TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أحلام الليبرالي الأخير

العمود الثامن: أحلام الليبرالي الأخير

نشر في: 13 مارس, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

هل شاهدتم مثلي رائد الليبرالية الحديثة في العراق قصي محبوبة وهو يقف بكل اريحية يقول لأحد مقدمي برامج هذا الوكت الفضائية: "هذا زعيم المجرمين". ولا تعتقد عزيزي القارئ أن رائد الليبرالية يقصد الالماني هتلر أو هولاكو.. ياسيدي انه انزعح عندما عرض عليه مقدم البرنامج صورة عبد الكريم قاسم الذي وصفه فيما بعد بانه " قاتل الحلم العراقي".
ولانني لست مؤرخاً، فلا اعرف كيف توصل السيد محبوبة لكل هذه المقدرة على إعادة كتابة التاريخ، وهو يشرح للمشاهدين كيف ان عبد الكريم قاسم قاتل القتلة، ولم يشرح لنا معنى هذه العبارة، ولكني أعرف أن علاقة السيد قصي محبوبة بتاريخ العراق المعاصر مثل علاقة "الحاج راضي" باللغة الهندية، فهي كلها عنده "نحباني للو".. إلا أن الفارق أن القدير سليم البصري "الحاج راضي" الذي غادر دنيانا مثلما ولدته أمه بطرق لقب البصري، لا مال ولا عقار، ولا شهادات استثمار ولا استطاع في غفلة من الزمن ان يسيطر على مقدرات البصرة الاقتصادية كما فعل السيد محبوبة عندما اصبح المتحكم في شؤون البصرة ايام ماجد النصراوي الذي كان يُحرم مصافحة المرأة ويُحلل سرقة المال العام.
لا يعني ما سبق أي استهانة أو تقليل من قدرات السيد قصي محبوبة في الانتقال من احزاب الاسلام السياسي الى احزاب الليبرالية الحديثة.. هى فقط محاولة للتنبيه إلى ما وصل اليه حال السياسة في هذه البلاد التي اختلطت فيها الشعارات، وأصبح الحديث عن العراق وتاريخه نوعاً من أنواع السخرية.
حتى هذه اللحظة فإن كثيراً من العراقيين لا يزالون يحتفظون بصورة للراحل عبد الكريم قاسم معلقة على جدران بيوتهم، وسألت البعض لماذا تفضلونه؟ فكان ردهم بجملة واحدة "إنه كان واحداً من البسطاء"، سيقول البعض إن عبد الكريم قاسم أجهض الديمقراطية، وكانت ممارساته السياسية يشوبها الكثير من الارتجال، لكنه وبشهادة أعدائه وفّر للبسطاء من الناس الكثير من الأشياء المهمة، أبرزها سكن لائق، الحق في العلاج والتعليم، توزيع الأراضي على الفلاحين، الإصرار على دعم الصناعة الوطنية، إشاعة روح المواطنة.. والاهم تشكيل حكومة من قامات وطنية وفكرية بوزن وقيمة محمد حديد وعبد اللطيف الشواف ومصطفى علي وحسين جميل ونزيهة الدليمي .
في كل مناسبة للحديث عن تاريخ العراق نجد من يحاول القفز على التاريخ ، صحيح ان ما جرى للعائلة الملكية يعد صفحة سوداء في تاريخ العراق ، لكن الصحيح ايضا ان نتناول هذا التاريخ بحيادية من دون وصايا ، ومن دون شعارات.
في هذه البلاد لا نزال نصرُّ على أن نعيش في عصر الخديعة، وحكايات " الحماقة " والسخرية من المواطن ومعاناته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram