متابعة/ المدى
على ما يبدو، فإن مجلس النواب العراقي دخل في "سرير الإنعاش" بعد مروره بانتكاسة من المستبعد الخروج منها، مما دفع إلى تضارب بالمواقف البرلمانية وتشتت تجاه تعديل قانون الانتخابات، فضلاً عن حل المجلس والذهاب إلى انتخابات مبكرة، كما كان يتحدث الكثير من السياسيين.
والفكرة التي كانت تتردد والتي تتمثل بـ "حل البرلمان"، تواجه صعوبات كثيرة أبرزها "ضيق الوقت" لمفوضية الانتخابات التي تحتاج إلى 6 أشهر كحد أقصى لإجراء عملية الاقتراع، فضلاً عن قرب انتهاء توقيتات الدورة دستورياً.
الدورة البرلمانية الخامسة بدأت في 9 كانون الثاني 2022، ومن المقرر أن تستمر لمدة أربع سنوات، إلا انها شهدت سلسلة خلافات وتعقيدات بدأت من استقالة الكتلة الصدرية، مروراً بإقالة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، وتمرير قوانين ما يعرف بـ"السلة الواحدة"، حتى وصفت الدورة الحالية بـ"أنها الأسوأ".
وصف الدورة النيابية الخامسة بـ"الأسوأ" جاء على لسان رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني، إذ قال في شهر شباط الماضي، إن "الدورة البرلمانية الحالية أسوأ الدورات لأن أول سنة من عمرها كانت صراع بين التيار والإطار، وثاني سنة صراع داخل الأنبار، وثالث سنة العمل على انتخاب رئيس للبرلمان وهذه السنة وهي الرابعة تحضير للانتخابات".
كذلك افتقرت الدورة الحالية إلى استجواب مسؤولين كبار ووزراء باستثناء رئيس شبكة الإعلام العراقي السابق نبيل جاسم، ورئيس مجلس الأمناء السابق في الشبكة جعفر الونان، فضلاً عن عدد محدود من الاستضافات كاستضافة وزيري الداخلية والاتصالات، وهذا يعتبر قليلاً مقارنة بالدورات الأربع الماضية للبرلمان.
"حل البرلمان مستبعد"
ويستبعد برلمانيون مسار الذهاب نحو "حل البرلمان"، إلا أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت جديدة، إذ أن القرار النهائي وفق أعضاء في البرلمان، هو بيد الكتل السياسية المتنفذة والمتمثلة بـ"إئتلاف إدارة الدولة"، ذلك الائتلاف عطل عمل البرلمان وشلّ جلساته مؤخراً، وفق ما ذُكر في التقرير.
ومن المقرر أن يجري العراق انتخابات تشريعية بحلول تشرين الأول 2025، وسط جدل بشأن القانون الذي ستجرى عليه الانتخابات، كذلك في توسعة عدد مقاعد مجلس النواب لتناسب الزيادة التي أظهرتها نتائج التعداد السكاني الأخير في البلاد.
ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، إن "النوايا كثيرة ومتشعبة بخصوص حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة او تعديل قانون الانتخابات، إلا ان تلك النوايا لم تصدر بشكل رسمي متمثل بتقديم مقترح مكتوب".
وبحسب عنوز، فإن "رئاسة مجلس النواب واللجنة القانونية لم يصلها طلب لحل البرلمان أو طلب لإجراء قانون الانتخابات أو تعديل القانون الحالي".
وأشار عضو مجلس النواب إلى، أن "هناك بعض النواب يرون وجود حاجة إلى تعديل قانون الانتخابات، لكن لا أحد تبنى ذلك الملف، وما يحصل سوى كلام".
وأكد عضو مجلس النواب، أن "القرار النهائي للتعديل وما يتعلق بالانتخابات، هو بيد القوى السياسية المتنفذة داخل البرلمان"، كاشفاً عن "غياب التوافقات بين القوى السياسية، إذ أن كل جهة تريد تعديل القانون وفق ما يناسبها لضمان حصولها على أكثر عدد من أصوات الناخبين".
ولفت عنوز الى، أن "عدم اتفاق الكتل السياسية سيدفع إلى إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، والانتخابات البرلمانية تمضي بنفس شكل القانون الذي أُجريت عليه انتخابات مجالس المحافظات أخيراً، من خلال اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، وفقاً لآلية (سانت ليغو) النسبية، وبقاسم انتخابي 1.7 الذي يجعل الفوز حليفاً للكتل الكبيرة ويبعد المستقلين عن المشهد النيابي خلال المرحلة المقبلة".
بدوره، يرى عضو مجلس النواب المنضوي ضمن قوى الإطار التنسيقي، معين الكاظمي، أن الوضع الحالي في مجلس النواب غير مهيأ لإجراء تغييرات على قانون الانتخابات أو الذهاب نحو حل البرلمان.
ويقول الكاظمي إن "قانون الانتخابات الذي جرت على ضوئه انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، اعتبر المحافظة دائرة واحدة".
وأضاف، أن "تجربة قانون سانت ليغو 1.7 بدلاً من الدوائر المتعددة اثبت فشلها، نتيجة تشكيل مجلس نواب متشتت من حيث الأعداد وغيرها".
ولفت عضو مجلس النواب إلى أن "انتخابات العام 2025 ستكون على غرار القانون الذي أجريت فيه انتخابات مجالس المحافظات في العام 2023"، موضحاً أن "القانون سيخدم الكتل السياسية من خلال حصد الكثير من الأصوات، وربما يذهب بنا إلى برلمان متفاهم".
أما فيما يخص قانون الدوائر المتعددة، رأى عضو مجلس النواب، أنه "يخدم التشريحات الفردية، وأثبتت التجربة أن تلك الترشيحات لم تكن مجدية، ومن يسمون بالمستقلين أصبحوا صيداً ثمياً للكتل الكبيرة
"دورة برلمانية فوضوية"
ويواجه تعطيل جلسات البرلمان انتقادات كثيرة، حيث اعتبر التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصاً ان هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج إلى عقد جلسات المجلس من اجل تشريعها وأبرزها قانون الحشد والموازنة وقانون الخدمة المدنية وسلم الرواتب وقانون النقابات وقرار نظام المحاولات.
وفقًا للقانون الانتخابي رقم 12 لسنة 2018 المعدل، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية.
وخلال الفترة الماضية، شهدت جلسات البرلمان الكثير من التلكؤ، خاصة بعد تمرير القوانين الجدلية في سلة واحدة، وحتى قبلها كانت الجلسات تشهد كسر نصاب احتجاجاً على تمرير القوانين.
ووفقاً للنظام الداخلي، فإنه من المفترض أن تعقد 64 جلسة في السنة التشريعية الواحدة للبرلمان، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، إلا أن البرلمان لم يحققها.
وتوصف حصيلة مجلس النواب العراقي في تشريع القوانين وإنجاز الأعمال الرقابية بـ"الضحلة"، حيث لم يتمكنّ المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلاد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
إدارة الدولة عطلت البرلمان
من جانبه، يلفت استاذ الإعلام والباحث بالشأن السياسي، علاء مصطفى، إلى أن "وصفة تحالف إدارة الدولة" شلّت عمل البرلمان.
ويقول علاء إن "المرحلة العمرية للبرلمان انتهت فعلياً، والدورة الحالية تكاد تلفض أنفاسها الأخيرة"، مشيراً الى أن "الدورة النيابية الخامسة أفقر دورة، مقارنة بالدورات السابقة".
وأضاف "الدورة الخامسة شهدت تعطيلاً لملف الاستجواب، وهذا أمر معيب يتحمله البرلمان، فضلاً عن ضعف ملف الرقابة والنزاهة".
ولفت علاء الى أن "مجلس النواب لم يتبق من عمره سوى أيام معدودة وينتهي، إذ ان الحملات الانتخابية شارفت على البدء"، مبيناً أن "حل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة، مستبعد في الوقت الحالي؛ كون الانتخابات محددة في شهر تشرين الأول المقبل، وهذا الوقت يمثل حوالي نصف عام".
وأشار الأكاديمي في جامعة بغداد إلى، أن "مفوضية الانتخابات تعمل بكل طاقاتها لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، وأي تغيير يقرب الموعد قد يؤثر على عملها"، مؤكداً أن "كل انتخابات تتطلب تجهيزات لا تقل عن ستة أشهر".
ومضى الباحث بالشأن السياسي قائلاً إن "وصفة تحالف إدارة الدولة قد شلّت عمل البرلمان، والخلافات الحالية التي تجري هي بسبب بعض القوانين الجدلية، وأبرزها قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي وقانون الانتخابات".
المفوضية تستنفر
من جهتها، تؤكد المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة الغلاي، البدء باستعدادات المفوضية لإجراء الانتخابات التشريعية خلال العام الحالي.
وأوضحت الغلاي أن "مفوضية الانتخابات بدأت استعداداتها لانتخابات مجلس النواب العراقي المقبلة"، مبينة أن "مراكز التسجيل مفتوحة لتحديث البطاقات البايومنرية، في 1079 مركزاً بعموم العراق".
واضافت أن "مواليد العام 2007، سجلت للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة"، لافتة إلى أن "مفوضية الانتخابات شرعت بالمصادقة على نظام تحديث سجل الناخبين، وقريباً سيتم المصادقة على إجراءات التحديث من خلال الحذف والإضافة والتغيير".
وأشارت الغلاي إلى أن "عملية تسجيل الأحزاب القديمة مستمرة، أما تسجيل الأحزاب الجديدة سيحدد من قبل مجلس مفوضية الانتخابات لمنحهم شهادات تأسيس، وفق جدول عملياتي بتوقيتات زمنية مختلفة".
الانتخابات تحتاج نصف عام
وفي السياق ذاته، يرى رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات، عماد جميل، أن مفوضية الانتخابات تحتاج إلى وقت يتمثل بستة أشهر إلى سبعة أشهر لإجراء الانتخابات حسب المعايير الدولية.
ويقول جميل إن "مفوضية الانتخابات تحتاج إلى وقت يتمثل بستة أشهر إلى سبعة أشهر لإجراء الانتخابات حسب المعايير الدولية"، مؤكدا أن "استعدادات المفوضية مستمرة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
وأكد جميل، "ارتفاع نسبة المسجلين والمحدثين للبطاقات البايومترية"، مشيراً إلى أن "تسجيل الأحزاب مستمر في دائرة الأحزاب".
ولفت رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات إلى أن "باب تسجيل الكيانات السياسية والمرشحين، لم يفتح لغاية الآن، إذ أن هناك توقيتات زمنية سيتم الكشف عنها خلال الفترة المقبلة، بعد البدء بجدول العمليات".
كانالنواب العراقي، قد صوت في 13 كانون الثاني الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية بالدورة الحالية لمدة سنتين.