بغداد/ محمد العبيدي
على وقع صراعات مشتعلة، تعطلت جلسات مجلس النواب العراقي منذ أكثر من شهر، وسط خلافات حادة، بلغت حدَّ تلويح قوى سياسية بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة.
وعقد مجلس النواب العراقي آخر جلسة له في 16 شباط الماضي، قبل أن يدخل في حالة شلل بسبب الخلافات السياسية حول قوانين مفصلية، أبرزها قانون الحشد الشعبي، ورغم تحديد مواعيد جديدة للجلسات، إلا أن غياب التوافق السياسي واستمرار مقاطعة بعض الكتل حال دون انعقادها.
وللخروج من هذا الحال، برزت دعوات نيابية متزايدة لحل مجلس النواب والذهاب نحو انتخابات مبكرة، إذ يرى نواب أن المجلس بات غير قادر على أداء دوره التشريعي والرقابي، في ظل تعثر تمرير قوانين مهمة وتأجيل الجلسات بشكل متكرر.
وكشف النائب المستقل حسين السعبري، عن وجود توجه نيابي لجمع تواقيع لحل البرلمان، إذا استمر تعطيله وعدم اكتمال النصاب القانوني لجلساته.
وأوضح في تصريح صحفي، أن الوضع الحالي أصبح محرجًا للمجلس ويؤثر سلبًا على مسار العملية السياسية، حيث تسبب غياب النواب بشكل متكرر في تعطيل الدور التشريعي والرقابي"، لافتًا إلى أن "اللجوء لانتخابات مبكرة بات أحد الخيارات المطروحة بقوة للخروج من هذه الأزمة».
ووفقا للنظام الداخلي، فأن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض ان تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.
لا مبرر لتعطيل الجلسات
بدوره أكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، محمد عنوز، أن «تعطيل جلسات البرلمان له تأثير سلبي على عمل المؤسسة التشريعية وتشريع القوانين التي تهم المواطن بالدرجة الأولى ومصالح البلاد العامة».
وقال عنوز لـ(المدى)، إنه "لا يوجد مبرر لتعطيل جلسات البرلمان خصوصاً أنه لا توجد معارضة على قانون تقاعد الحشد في مجلس النواب ولكن هنالك مسائل تتعلق بالتخصيصات المالية».
وأضاف، أن "مثل هذه القوانين التي تهم القوات الأمنية يجب ان تمرر بسلاسة وتأخذ بعين الاعتبار الحقوق الفعلية لعناصر الحشد التي لا تختلف عن حقوق الصنوف الاخرى في القوات الأمنية من منطلق وحدة العمل ووحدة القرار وهذا الأمر يقع على عاتق الجميع في مراكز المسؤولية».
ويواجه مجلس النواب العراقي انتقادات حادة بسبب ضعف إنجازه التشريعي والرقابي، إذ لم يتمكن سوى من تمرير عدد محدود من القوانين بعضها أثار جدلاً بشأن تداعياته المحتملة على التماسك المجتمعي كالأحوال الشخصية، الذي أثار مخاوف من تكريس الانقسامات الطائفية والعرقية.
ويقاطع ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أي جلسة للبرلمان ما لم يُدرج قانون الحشد الشعبي ضمن جدول الأعمال، وهو إجراء مماثل اتخذته كتلة صادقون الجناح السياسي، لحركة عصائب أهل الحق.
وحدد مجلس النواب السبت الماضي، موعدًا لاستئناف جلساته، إلا أن جدول الأعمال لم يتضمن القوانين الأكثر إثارة للجدل، مثل قانون الحشد الشعبي والموازنة العامة وسلّم الرواتب.
100 نائب في غياب دائم
وبحسب مصدر مطلع فإن «نحو 100 نائبًا في حالة غياب دائم، بينهم من يعاني من أوضاع صحية تمنعهم من الحضور، وآخرون يقضون معظم وقتهم خارج البلاد في زيارات شخصية أو مهام غير مرتبطة بالعمل النيابي، فضلًا عن وجود نواب منشغلين بتمشية معاملات داخل الوزارات لصالح جهات أو شخصيات مقربة منهم».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ(المدى) أن "من بين الغائبين زعماء كتل سياسية يكتفون بإدارة شؤونهم البرلمانية عن بعد، دون حضور فعلي إلى الجلسات، وهو ما انعكس سلبًا على سير العمل التشريعي والرقابي داخل المجلس"، مشيرًا إلى أن "هذا الغياب المتكرر لا يمنح أي مجال لتعويض النقص في حال تغيب نواب آخرين لأسباب طارئة، ما يؤدي إلى تأجيل متكرر للجلسات".
من جهته، أكد المحلل السياسي مهند الجنابي أن "عدم الالتزام بالمنهاج الحكومي والمشاكل السياسية أدت إلى غياب إرادة تنفيذية قادرة على توجيه جلسات البرلمان، فضلًا عن ضعف رئاسة المجلس، خاصة بعد استقالة محمد الحلبوسي ما ساهم في جمود البرلمان وفقدانه لدوره الرقابي والتشريعي».
وأوضح لـ(المدى) أن "القوى السياسية بدأت حملاتها الانتخابية بشكل مبكر من خلال السلة الواحدة للقوانين، إذ أن هذا الأسلوب يضعف العملية التشريعية ويكرّس المشكلات السياسية للدورة القادمة".
وتابع أن "البرلمان الحالي سيكون برلمانًا ضعيفًا وهزيلًا حتى نهاية فترته، إذ لا استجوابات حقيقية ولا رقابة فعلية، في ظل استمرار تفكك القوى التقليدية وعدم الثقة بين الكتل السياسية، إضافة إلى سيطرة الفصائل المسلحة المرتبطة بالخارج على القرار الرسمي العراقي".
معركة قانون الحشد تشلّ السلطة التشريعية.. التوافق غائب وتلويح بـ«حل» البرلمان

نشر في: 11 مارس, 2025: 12:25 ص