TOP

جريدة المدى > سياسية > البطالة تتراجع ولكن مليون شاب يدخلون سوق العمل سنوياً دون تأهيلٍ كافٍ!

البطالة تتراجع ولكن مليون شاب يدخلون سوق العمل سنوياً دون تأهيلٍ كافٍ!

تحديات سوق العمل العراقي

نشر في: 13 مارس, 2025: 12:05 ص

 بغداد/ تبارك عبد المجيد

يعاني العراق من تحديات اقتصادية في سوق العمل تتعمق بسبب الفجوات في التعليم والتدريب، حيث يجد الكثير من الشباب أنفسهم غير قادرين على تلبية احتياجات سوق العمل رغم أنهم يشكلون أكثر من 60 في المئة من السكان.
يرى مراقبون أن المشكلة تكمن في النظام التعليمي الذي لا يواكب متطلبات السوق، ما يجعل الشباب يعانون في إيجاد فرص عمل. من جهة أخرى، يواجه القطاع الخاص صعوبة في إيجاد الكفاءات المحلية، ما يجعله يعتمد على العمالة الأجنبية.
ويقول خالد الجابري، رئيس مؤسسة أصول للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة، أن مشاكل "الاقتصاد والخدمات في العراق تتجاوز الشكاوى اليومية"، مشيرًا إلى أنها "تمثل أعراضًا لمرضين خطيرين يعوقان التنمية المستدامة: المسافة الاجتماعية ورأس المال البشري".
ويقول الجابري في حديث لـ(المدى)، إن "فقدان الثقة بين الأفراد خلق حاجزًا يمنع التعاون والتطور".
ويتأسف بالقول إنه: "من المؤسف أن تجد نفسك في مواجهة نظام خدمي يعاني من مشكلات كبيرة، مثل ضمانات محدودة، أو معاملة غير فعّالة، أو حتى تجاهل للأفكار الجديدة لمجرد أن الطرف الآخر لا يفهمها".
أما بالنسبة لقضية رأس المال البشري، فقد أوضح الجابري أن المهارات والمعرفة تمثلان أساسًا لاقتصاد قوي، لكن هذه الأساسات تتآكل بسبب نقص الكفاءات المدربة في مختلف القطاعات. ويضيف: "الشركات تعاني من صعوبة في العثور على كفاءات مؤهلة، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد ويقلل الفرص المتاحة".
وأكد الجابري على ضرورة تكثيف التدريب والتأهيل لسد الفجوة بين احتياجات السوق والمهارات المتاحة، مما يساهم في رفع الكفاءة في القطاعين العام والخاص. وأشار إلى أن العراق يمتاز بتركيبته السكانية الشابة، حيث تزيد نسبة الشباب عن 60 في المئة من إجمالي السكان، فيما من المتوقع أن ينتقل 30 في المئة آخرون إلى مرحلة الشباب في السنوات المقبلة.
وفي ختام حديثه، شدد الجابري على أن إحدى أبرز الحلول لهذه القضايا هي حملة وطنية لتدريب وتأهيل الشباب، من أجل رفع كفاءاتهم وتمكينهم من مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.
بدوره، يقول الباحث الاقتصادي مصطفى حنتوش أن "نتائج تعداد السكان لعام 2024 تعكس حقيقة مهمة عن تركيبة المجتمع العراقي، حيث يشكل الشباب نحو 60 في المئة من إجمالي السكان".
وبين حنتوش في حديث لـ(المدى)، أن "هذه النسبة تعكس التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، حيث أن 41 في المئة من هذه الفئة الشابة لا يعملون، ويبحثون عن فرص عمل".
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن "من بين 46 مليون نسمة في العراق، هناك 22 مليون شخص من كبار السن، بينما 22 مليونًا آخرين يمثلون الشباب الذين يشكلون القوة العاملة في البلاد. من هؤلاء، 8 إلى 9 مليون شخص يعملون في القطاع العام، بينما 13 مليونًا في القطاع الخاص".
وأوضح حنتوش أن "القطاع الخاص بحاجة إلى تنمية حقيقية، خاصة في المجالات الصناعية والأسواق الشعبية، من أجل استيعاب هذا العدد الكبير من العمالة الشابة". وأضاف أن "العراق بحاجة إلى تطوير القطاع الخاص ليكون قادرًا على استيعاب 750,000 إلى مليون شاب سنويًا يدخلون إلى سوق العمل، مشيرًا إلى أن هذه الأعداد ستكون في تزايد مستمر".
كما لفت إلى أهمية إعادة هيكلة القطاع الخاص وتعزيز التنمية فيه لضمان توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة لشباب العراق، بما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام.
وأظهرت نتائج التعداد السكاني التي أعدتها وزارة التخطيط العراقية لعام بعض المؤشرات الإيجابية حول وضع سوق العمل في العراق، رغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني. حيث كشف عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث باسم الوزارة، عن انخفاض ملحوظ في نسبة البطالة في البلاد إلى 13.5% مقارنة بـ 16.5% في العام 2022، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في واقع سوق العمل. ومن جانب آخر، أشار الهنداوي في حديث خص به (المدى)، إلى أن "نسبة السكان النشطين اقتصاديًا من عمر 15 إلى 64 عامًا تشكل 41.61% من إجمالي السكان، فيما يشكل الأطفال دون سن العمل من 5 إلى 14 عامًا نحو 25% من التعداد السكاني. وهذا يثير القلق بشأن دخولهم سوق العمل في المستقبل في ظل قلة الفرص الاقتصادية، واستمرار الاعتماد على الاقتصاد الريعي الذي يواجه العديد من التحديات.
وتُظهر البيانات التي كشفت عنها الوزارة أن 9.5 مليون عراقي يعتمدون بشكل رئيسي على الدولة في معيشتهم، وهو ما يعادل 23% من إجمالي السكان، مما يعكس حجم الاعتماد الكبير على القطاع العام في توفير سبل العيش.
ورغم التحسن الطفيف في معدل البطالة على مستوى العراق، فإن التحديات تظل قائمة في بعض المحافظات، حيث سجلت محافظة الأنبار أعلى نسبة بطالة بلغت حوالي 21-22%، تلتها محافظتا المثنى وميسان بنسبة تقارب 20%.
وفيما يتعلق بتوزيع العاملين بين القطاعات المختلفة، تبين البيانات أن 19% من العراقيين يعملون في القطاعات الحكومية مثل الإدارة العامة، الدفاع، التعليم، والصحة. بينما يعمل 14% في الأنشطة المالية، التأمينية، العقارية والمهن الحرة، و13% في تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات والدراجات النارية.
وأشار الهنداوي إلى أن معدل ساعات العمل الأسبوعية في العراق يبلغ 43 ساعة، وهو ما يعكس طبيعة العمل السائدة في البلاد.
من جانبه، أكد الهنداوي أن نتائج التعداد السكاني تُعد قاعدة بيانات هامة تساعد في رسم خارطة تنموية جديدة للعراق، من خلال تحديد الفجوات التنموية والمناطق التي تعاني من نقص في الخدمات أو ارتفاع معدلات البطالة.
وأضاف الهنداوي أن الوزارة ستعتمد هذه البيانات في تطوير الخطط التنموية والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، بهدف تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل جديدة، مع التركيز على تحقيق التوازن في توزيع المشاريع بين المحافظات. كما شدد على أهمية استثمار هذه البيانات بشكل فعال، من خلال توجيه المشاريع التنموية إلى المناطق التي تحتاج إلى دعم أكبر، بالإضافة إلى تعزيز برامج التدريب المهني والتعليم لتمكين الشباب من دخول سوق العمل، مما سيسهم في تخفيف معدلات البطالة مستقبلاً.
وبالحديث عن المستقبل الاقتصادي للعراق، يقول منار العبيدي، رئيس مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية، أن "هناك ميزة سكانية كبيرة يتمتع بها العراق وهم الشباب. هذه الفئة العمرية التي تشكل نسبة مرتفعة من إجمالي السكان تعد بمثابة "هبة ديموغرافية نادرة" في وقت يشهد فيه العالم تطورًا في معدلات الشيخوخة السكانية، خصوصًا في دول مثل الصين، اليابان، وأوروبا. يراها العبيدي فرصة ذهبية قد تغير مسار الاقتصاد العراقي، إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح".
ويعترف العبيدي خلال حديثه لـ(المدى)، بأن امتلاك العراق لقوى عاملة شابة هو أمر إيجابي للغاية لأي اقتصاد في العالم، خاصة في ظل المنافسة الشديدة التي تشهدها أسواق العمل. ولكن، وعلى الرغم من هذه الميزة السكانية، فإن العراق لم يحقق الاستفادة المرجوة منها، والسبب يكمن في ضعف "رأس المال البشري". فهذا المؤشر، الذي يعكس قدرة الأفراد على الاندماج في سوق العمل من خلال امتلاكهم المهارات والمعارف المناسبة، يعاني من تدنٍ كبير في العراق.
وحول هذا الموضوع، يشير العبيدي إلى أن العراق يواجه تحديات كبيرة في مجال التعليم والتدريب المهني. فالمنظومة التعليمية الحالية كما يوضح غير قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المتجددة والمتطورة. فالطلاب يتخرجون من المدارس والجامعات دون أن يمتلكوا المهارات اللازمة للعمل في القطاعات المختلفة، ما يؤدي إلى فجوة كبيرة بين ما يتعلمه الشباب في المؤسسات التعليمية وما يتطلبه السوق الفعلي".
إضافة إلى ذلك، يعاني القطاع الخاص في العراق من ضعف التوظيف المحلي رغم وجود طلب متزايد على فرص العمل فيه. وتعود المشكلة إلى اعتماد هذا القطاع بشكل متزايد على العمالة الأجنبية، في ظل قلة الشباب العراقي المؤهلين للعمل في المجالات المطلوبة. هذا الأمر يعكس عجز النظام التعليمي والتدريبي عن تزويد الشباب بالمهارات العملية التي تؤهلهم للعمل في القطاع الخاص، ويزيد من تفاقم مشكلة البطالة في البلاد.
للتعامل مع هذه التحديات، يدعو العبيدي إلى ضرورة إصلاح شامل للنظام التعليمي في العراق. وهذا الإصلاح يتطلب تطوير المناهج الدراسية لتكون أكثر توافقًا مع متطلبات سوق العمل، وتوسيع نطاق برامج التدريب المهني لتزويد الشباب بالمهارات العملية. فمن خلال هذه الإجراءات، سيكون بإمكان العراق خلق قوى عاملة شابة ومؤهلة، قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية. ويضيف العبيدي أن "هذه الإصلاحات ضرورية لتحقيق الاستفادة القصوى من الكتلة البشرية الشابة. فإذا ما تم استثمار هذه الموارد البشرية بشكل صحيح، فإن الشباب العراقي سيكونون قادرين على أن يكونوا عناصر فاعلة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بدلاً من أن يتحولوا إلى عبء اقتصادي على المجتمع".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بغداد تلاحق مجموعة "يا علي الشعبية" بعد أنباء عن "غرفة النجف" لإسقاط الشرع

رئيس الحكومة يخيب آمال قيادات الإطار ويسحب "قانون الحشد" من البرلمان

57 بالمائة من مسيحيي العراق في بلاد المهجر

في بطولة شارك فيها أكثر من 60 متنافساً.. شطرنج الناصرية الأفضل

العمود الثامن: أحلام الليبرالي الأخير

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

بغداد تلاحق مجموعة
سياسية

بغداد تلاحق مجموعة "يا علي الشعبية" بعد أنباء عن "غرفة النجف" لإسقاط الشرع

بغداد/ تميم الحسن كشف في بغداد عن مجموعة مسلحة عراقية "تطارد السوريين" على خلفية أحداث "الساحل" الأخيرة، وسط اتهامات بتشكيل "غرفة عمليات" في إحدى المدن العراقية لتنفيذ انقلاب في دمشق. قال مكتب رئيس الوزراء...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram