متابعة/ المدى
رغم مرور أكثر من 5 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان، إلا أن المشاورات بين القوى والأحزاب الفائزة لم تسفر عن تشكيل الحكومة الجديدة حتى الآن، بسبب خلافات بين الحزبين الرئيسيين، (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني).
وخلال الشهرين الماضين، عقد الحزبان عدة جولات من المفاوضات انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يتم الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة. وفرضت نتائج الانتخابات في الإقليم الذي يتمتع بحكم إداري شبه مستقل عن بغداد، معادلة سياسية صعبة، إذ لم يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين، الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف زائداً واحداً، أي 50 مقعداً بالإضافة إلى مقعد واحد. وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني، بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100 مقعد، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقربة منه، بينما يمتلك منافسه حزب الاتحاد الوطني، الحاكم في مدينة السليمانية، بقيادة بافل طالباني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات. يليهم بالنتائج أحزاب وقوائم إسلامية ومدنية مختلفة، أبرزها حراك "الجيل الجديد" المعارض فقد حصل على 15 مقعداً، يليه الاتحاد الإسلامي الذي حصل على سبعة مقاعد، ثم حزب الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي. وهذه الأرقام تجعل إمكانية لجوء الحزبين الكبيرين الفائزين إلى الأحزاب ذات المقاعد القليلة، واردة، إلا أنه من الصعب التوصل إلى حلول واتفاقات، جرّاء الخلافات الحادة بين جميع هذه الأطراف.
وقال عضو الكادر المتقدم في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، إنه "لغاية الآن لا يوجد اتفاق نهائي على حسم تشكيل حكومة الإقليم، رغم أن الاجتماعات مستمرة ومتواصلة ما بين الحزبين، وخلال الاجتماعات السابقة تم الاتفاق على البرنامج الحكومي وكذلك شكل الحكومة فقط، دون حسم الاتفاق على توزيع المناصب".
وبيّن السورجي أن "الخلاف حالياً على توزيع المناصب وكيف يكون هذا التوزيع، فنحن في الاتحاد الوطني الكردستاني مصرّون على الحصول على أحد الرئاسات.
في المقابل، يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، إن المفاوضات ما بين الحزبين "وصلت إلى مراحل متقدمة"، مبيّناً أن "ما تبقى هو الخلاف على آلية تقسيم المناصب وكيف يُحسم الأمر، وهناك حوارات مستمرة".
وأضاف كريم أنه "وفق الاستحقاق الانتخابي فإن رئاسات الإقليم تكون لحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن هذا لا يعني عدم مشاركة باقي الأحزاب في الحكومة والقرار، فنحن مع تشكيل حكومة مدعومة من الجميع ويكون الجميع مسؤول فيها، لكن من يشارك فيها عليه تحمل المسؤولية وعدم الهروب من أي مشاكل وأزمات".
وكشف كريم عن اجتماع مهم سيعقد قريباً ما بين بافل طالباني ومسعود البارزاني، متوقعاً وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان العراق، وكيفية توزيع المناصب ما بين الحزبين الرئيسين. من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي حسين الأسعد، إنّ تشكيل حكومة إقليم كردستان "يحتاج مزيداً من الوقت"، متوقعاً في الوقت ذاته أنّ الاستحقاق "سيتأخر إلى ما بعد عيد الفطر بكثير، فالخلافات عميقة بشأن توزيع المناصب العليا في الإقليم".
ورجح الأسعد استمرار الخلاف ما سيدفع أطرافاً إقليمية ودولية، أبرزها الولايت المتحدة وتركيا وإيران، للتدخل لتقريب وجهات النظر ما بين الحزبين، للإسراع بتشكيل الحكومة. وأضاف الباحث في الشأن السياسي أن "هناك انعدام ثقة ما بين الحزبين الرئيسين، ولهذا سيحتاجان إلى ضامن إقليمي أو دولي يلزم الطرفين بالاتفاق بشأن تشكيل حكومة الإقليم، ولا نتوقع أن تشكيل حكومة كردستان الجديدة دون هذا التدخل، حالها حال الحكومة العراقية الاتحادية، التي دائماً ما تتشكل بتدخل إقليمي ودولي".