خاص / المدى
منذ ثلاثة أسابيع، تفتك الحمى القلاعية بقرية كوكجلي الواقعة على الطريق بين الموصل وأربيل، والمعروفة بتربية المواشي، حيث تضم أكثر من 30 ألف رأس من الأبقار والجاموس. وقد خسرت، حتى الآن، نحو 4 آلاف رأس، بحسب أهاليها. وأعلن المستشفى البيطري النفير العام في القرية، كما فرض الحجر الصحي عليها بقرار من محافظ نينوى عبدالقادر الدخيل، للسيطرة على الوضع. ونفذت الكوادر البيطرية حملات تعقيم للحقول لمنع انتشار المرض بينها.
ويقول أهالي القرية إن الوضع لديهم كان مستقراً قبل شهر رمضان، لكن دخول عدة عجول هندية مستوردة إلى القرية أدى إلى انتشار المرض في حقولهم بهذا الحجم الكبير، ولأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي. وبسبب ذلك، خرجوا على مدار يومين في احتجاجات، وقطعوا الطريق العام الرابط مع أربيل، لكن القوات الأمنية سرعان ما فضّت التظاهرة. عبدالله خطاب، أحد مربي الأبقار، طالب، خلال حديثه لـ(المدى)، رئيس الوزراء ومحافظ نينوى بفك الحجر عن حقولهم، ليتمكنوا من إرسال الأبقار غير المصابة وبيعها في السوق. وقال إنه خسر 150 بقرة من أصل 300 يمتلكها، مؤكداً أنهم بحاجة إلى توفير العلاج لتفادي مزيد من النفوق.
كما طالب بمنع إدخال المواشي الهندية المستوردة، مشيراً إلى أنهم، منذ شهر، يخسرون العشرات من الأبقار يومياً بسبب المواشي المستوردة. وأكد أنهم بحاجة إلى تعويض عن خسائرهم وتوفير الأدوية اللازمة.
من جانبه، أكد شاينواز حيدر، أحد مربي الأبقار، في حديثه لـ(المدى)، أنه تكبّد خسائر كبيرة جراء نفوق مئات من مواشيه.
وبيّن أن البلدية قامت بدفن وطمر الأبقار النافقة، فيما فرضت الرقابة الصحية الحجر على الحقول، وانتشرت الكوادر البيطرية في القرية لتعقيم الحقول، رغم أنها كانت قد عُقِّمت مسبقاً من قبل المربين أنفسهم.
وأضاف أن مربي المواشي يقدمون العناية لأبقارهم أكثر من اهتمامهم بأنفسهم، لكنهم يفتقدون اللقاحات الضرورية. وأشار إلى أن استمرار الحجر سيؤدي إلى تفاقم الوضع، موضحاً أنه إذا كانت هناك ألف حالة إصابة الآن، فقد تصل إلى 7 آلاف حالة خلال أيام.
وأكد أن لديه أبقاراً ملقحة وغير مصابة، ويريد إرسالها إلى السوق، لافتاً إلى أن مجازر ذبح المواشي تضم أطباء بيطريين يقومون بفحص كل بقرة قبل ذبحها. وأكد أن مواشيهم جميعها ملقحة وفي صحة جيدة، لكن المواشي المستوردة هي التي جلبت لهم الوباء، مشيراً إلى أن حالات النفوق بدأت لديهم منذ نهاية شهر شباط وما زالت مستمرة حتى الآن. ولفت إلى أن محافظة نينوى تسهم بنسبة 49% من إنتاج اللحوم في العراق، وأن قرية كوكجلي تُعدّ الأولى على مستوى البلاد في إنتاج المواشي، إذ تشتهر بتربية الأبقار والعجول منذ 100 عام. وأعرب عن استعدادهم للتعاون مع كافة الجهات الحكومية لإيجاد حل لهذه المشكلة. إلى ذلك، عقدت اللجنة الخاصة بهذا الشأن، والمكونة من لجنة الزراعة في مجلس محافظة نينوى، والمستشفى البيطري، ودائرتي الصحة العامة والزراعة، وقدمت توصيات عدة، أهمها التحقيق في أسباب انتشار المرض، وإيقاف دخول المواشي إلى نينوى عبر المنافذ الحدودية الإدارية إلى حين القضاء على الوباء. كما أوصت بحجر المواشي المستوردة عند الحدود لمدة أسبوعين، لمعرفة ما إذا كانت مصابة أم لا، وتعويض المتضررين عن خسائرهم في الأبقار والعجول، وإلزام أصحاب الجزارات بنقل اللحوم من المجازر إلى محلاتهم عبر سيارات مبردة وغير مكشوفة، وتحت متابعة المرور والقوات الأمنية.
كذلك، دعت اللجنة وزارة الزراعة إلى ضرورة توفير العلاجات اللازمة، وتعيين كوادر بيطرية، نظراً لمعاناة مستشفى نينوى البيطري من نقص في عدد البيطريين.
من جانبه، أكد رعد الحيالي، مدير المستشفى البيطري في نينوى، أن 10 فرق جوالة تعمل على مدار الساعة لتعفير الحقول، وقد فُرض حجر صحي على أكثر من 20 حقلاً. وبيّن أن انتشار المرض كان أقوى من طاقة الكوادر البيطرية، مشدداً على أنهم يسعون إلى القضاء عليه في أسرع وقت ممكن.
وفي خبر لاحق، أعلن محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، فرض حجر صحي على 22 حقلا لتربية الماشية ضمن مناطق شرق الموصل، في إطار الإجراءات الوقائية لمكافحة تفشي مرض الحمى القلاعية. وقال الدخيل، إن "الإجراءات تأتي في إطار حرص الحكومة المحلية على الحد من انتشار المرض، وتوفير بيئة آمنة للماشية بمناطق تربيتها"، موضحا أن "الفرق البيطرية في المحافظة تعمل بشكل مكثف لمتابعة الوضع في أكبر مناطق تربيتها وهي كوكجلي شرق الموصل". كما نوه بأن الإجراءات مستمرة لضمان عدم انتقال المرض إلى مناطق أخرى.
وكانت غرفة عمليات بيطرة نينوى، قد نفذت الأحد الماضي، عمليات تعفير ورش مكثفة في كوكجلي، كإجراء وقائي لمنع تفشي المرض، إضافة إلى عمليات متابعة دقيقة للماشية المتضررة.