ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن الانتقال الذي حققه العراق في تعزيز نموه الاقتصادي وسعيه لمشاريع طموحة من بينها طريق التنمية والمضي نحو تنويع مصادر الاقتصاد ولكن وسط تحديات إقليمية ودولية تحتم عليه الموازنة في سياسة علاقاته الخارجية خصوصا مع تغير الأوضاع في سوريا وضرورة تعزيز الرقابة الحدودية لمنع أي تسلل من مسلحي داعش للحفاظ على الاستقرار الذي تم تحقيقه.
ويشير التقرير الى ان العراق كان قد قطع طريقا طويلا منذ تبعات حرب 2003 والانتهاء بإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش بإعادة ترسيخ نفسه كدولة مستقرة حيث يمضي الانتعاش الاقتصادي فيه بخطوات الى الامام رغم كونها بطيئة، ومع ذلك فان هناك تحديات داخلية ما تزال باقية من أبرزها الفساد المستشري والبطالة والاعتماد الرئيسي على النفط كمورد للعملة الصعبة.
وينوه التقرير الى ان الحكومة العراقية تسعى لتنفيذ مشاريع طموحة، من بينها طريق التنمية، وهو ممر تجاري بري ضخم يربط منطقة الخليج بتركيا ومن هناك الى أوروبا وما خلفها، ومن خلال التعاون مع دولة الامارات وقطر وتركيا، فان العراق يأمل بترسيخ موقعه كمحطة تجارية دولية. ولكن المشروع ما يزال بمراحل التخطيط وسيستغرق سنوات لإكماله. ولكن من ناحية أخرى فان الاعتماد المفرط على موارد النفط وضعف قطاع الكهرباء ونسبة البطالة العالية والتدهور البيئي من تبعات التغير المناخي، جميعها عوامل تساهم في عرقلة خطى التقدم.
ويذكر التقرير ان بغداد على موعد لاستضافة اجتماع القمة العربية في أيار القادم، مما يزيد ذلك من دورها الإقليمي الذي لعبته سابقا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة كما حدث في دور الوساطة الذي لعبته بين إيران والعربية السعودية، وكان العراق قد حقق لحد الان بناء علاقات عمل مع تركيا وإيران وبلدان الجوار العربية بينما يوازن بحذر ما بين مصالحه مع الولايات المتحدة وإيران في وقت تتصاعد فيه التوترات.
أما ما يتعلق بتغير النظام في سوريا وحدوث فراغ أمني هناك فان ذلك قد اثار مخاوف امنية لدى بغداد من احتمالية ان يساعد ذلك في عودة تهديدات تنظيم داعش واحتمالية تسلل افراده داخل البلد. وكانت بغداد قد تواصلت على نحو حذر مع دمشق بإرسال مسؤولين امنيين الى العاصمة السورية مع توجيه دعوة لوزير خارجيتها الى بغداد. ويتحتم على العراق من جانبه ان يعالج مخاطر الوضع الأمني هذا ليس بالاعتماد فقط على الجانب السياسي والدبلوماسي، بل بتعزيز اجراءاته الرقابية والأمنية على امتداد الشريط الحدودي الممتد بين البلدين والذي يبلغ طوله 600 كم.
وملاحظة أخرى ان بغداد تعيد النظر في خطة دفع القوات الأميركية للانسحاب من البلد بحلول الخريف القادم. وان مخاطر عدم الاستقرار واحتمالية عودة تهديدات داعش جراء الاوضاع الجديدة في سوريا دفعت حتى الجهات التي تدعو للانسحاب بإعادة النظر في الموعد المحدد للانسحاب في أيلول 2025 الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي بين بغداد وواشنطن.
من جانب آخر، يشير التقرير، بان استئناف الولايات المتحدة لحملة ضغوطها القصوى ضد إيران يشكل عاملا مقلقا إضافيا لبغداد. حيث اتخذت إدارة ترامب موقفا متصلبا بعدم تجديد الاستثناء الممنوح للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، وبينما يشكل الغاز والطاقة المستوردة من إيران حوالي ثلث استهلاك العراق، فانه من المتوقع ان يسبب هذا التوقف بانقطاعات واسعة بالتجهيز وتثير سخطا شعبيا خلال أشهر الصيف الحارة.
ويذكر التقرير انه من الواضح بان العراق يمر بموقف صعب، فهو يسعى لتحقيق استقرار وانتعاش اقتصادي ولكنه يواجه ضغوطات إقليمية ودولية كبيرة. وما بين أوضاع متقلبة غير مستقرة في سوريا وزيادة حدة المواجهة بين اميركا وإيران، فانه يتوجب على العراق ان يناور بحذر في تحالفاته لتلافي الوقوع في دوامة أخرى من الأزمات والصدامات. ومع وجود ازمة في الطاقة الكهربائية تلوح في الأفق خلال هذا الصيف والاستعداد لانتخابات مقبلة خلال الخريف القادم، فإن الأشهر المقبلة ستتسم بالتحديات. ولكن الولايات المتحدة لها مصلحة بمواصلة العلاقة عن قرب مع مسؤولي حكومتي بغداد واربيل للمساعدة في دعم الاستقرار والتقدم الذي تحقق في البلد، بينما يتم من ناحية أخرى معالجة المخاطر التي قد يتعرض لها العراق جراء الأوضاع الإقليمية المتقلبة وزيادة حدة التوتر الأميركي الإيراني.
• عن معهد الشرق الأوسط