السليمانية/ سوزان طاهر
في يوم 16 آذار 1988، تعرضت مدينة حلبجة الى قصف بالاسلحة الكيمياوية، استشهد جراءه الآلاف من النساء والشيوخ والاطفال وخلفت الصور الاكثر إثارة في الذاكرة والوجدان الانساني.
ويستذكر أهالي حلبجة والكرد بشكل عام يوم السادس عشر من آذار بحزن عميق، لما حلت عليهم من كارثة كبيرة جراء القصف الكيمياوي الذي طال المدينة.
وبالرغم من مرور 37 عاماً على حادثة القصف الكيمياوي، فإن حلبجة ماتزال بانتظار من ينصفها إدارياً ومادياً ومعنوياً.
وفي (16 آذار 2023) أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن تصويت مجلس الوزراء على قرار تحويل مدينة حلبجة في إقليم كردستان، إلى محافظة هو وواجب أخلاقي.
وأضاف: "قرارنا في مجلس الوزراء بالتصويت على مشروع القانون الذي يقضي بتحويل المدينة المضحية إلى محافظة هو واجب أخلاقي قبل أي شيء"، مشيرا الى ان "الحكومة تسعى دوماً لإنصاف المدن المظلومة والمحرومة وهذا من صلب أولويات حكومتنا". لكن البرلمان العراقي لم يصوت على تحويل حلبجة إلى محافظة حتى الآن، بالرغم من عرض القرار على المجلس في أكثر من مناسبة.
زيادة التخصيصات المالية
وبهذا الصدد يؤكد محافظ حلبجة السابق آزاد توفيق أن، حلبجة كانت تعامل على أنها قضاء، بالرغم من اعتمادها كمحافظة في الإقليم. وبين في حديثه لـ(المدى) أن "جميع المخاطبات الرسمية التي تصلنا من الحكومة العراقية، والوزارات الاتحادية، تأتي لنا بصيغة قضاء تابع لمحافظة السليمانية".
وأشار إلى أن "حلبجة تحتاج إلى زيادة في التخصيصات المالية، والمشاريع الخدمية، وأيضاً إكمال تعويض ضحايا القصف الكيمياوي بما يليق بهم، من الناحيتين المادية، والمعنوية".
وأضاف أن "تحويل حلبجة إلى محافظة يحتاج إلى قرارات أخرى من الحكومة الاتحادية، تتمثل في اعتماد صيغة جديدة في المؤسسات الحكومية، وخاصة في المرور، والبطاقة الوطنية، والجوازات، والبطاقة التموينية، والتي يفترض اعتماد حلبجة فيها كمحافظة جديدة".
ويتبع قضاء حلبجة محافظة السليمانية في كردستان وتبعد عن العاصمة بغداد نحو 240 كيلومتراً، ولا يفصل بينها وبين الحدود الإيرانية سوى نحو 14 كيلومتراً فقط، وتقع عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية - العراقية. وقررت رئاسة مجلس النواب في وقت سابق بأكثر من مناسبة تأجيل التصويت على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، بسبب عدم تحديد الحدود الإدارية للمحافظة بشكل واضح من قبل حكومة إقليم كردستان.
مساوامات سياسية
من جهة أخرى يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني إدريس شعبان إن، الخلافات والمساومات السياسية هي التي تقف وراء تأجيل إقرار محافظة حلبجة. ولفت في حديثه لـ(المدى) إلى أن "بعض القوى السياسية تريد تمرير مشاريع لاستحداث محافظات جديدة في نينوى وصلاح الدين، مثل محافظة تلعفر، ومحافظة سامراء". ولهذا، يتم تأجيل جلسة إقرار حلبجة محافظة جديدة باستمرار، بالرغم من أن موضوع حلبجة هو إنساني، ولا علاقة له بالسياسة والانتخابات.
وأضاف أن "حلبجة لم يتم إنصافها، وأقل أمر هو الموافقة على إعلانها محافظة، لكي يتمتع سكانها بالحقوق الإدارية، ويتم تخصيص تعيينات لطلبتها، وتنصف معنويا، نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بأهلها". وأثارت القراءة البرلمانية الأولى، في 2 نيسان الجاري لتحويل حلبجة إلى محافظة، حفيظة ممثلي الكثير من الكتل والأحزاب السياسية عبر مطالبتهم بتحويل بعض الأقضية لمحافظات مستقلة، مثل قضاء تلعفر -أكبر أقضية البلاد- في محافظة نينوى (شمالا) وقضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين (شمالا) وقضاء الفاو في محافظة البصرة (جنوبا) وغيرها. ورغم أن حكومة كردستان تعد حلبجة محافظة بحد ذاتها، إلا أن مصادقة الحكومة الاتحادية على ذلك سيعني تخصيص نسبة مئوية للمحافظة من الموازنة العامة على غرار بقية المحافظات الأخرى، وهو ما قد يعني مبدئيا أن النسبة المخصصة لإقليم كردستان من الموازنة ستكون أكبر من المقررة سابقا.
تواقيع نيابية
وبهذا الصدد تؤكد النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني جرو شريف أن، جميع الإجراءات الإدارية اكتملت بخصوص تحويل حلبجة إلى قضاء.
وأوضحت في حديثها لـ(المدى) أنه "تم جمع تواقيع أكثر من 100 نائب، وأبدوا الموافقة على قرار تحويل حلبجة إلى محافظة، وتم حل الإشكاليات المتعلقة بالحدود الإدارية للمحافظة، ولم يبق سوى التصويت من قبل البرلمان".
وأضافت أن "تصويت البرلمان على تحويل حلبجة إلى قضاء سيكون بمثابة دفعة معنوية للأهالي، عن الفاجعة التي لحقت بهم، جراء القصف الكيمياوي".
وكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني طالب الحكومة الاتحادية بإنجاز الخطوات كافة لتحويل حلبجة إلى المحافظة العراقية الـ19.
يذكر أن نوابا كردا، لوحوا مطلع العام الحالي بالتوجه للمحكمة الاتحادية، في حال عدم تسريع إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة، فيما انتقدوا عدم تعامل البرلمان معها كمحافظة.