ترجمة: فالح الحمراني
تبدو العملية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حركة الحوثي أنصار الله في اليمن بمثابة تحضير لهجوم شامل على إيران. وفي تصريح على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أشار رئيس البيت الأبيض إلى أن "مئات الهجمات" التي نفذها المتمردون اليمنيون "تأتي من إيران". وأكد الرئيس الأميركي أن "أي هجوم أو رد آخر من جانب الحوثيين سيقابل بقوة أكبر، ولا يوجد ما يضمن أن تكون هذه هي النهاية". واتهم بشكل مباشر قيادة إيران بـ"إملاء كل خطوة" على أنصار الله، وتزويد الجماعة بالمعدات العسكرية والاستخبارات، وتوفير التمويل لها. وأوضح ترامب موقفه قائلا: "كل رصاصة يطلقها الحوثيون من الآن فصاعدا سيتم التعامل معها على أنها رصاصة أطلقتها أسلحة وقيادة إيران".
وتحدث مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والز بشكل أكثر تفصيلا في اليوم الآخر، حيث وعد على شاشة التلفزيون بأن الضربات الأميركية في منطقة البحر الأحمر قد تصل بسهولة إلى السفن الإيرانية، التي تساعد، وفقا لمجتمع الاستخبارات الأميركي، الحوثيين في استهدافهم أثناء القصف، أو المدربين العسكريين الإيرانيين المتمركزين في اليمن. وبحسب مسؤول رفيع المستوى آخر في الإدارة الرئاسية الأميركية، وزير الخزانة سكوت بيسنت، فإن الضربات على أنصار الله هي في كثير من النواحي استمرار لسياسة الولايات المتحدة المتمثلة في "الضغط الأقصى" على طهران. وهذا النهج، كما تشير تعليقات بيسنت السابقة، يهدف إلى تضييق ليس فقط قدرات إيران الاقتصادية، بل وقدراتها العسكرية أيضاً.
إن تنفيذ عملية شاملة ضد البنية التحتية العسكرية والنووية الإيرانية هو السيناريو الذي تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل الاتفاق عليه في الأشهر الأخيرة. وقال ترامب منذ توليه منصبه إن طهران بحاجة إلى فرصة للتفاوض والتوصل إلى اتفاق شامل. في الوقت نفسه، أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن إيران فقدت قدرات كافية للدفاع عن مجالها الجوي بشكل فعال بعد الهجوم المباشر الذي شنته القوات الجوية الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2024. ويرى رئيس الوزراء أن إسرائيل لديها الآن فرصة تاريخية لإطلاق الرصاصة القاضية واستكمال إضعاف خصمها الإقليمي الذي فقد نفوذه العسكري والسياسي في عدد من النقاط في الشرق الأوسط منذ عام 2024.
إن العملية المحتملة ضد إيران من شأنها أن تلبي بشكل كامل تطلعات الحكومة الإسرائيلية، ولكن الفكرة من المرجح أن تواجه معارضة من دول الخليج. منذ ولاية ترامب الأولى، نجحت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في تطبيع العلاقات الثنائية بشكل كامل مع إيران وإقناع الحوثيين بوقف إطلاق النار. لقد كانت جماعة أنصار الله، من خلال الهجمات المشتركة - الطائرات بدون طيار والصواريخ - هي التي خلقت تهديدًا خطيرًا للبنية التحتية الحيوية للدول العربية. إن الأمر المحتمل الذي قد يصدره ترامب بضرب أهداف إيرانية من شأنه أن يفتح فعليا مرحلة جديدة من الصراع الساخن في الخليج ويخلق أزمة ثقة واضحة في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب.
إن توازن القوى في الشرق الأوسط لا يتحدد بمصالح إسرائيل فحسب. كما أنها تتشكل على حساب لاعبين إقليميين آخرين، تعلموا مؤخراً كيفية بناء حوار متوازن مع طهران والالتزام بسياسة حسن الجوار. إن دعم دول الخليج هو ما تحتاجه خطة ترامب الطموحة لإعادة إعمار قطاع غزة بالكامل، والمفاوضات الأميركية الروسية بشأن أوكرانيا، والتي عملت المملكة العربية السعودية مؤخراً على تهيئة الظروف المريحة لها.
· عن صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا/ موسكو (الصحيفة المستقلة)