TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: تجربة فشل!!

العمود الثامن: تجربة فشل!!

نشر في: 20 مارس, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

منذ صدور مذكرات الحاج إبراهيم الجعفري "تجربتي في الحكم" والذي أطلق على نفسه فيها لقب "النجاشي" تشبهاً بملك الحبشة، وهو "ملك لا يظلم عنده أحد" في الوقت الذي اجتاحت العراق أخطر موجة عنف طائفي أيام تولي صاحب المذكرات رئاسة الوزراء، والناس تسأل ترى ماذا لو كتب باقي الساسة والمسؤولين مذكراتهم؟ ولأنني مغرم بمتابعة أحوال السياسيين فقد تلقيت بفرح غامر الخبر الذي يقول إن السيد حسين الشهرستاني أصدر كتاباً بعنوان "تجربة حياة" يروي من خلاله إنجازاته في وزارة النفط والكهرباء والتعليم العالي، بدليل أننا استطعنا أن نصدر الكهرباء إلى الصين، وفاضت أموال النفط حتى أن المواطن العراقي يشكو من التخمة، ولا أريد أن أعدد منجزات السيد الشهرستاني في وزارة التعليم العالي، فالكل يعرفها ويدرك كيف أنه وبشطارته استطاع أن يتخلص من الكفاءات الجامعية.. وأنا أنظر إلى غلاف كتاب حسين الشهرستاني تذكرت كيف أقسم الرجل على أنه سيجعل العراق في مقدمة البلدان المصدرة للنفط وأطلق تصريحه الشهير عن ثمار الزيادة في صادرات النفط، ثم طور الأمر فقال "إن العراقيين يعيشون أزهى عصورهم"، طبعاً الفقراء في العراق لا يشغلهم كم تبلغ نسبة النمو، وهل زاد العجز أم حدث انكماش، ولا تشغلهم تعبيرات الشهرستاني عن ثمار التنمية، كل ما يشغلهم أن يعرفوا أين ذهبت عشرات المليارات أهدرها الشهرستاني على مشاريع وهمية، وهل يملك الرجل الشجاعة ويتحدث عن الخراب الذي أصاب البلاد والأموال التي نهبت، والصفقات التي عقدها في الغرف المظلمة، وحجم الأموال التي يمتلكها لحظة صدور كتابه "تجربة حياة"؟.
تمنيت أن يقرأ جميع الساسة العراقيين مذكرات اثنين ممن صنعوا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول فسوف يتبين لهم بوضوح معنى الحكم، فقد كان لدى الرجلين الفهم الحقيقي لمعنى الشعور الوطني، ديغول نفى نفسه إلى قرية في الجنوب، بعد أن خرج الطلبة يتظاهرون ضده وهم يحملون لافتات كتب عليها: "ديغول إرحل"، الرجل الذي أنقذ فرنسا من سطوة هتلر، ووضعها في مصاف الدول العظمى، لم يجد غير جملة واحدة قالها لمساعديه "سأرحل، لا شيء أهم من فرنسا مستقرة"، فيما تشرشل الضخم يعيد كتابة التاريخ من وسط سريره المحاط بالوسائد وطيوره المفضلة من فصيلة الببغاء وقطته، ليسطر هذه الكلمات: "المتعصب هو شخص لا يريد أن يغير رأيه ولا يريد أن يغير الموضوع ".
تُكتب المذكرات عادة من أجل قول الحقيقة فيما أصر كبير مفكري العراق باقر جبر الزبيدي على أن يسير على خطى الجعفري فيضع عنوان "تجربتي" لمذكراته.. تاركاً لنا أن نتذكر ماذا كانت هذه التجربة؟، في الوقت الذي يرفض معظم ساستنا ومسؤولينا كتابة تجربة فشلهم في اعادة بناء العراق وبث الطمأنينة في نفوس مواطنيه !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

العمود الثامن: حلال وحرام !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين قذيفتين

العمود الثامن: حقا إنها مؤامرة!!

جِماح الطّائفية.. إلى نوويّة شيعيَّة وسُنيَّة!

العمود الثامن: فرمانات القبانجي

 علي حسين يحاول البعض أن يوهم الناس البسطاء، بأن معركتهم الحقيقية ليست مع سراق المال العام، ومروجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست السعي إلى تقسيم البلاد لدويلات طائفية.. وإنما أزمتنا الحقيقية هي...
علي حسين

مجرد كلام: ديمقراطية.. على الهامش

عدوية الهلالي في فيلم (الجانب البعيد عن العالم)، يدور حوار عنيف على متن سفينة حربية بين الكابتن جاك اوبروي وهو من محبي الانضباط والنظام، وصديقه الدكتور ستيفن ماتورين الذي يميل الى التساهل والحرية حول...
عدوية الهلالي

دور الثقافة في حياة الفرد والمجتمع: التداعيات والآفاق

د. فالح الحمــراني ساهمت الثقافات من جميع أنحاء العالم في تشكيل المجتمعات بشكلها الحالي. ولا تعكس الثقافة ظلالها على القيم والمعتقدات فحسب، بل وتؤثر أيضًا على السلوك الفردي والجماعي. وهناك انعكاسات مختلفة للثقافة على...
د. فالح الحمراني

مفاوضات مسقط: الحاجة الأميركية إلى مقاربة أكثر واقعية

محمد علي الحيدري اختتمت جولة مسقط من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة دون التوصل إلى نتائج حاسمة، مما يسلّط الضوء على التحديات البنيوية في مقاربة الإدارة الأميركية لهذا الملف. رغم إظهار واشنطن نيةً...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram