واسط / جبار بچاي
أبو طبيله أو ما يعرف بـ (المسحراتي)، شخصية تراثية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بشهر رمضان في معظم البلدان الإسلامية ومنها العراق، على وقع صوت طبله تنهض النساء لتحضير السحور في وقت كانت معرفة الوقت مفقودة ولا سبيل لذلك سوى صوت الطبل والبوق الذي يأتي بنغمة واحدة محببة لدى الكبار والصغار هي؛ سحور. مع مرور الزمن ودخول التقنيات الحديثة استسلم أبو طبيله لذلك وأغلب رواد المهنة تركوها ، وأصبحت مهنة الطبّال تدار من شباب صغار يقرعون على أوانٍ معدنية أو بلاستيكية لا هّمَ لهم سوى خلق ضجيج وإزعاج من خلال استخدامهم لمعزوفات وقرع على الطبول بعيداً عن الشهر الفضيل وحرمته كما يفعل الطبالون في بعض أحياء مدينة الكوت حيث يعزفون للسحور أغانٍ مختلفة وأناشيد متعددة منها معزوفة " أذاني أبو القاذفة ماشوفه " ، وبهذه السلوكيات المرفوضة تغيرت هوية الطبال من شخص وقور ومحترم وكبير يقرع طبله بنغمة واحدة مميزة ومعروفة لدى الجميع الى آخرين أصبحت الناس تغضب عليهم ولا تريد مرورهم في الشوارع والأزقة.
يقول السيد سعد الموسوي، موظف متقاعد من حي الطشاش بمدينة الكوت إن " عشرات الأطفال تجوب الشوارع ليلاَ ولفترة طويلة تعزف كما تشاء وتقرع كما تشاء وصار وجودهم يحمل ضرراً للصائمين ولا فائدة منهم غير الضجيج والضحك بينهم." وأضاف لـ ( المدى )، " عندما كنا صغاراً أكثر ما يشدنا خلال رمضان هو المسحراتي والذي نطلق عليه أبو طبيله، كان يخطف الأضواء من خلال قرعه على الطبل والعزف بواسطة البوق بنغمة سحور التي تنتظرها رباب البيوت لغرض إعداد وجبة السحور ." مشيراً الى أن " عدد الطبالين كانوا في كل حي أو منطقة لا يتجاوزون ثلاثة أشخاص كأعلى حد، بينما في الوقت الحاضر يربو عدد الشباب المشاركين على أكثر من ثلاثين طفلاً لم يفكروا براحة الناس." يقول كريم عبد ، من حي الجهاد أكثر الأحياء شعبية بمدينة الكوت إن " هذه المهنة التراثية الجميلة تغيرت للأسف الشديد وأصبحنا نصحو على ضجيج وزعيق وأحيانا على عراك بين مجاميع الطبالين الصغار الذين أساءوا الى أبو طبيله المعروف أرثاً تاريخياً مميزاً كان الجميع ينتظر قدومه خلال رمضان."
مؤكداً أن " اغلب العائلات باتت غاضبة على هؤلاء الصغار وهناك من يقوم بطردهم ومنعهم من المرور في منطقته لما يسببونه من إزعاج وأذى."
من جانبها تقول أم أحمد ، من حي العباسية بمدينة الكوت إن " الحاجة للمسحراتي انتفت ولم نعد ننتظره لسببين، أولهما أن الاعتماد صار على منبهات الموبايل الذي جرد الطبّال من مهنته وأخرجه عن الساحة ، والسبب الآخر فقدان المهنة لخصوصيتها وعفويتها واستخدام معزوفات بعيدة عن الشهر الفضيل وحرمته".