ريسان الخزعلي
1
في كتابها الموسوم / چرغد / والذي حمل تجنيس (رواية)..، تكون الكاتبة / فيان البغدادي / قد كشفت عن سيرتها بوضوح، وهي َ سيرة ذاتيّة واقعيّة تمتد من الطفولة إلى مراحل لاحقة من النمو الجسدي والعقلي، وقد جاء السرد بصوت واحد، هو صوت الكاتبة. و/ سيلينا / هي َ صاحبة الصوت، وكان الأجمل ايقاعاً لو حمل الكتاب اسم َ / سيلينا / عنوانا ً له وبتجنيس (سيرة). فللسيرة غير ما للرواية من اشتراطات وتقنيات فنيّة، لاسيّما وأن َّ الكاتبة قد أعلنت في الاستهلال بأن َّ عملها هذا ما هو إلّا سيرة (سيرة حياة امرأة من رماد، سيرتي أنا، ثمّة ما يدعوني للعودة إلى سيلينا وهي تدفع ُ نفسها نحو الأمام بقوّة وقدرة على المطاولة، تسقط وتنهض مجددا ً، تاركة ً التفكير في الأسباب...).
إذن، لابدَّ للقراءة هنا، أن تقول قولتها عن تلك السيرة.
2
في هذه السيرة، ورغم تعارضات الحياة مع الكاتبة - الهجرات الداخلية والخارجية، موت الأبوين والأخوَه، خيبات العلاقة، مراودة الأخت لها عن حبيب ٍ أصبح مشتركاً بينهما - إلّا أنّها كسرت حاجز تابو الخوف الإنثوي، وجاهرت بالمخفي من الصبوات، وكشفت عن أعماق الرغبة وجموح الجسد والروح على السواء.
إن َّ / سيلينا / في بَوح ِ سيرتها هذا والذي ينم ُّ عن ذاكرة متوهّجة، تصطف مع بعض الكاتبات العربيات ممن كتبن َ عن الرغبة والجسد، وبإسلوب يتخاطر عن بُعد مع طرقات الإيروتيكا.
لقد كشفت بواقعية وببعض ظلال من مخيال شعري - إذ أنّها شاعرة بالأساس - عن أسرارها العميقة دون تردد. إنّها تُجيد العشق والحب بطريقة ٍ أملتها تفتّحات الجسد:
كان اللقاء جميلاً....، وصار اتصالنا كل َّ ليلة....، وفي اللحظة التي قبّلني فيها، كنت ُ لا أشعر ُ بقدميَّ على الأرض، وشعرت ُ بأنَّ هناك َهوّة عميقة تحتي. خفت ُ، لم أشعربعدها سوى أنّه ُ حضنني يتفحّص عفّة العطر في جسدي، رفعني بجسده ِ القوي،... ثمَّ ضغط صدري وطبع َ قبلته ُ على شفتي،.... ارتخينا وصار جسدي خفيفاً كالريشة.
إن َّ بَوحا ً كهذا، واستدلالاً بطروحات علم النفس والعقل الباطن، يكشف صدق َ التجربة شعوريّا ً أو لا شعورياً مهما كان التعليل: بأن َّ اللاواقعي يُضفي لمسته ُ الجاذبة في التّوصيل والإثارة.
3
في ما تقدّم من إشارات، تجاوزت ُ جانب السيرة الذي أملته ُ تعارضات الحياة مع الكاتبة، لأنّه أحداث طبيعية تحصل في الحياة، وإن إشهارمثل هذه الأحداث في قراءة السيرة ما كان يتوازى مع قوّة إشهار الخفي/ المستور الذي لا يُمكن البوح به ِ إلا تحت َ غطاء لحظة الكتابة الإبداعية وتبريراتها الفنيّة القصدية.
إن َّ فيان – سيلينا، كانتا وجها ً واحدا ً في مغامرة الكشف عن الهواجس السريّة للأنثى في العشق والحب والرغبات، والكشف عنها على مرأى ً من سطوة الذكوريّة ومعالجاتها التي تُطارد التجربة من خارجها...
سيلينا بَوح السيرة الذاتيّة

نشر في: 12 مارس, 2025: 12:01 ص