمال الأجانب في الشركات العاملة بكردستان، إلا أنه لم يطبق على أرض فعلياً على أرض الواقع". وبالتالي، نحتاج إلى إعادة تنظيم دخول العمالة الأجنبية إلى إقليم كردستان، وتفعيل القطاعات الحيوية، مثل السياحة، والزراعة، والصناعة، وإجبار أرباب العمل، على تشغيل العمالة المحلية بنسب مرتفعة، للحد من معدلات البطالة.
ويعاني إقليم كردستان من أزمة مالية خانقة، نتيجة عدم الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم لصرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، الأمر الذي أدى لتفاقم معاناة المواطنين في الإقليم، وأدى إلى ركود في أغلب القطاعات.
عدد العمال الأجانب
وتقدر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كردستان عدد العمال الأجانب بأكثر من 100 ألف عامل، النسبة الأكبر منهم من السورين، إضافة الى الأتراك والإيرانيين والمصريين والآسيويين، وهم يتوزعون في مختلف مجالات العمل، ويتركزون في شركات القطاع الخاص المتخصصة بالبناء فضلا عن القطاعات الخدمية كالمطاعم والفنادق، إلى جانب المعامل والورش المهنية. وتعد مشكلة البطالة أكبر مشاكل شريحة الشباب في كردستان، وتتراوح النسبة في الإقليم الذي يسكنه أكثر من خمسة ملايين نسمة، بين 16% إلى 20% بحسب إحصاءات لجهات مختلفة.
وكانت آخر إحصائية رسمية أصدرتها هيئة إحصاء كردستان سنة 2021 قد قدرت نسبة البطالة حينها بـ 16.5%، وترجح مصادر اقتصادية أن تكون النسبة قد ارتفعت في ظل الأزمة الاقتصادية التي شهدها الإقليم خلال السنوات القليلة المنصرمة.
ويعزو عضو برلمان كردستان السابق أحمد دبان أسباب تزايد معدلات البطالة بين شباب إلى الإقليم، إلى فشل الحكومة في وضع خطة ستراتجية طويلة الأمد.
ولفت في حديثه لـ(المدى) إلى أن "الحل لقضية البطالة، يتمثل في وضع ستراتيجية طويلة، أولها الاهتمام بالسياحة، وإعادة تشغيل المصانع والمعامل، وضمان تشغيل 75% من العمالة المحلية".
وتابع أن "صرف رواتب الموظفين بوقتها، سيحل الجانب الأكبر من أزمة البطالة، كون هذا الأمر سيحرك السوق، وبالتالي تعود الكثير من المصالح لمزاولة أعمالها، بعد أن أُغلقت بسبب الأزمة الاقتصادية".
وتؤكد إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “UNHCR” معتمدة ومنشورة على موقع هيئة إحصاء كردستان، وجود أكثر من 278,171 أجنبياً مسجلاً كلاجئين لدى المنظمة في إقليم كردستان منذ سنة 2013 غالبيتهم من السوريين الذين تبلغ أعدادهم 259,448 لاجئاً، إلى جانب أعداد كبيرة أخرى غير مسجلين كلاجئين. النسبة الأكبر من معيلي العوائل من هؤلاء منخرطون في سوق العمل.