TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

العمود الثامن: بين مستشار ومستشار

نشر في: 17 مارس, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

كان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسو ميتران قد ارتبط بالعديد من الصداقات الأدبية، ومن أبرز أصدقائه غابريل غارسيا ماركيز، ماريو فارغاس يوسا، غراهام غرين، وفي شبابه كان صديقاً لفرانسوا مورياك وألبير كامو وهمنغواي، لكنه لم يحب سارتر، وقبله كان ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرانسوا مورياك. ولكن في الخارج كان سارتر أيضاً يقف في صف المعارضة دوما، عيّن ميتران الفيلسوف ريجيس دوبريه مستشاراً له بعد عودته من بوليفيا، حيث كان يقاتل إلى جانب تشي غيفارا.
سيقول قارئ عزيز؛ يارجل مالنا ومال ميتران ونحن نعيش في ظل المستشارين الذين صمموا لنا دولة جديدة وحددوا حدودها، ورفعوا راياتها، فيما مستشار آخر يتقلب بين اليمين واليسار، مرة ضد سوريا، ومرة مع سوريا، ومرة ع الدولة ومرات يهتف لدول الجوار ، لكنه في النهاية متصالح مع مصالحه وليس مصالح البلد، مستشارون غايتهم الاولى في الحياة تحويل العراق إلى دكان للامتيازات والهبات والعطايا، في الوقت الذي لا يعرف المواطن أين حل الدهر بامنوال مستشار العراق الاول هيثم الجبوري؟.
منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات المستشارين الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن التغيير سيجعلهم يعيشون عصرًا جديدًا من الأمان والرخاء، ولم يكونوا يتوقعون أنهم سيقرأون حلقات “المستشار" الحكومي، والذي لم يتوقف يوماً عن إتحافنا بكل ما هو بائس ومثير للضحك.
كيف يسقط كبار الساسة في أوروبا وأمريكا ويذرفون الدموع أمام الفضائيات؟ في سلاح اسمه الرأي العام ، وليس في إنشاء جيوش إلكترونية امتلأت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، فهذا جيش تابع للنائبة الفلانية، وهذه مجموعة تتبع زعيما سياسيا كبيرا، والجديد جيوش الكترونية في اروقة الدولة مهمتها إيهام المسؤول والسياسي بأنه "ليس في الامكان أحسن مما كان".
قال ديغول وهو يتأمل ما وصلت إليه الأمور بعد الحملة التي قادها سارتر ضده: "لم أُواجه في حياتي مدفعية بكل هذه القوة والتركيز على الهدف".
نقرأ سِيَر الزعماء الكبار فنرى كيف تتقدم الأمم ونحن قعود. وإذا قمنا فلكي نقاتل بعضنا البعض. دائماً تحيط بأصحاب القرار شخصيات همها الوحيد اشعال الحرائق، وبث أكوام من الشعارات التي لا تحمل السبات في الجهل والتخلّف والطائفية.
كلما أنظر إلى وجوه المستشارين، أتذكر التجارب التي خاضتها الشعوب للتخلص من ثقافة النميمة والجهل، وأتساءل، كيف استطاعت بلدان مثل سنغافورة والإمارات والصين وكوريا الجنوبية واليابان أن تحقق كل هذا التطور في سنوات معدودات؟. والسر في المستشار الكفء وليس المستشار الجاهل .
اليوم نحن بأمس الحاجة الى عقول تساعد المسؤول على الخروج من أزمة قصر النظر، بديلا عن اصحاب الخطابات الانتهازية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

العمود الثامن: حلال وحرام !!

العمود الثامن: فرمانات القبانجي

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين قذيفتين

العمود الثامن: حقا إنها مؤامرة!!

العمود الثامن: فرمانات القبانجي

 علي حسين يحاول البعض أن يوهم الناس البسطاء، بأن معركتهم الحقيقية ليست مع سراق المال العام، ومروجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست السعي إلى تقسيم البلاد لدويلات طائفية.. وإنما أزمتنا الحقيقية هي...
علي حسين

مجرد كلام: ديمقراطية.. على الهامش

عدوية الهلالي في فيلم (الجانب البعيد عن العالم)، يدور حوار عنيف على متن سفينة حربية بين الكابتن جاك اوبروي وهو من محبي الانضباط والنظام، وصديقه الدكتور ستيفن ماتورين الذي يميل الى التساهل والحرية حول...
عدوية الهلالي

دور الثقافة في حياة الفرد والمجتمع: التداعيات والآفاق

د. فالح الحمــراني ساهمت الثقافات من جميع أنحاء العالم في تشكيل المجتمعات بشكلها الحالي. ولا تعكس الثقافة ظلالها على القيم والمعتقدات فحسب، بل وتؤثر أيضًا على السلوك الفردي والجماعي. وهناك انعكاسات مختلفة للثقافة على...
د. فالح الحمراني

مفاوضات مسقط: الحاجة الأميركية إلى مقاربة أكثر واقعية

محمد علي الحيدري اختتمت جولة مسقط من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة دون التوصل إلى نتائج حاسمة، مما يسلّط الضوء على التحديات البنيوية في مقاربة الإدارة الأميركية لهذا الملف. رغم إظهار واشنطن نيةً...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram