علاء المفرجي
بعد ماراثون كبير خاضته بغداد والمحافظات العراقية في أنعقاد المهرجانات السينمائية، والتي كانت تتشابه من حيث شكلها ومضمونها، بل وأخطائها حتما، فكان الفشل عنوانها، أو نتيجة للتسرع في إقامتها. انعقد نهاية الشهر الماضي مهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب، الذي قدم هويته الواضحة، على الرغم من دورته الأولى، أعقبها بما توفر له من إمكانات لوجستية، وأيضا برنامج لا يحمل (ادعاء) أسماء رنانة، للأقسام التي ستخوض الأفلام المنافسات في ظلها. لكنه خرج بنتائج إيجابية قياسا لحداثة عمره، أو للتجارب التي سبقته.
فاين نحن من ثقافة المهرجانات؟! مهرجانات عديدة تقدم سنويا عن السينما، عددها لا يتناسب مع حجم المنتج السينمائي العراقي، لا تراعي الحد الادنى من الضوابط التي تحكم المهرجانات العالمية. ويتم التعامل معها من قبل صناع هذه المهرجانات باستخفاف ولا أبالية. فالعملية بالنسبة لهم ليست اكثر من تمويل مادي يغطي التكاليف التي بتطلبها هذا المهرجان او ذاك، وما ان تقام دورته الاولى حتى يتم نسيانه او قل حين ينضب معين التمويل هذا ويكون مصير الدورات اللاحقة النسيان.
للأسف فإن أغلب صنّاع هذه المهرجانات السينمائية لا يعون اهمية المهرجان وجدواه مثلما لا يضعون الخطط العلمية والعملية لديمومتها، فاستحداث المهرجانات هو ولادة فكرة جديدة من شأنها إغناء الحراك السينمائي. خاصة وان السينما العراقية تعاني ومازالت من عدم الاهتمام والتهميش من قبل المؤسسة الثقافية.
فالمهرجانات التي أصبحت تقام في كل محافظة في العراق، لم تضف الى المشهد السينمائي ما يمكن ان يفعله وينهض به. بسبب ضعف المشاركة وأهمية الأسماء التي تحضر او تساهم في فعالياتها. ولعل السبب في ذلك أننا لم نتوفر على تقاليد حقيقية لإقامة هذه المهرجانات، كما لا نمتلك الخبرة اللازمة لإقامتها.
فأمام هذا الفشل الذي يصاحب هذه المهرجانات السينمائية نقترح إعادة النظر بإقامتها، وتقديم ورقة عمل يضعها المتخصصون وتوحيد الجهود من أجل إقامة مهرجان سينمائي واحد على الأقل على ان يكون مستوفياً للشروط المتعارف عليها للمهرجانات السينمائية، ولابأس من عدة مهرجانات متخصصة. . وسيكون كل ذلك مشروطاً بزيادة الانتاج السينمائي العراقي -وهذا ما يحتاج وقفة أخرى.
وانطلاقا من ذلك كان مهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب، يحمل أسباب نجاحه، ابتداء من الاسم الذي حمله، والذي كان أمينا لمضمونه، من حيث اهتمامه بأفلام الشباب، والذي تجسد بعرض أفلام كان وراؤها شباب بعمر الورد، خضعتهم إدارة المهرجان لورشات ودورات مكثفة، قبل انعقاد المهرجان لأكثر من عام، تلقوا فيها أهم الأساسيات في صناعة الفيلم، بل حتى اختيارهم خضع لاختبارات م ن من قبل كوادر سينمائية محترفة؛ كل ذلك منح نتاجاتهم قيمة فنية عالية، ربما لم تعتدها السينما العراقية من قبل ولعل سرح نجاح المهرجان مع الشباب، هو جدية أدارته والتي كان على رأسها وزير الشباب نفسه والتي عملت
على بناء إدارة مهنية رصينة، ومجلس إدارة، لضمان تنظيمه بمعايير دولية. باختيارها للجنة تحكيم متميّزة، ووضع جدولاً مناسباً للعروض والفعاليات، والحصول على شركاء، واختيار الأفلام بصبر وهدوء، بل وكانت جل هذه الإدارة من الشباب.
ولعل أخذ هذه الأمور بجدية، منح المهرجان هويته وبرنامجه، الذي تحرص إدارته على المضي به، كمهرجان سنوي، سيسهم بلا شك في تطوير السينما العراقية الى أفاق جديدة.