ترجمة/ حامد أحمد
تناول تقرير لموقع، ذي ناشنال، الاخباري إطلاق خبير معماري فني فرنسي لمشروع ثقافي يبرز المعالم التاريخية والمعمارية الفريدة لمدينة الموصل القديمة التي تظهر تاريخ التعايش بين الاديان والطوائف المختلفة في المدينة على مدى ازمنة طويلة أطلق عليه اسم، أبواب الموصل، وزخارفها التي تمثل التعايش بين المسلمين والمسيحيين والطوائف الأخرى، وإن معرض لنماذج هذه الأبواب سيقام في فرنسا هذا الصيف للتعريف بتاريخ الموصل القديم.
ويذكر التقرير الذي ترجمته (المدى)، ان المدينة القديمة في الموصل، التي كانت في فترة من الزمن عبارة عن ساحة قتال ومعارك، هي الان موقع لحدث معماري فني يستقطب الاهتمام، وهو عبارة عن عرض لبوابتين ضخمتين من الرخام تعلوهما نقوش وزخارف معقدة على شكل زهور وأشكال هندسية محفورة تعكس الإرث الحضاري المتنوع والتعايش بين جميع الطوائف والأديان التي عاشت فيها على مدى قرون.
هذا الحدث هو جزء من مشروع برعاية الفنان المعماري الفرنسي، لويس سيبرن ريالز، لإبراز معالم أبواب تراثية نحتها وصنعها حرفيون محليون في المدينة القديمة تعكس التعايش بين المسيحيين والمسلمين والطوائف الأخرى التي مثلت التنوع المذهبي والديني لهذه المدينة القديمة على مدى آلاف السنوات.
الأبواب التي تمثل تاريخ المسلمين والمسيحيين قد تم تحضيرها وهي تعرض الان للزوار في قلب المدينة القديمة بالقرب من موقع جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء الذي شيد في القرن الثاني عشر، والذي تعرض للتدمير على يد تنظيم داعش في العام 2017، واعيد اعماره الان بمبادرة من منظمة اليونسكو وتمويل من دولة الإمارات.
أجزاء من الأبواب قد صنعت من المرمر والرخام المنفصل المركب سوية والذي يمكن عملية نقل الأبواب للعرض في مناطق أخرى بسهولة. وبالنهاية سيتم عرض هذه الأبواب خلال معرض سيقام في مدينة، لو هافر، الفرنسية هذا الصيف.
حيث ان هناك جوانب كثيرة تشترك فيها المدينتان تفوق ما قد يتصوره المرء، فقد تعرضت كلاهما للدمار خلال الحرب، إذ تعرضت المدينة الفرنسية لدمار شامل خلال الحرب العالمية الثانية، بمقابل ما تعرضت له المدينة القديمة من دمار على يد تنظيم داعش وخلال عمليات تحرير الموصل.
ويقول الفنان الفرنسي ريالز الذي واصل زياراته للعراق منذ عام 2011 وقام بتنظيم عدة مشاريع فنية "دائما ما كان تاريخ المدينة القديمة يستلهمني، وكذلك ما حصل لأهالي هذه المدينة".
ويمضي بقوله: "بعد زيارتي للموصل عام 2021 اكتشفت كل المعالم المعمارية القديمة فيها، فكرت انه من الضروري بناء صرح يعكس الأشخاص والأطراف المتعددة التي ساهمت في بنائها من مسلمين ومسيحيين وطوائف أخرى".
ويقول ان مشروع "أبواب الموصل" هو يمثل صرحا للهويات المختلفة التي يمكن إظهارها والتي عاشت في مناطق مختلفة من المدينة القديمة، ستكون هذه الأبواب بمثابة السفير الذي يمثل المدينة.
على مدى الـ2500 سنة التي مضت اكتسبت المدينة اسمها العربي من الموصل كجسر يوصل بين المناطق والثقافات المختلفة.
وأصبحت مدينة الموصل رمزا لهوية التعددية في العراق والتعايش بين مختلف الطوائف والأديان والاعراق واختلاف اللهجات واللغات.
وفي حزيران عام 2014 سيطر تنظيم داعش على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، في غضون اقل من أسبوع، وشن حملة تدمير وطمس المعالم الحضارية والتاريخية للمدينة من مواقع آثارية ومباني إسلامية وكنائس. وبعد شن حملة استرجاع وتحرير الموصل بدعم من قوات التحالف الدولي تعرضت اغلب احيائها للدمار.
وكانت المدينة القديمة قد تعرضت للجانب الأكبر من الدمار والتي شهدت آخر معركة لتحرير الموصل وهزيمة تنظيم داعش.
التاريخ الحضاري الغني للمدينة كان شاخصا على مدى ازمنة والمتميز بمبانيها المعمارية التراثية وازقتها الضيقة التي تجمع الثقافة الإسلامية والمسيحية من زخارف معمارية ونقوش فنية على الجدران والابواب.
أحد أهم معالم المدينة القديمة المعمارية في الموصل هي غناها بالواجهات والمداخل الرخامية التي تتميز بالزخارف والنقوش مع كتابات وعبارات تزين الأبواب والشبابيك والاقواس.
وعلى مدى قرون استخدم أهالي الموصل من مسلمين ومسيحيين الأبواب الرخامية لمداخل بيوتهم وكذلك في الجوامع والكنائس. وهذه الأبواب الغنية بالزخارف والنقوش غالبا ما تحمل رموز دينية او رموز تعريفية بهوية صاحبها.
سحر يحيى خروفة، معمارية واكاديمية من جامعة الموصل، تقول ان هذه المعالم بقيت لحين تعرض المدينة القديمة للدمار في 2017، مشيرة الى ان قسما منها رفع من قبل أصحابه من بيوتهم او تمت سرقته.
وتؤكد بالقول: "كانت منطقة المدينة القديمة كمتحف مفتوح في الهواء الطلق، معرض للتعرية ولم يعمل أحد على حمايته".
وبدأت الاكاديمية سحر بجمع الصور لأبواب منازل ومعالم المدينة القديمة وعمل رسومات لها انتهت بإصدار كتاب لها عام 2019 حمل عنوان "أبواب مدينة الموصل القديمة" وهي دراسة عن الفن المعماري لهندسة هذه الأبواب واشكالها في المدينة القديمة، تبع ذلك إصدارها عام 2022 دراسة وثقت فيها تفاصيل العناصر المعمارية التراثية لمدينة الموصل القديمة.
وكانت هذه الكتب مصدر إلهام لمشروع الفنان المعماري الفرنسي، ريال، الذي أطلق عليه اسم ابواب الموصل بالتعاون مع الاكاديمية سحر والتي شاركت بدورها مع فريق مهندسين آخرين في مبادرة إعادة احياء الموصل التي رعتها منظمة اليونسكو لإعادة اعمار الأبنية التراثية والتاريخية للموصل.
عن: ذي ناشنال