ديالى/ محمود الجبوري
جدد الكرد مطالبهم للحكومات والقوى السياسية بتنفيذ بنود المادة 140 التي تعد مفتاح حلول شامل لجميع مشاكل البلاد والصراعات القومية والديمغرافية على مر أكثر من 20 عاما.
وحدد دستور 2005 المادة 140 كحل لمشكلة كركوك وما يسمى المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والمحافظات المجاورة له (نينوى وديالى وصلاح الدين).
وتعرف لجنة تنفيذ المادة 140 من الدستور المناطق المتنازع عليها في العراق بأنها تلك التي تعرضت للتغيير الديمغرافي ولسياسة التعريب على يد نظام صدام حسين، وذلك خلال فترة حكمه من عام 1968 حتى إسقاطه خلال الغزو الأمريكي في نيسان أبريل 2003.
ونصت المادة على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2007.
وكان من المقرر الانتهاء من مراحل تنفيذ المادة حتى نهاية 2007 لكن المشكلات الأمنية والسياسية حالت دون ذلك.
وقضت المحكمة الاتحادية العليا في عام 2019 ببقاء سريان المادة 140 من دستور جمهورية العراق، مؤكدة أن ذلك يستمر لحين تنفيذ مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها.
عضو مجلس صلاح الدين عن الاتحاد الوطني الكردستاني ياسين محمد علي أوجز اسباب تعطيل المادة 140 الى الاصطناع السياسي واستغلالها ورقة ضغط لتشكيل الحكومات السابقة التي لم تولي اي اهتمام لتنفيذ المادة 140 على مر الكابينات الحكومية الماضية.
واشار علي في حديثه لـ(المدى) الى وجود تدخلات وضغوط اقليمية لعرقلة تنفيذ المادة 140 كونها تتعارض مع مصالحها واجندتها في الدولة العراقية رغم ان المادة 140 اصبحت تقريبا مادة ميتة بسبب الاهمال السياسي وعدم الالتزام بالدستور العراقي الذي لا يمكن التجاوز على بنوده او اهمال تنفيذها وتطبيقها.
ولفت علي الى غياب التخصيصات المالية والميزانيات اللازمة لتنفيذ المادة 140 على مر الحكومات المتعاقبة وتطبيع الاوضاع والغاء القرارات البعثية (الاقصاء والترحيل وتغيير الوحدات الادارية) من اقضية الى نواحي وتحويل تبعيتها من محافظة لأخرى وكان من المفترض حل هذه المشاكل والممارسات التي طالت مكونات الشعب وخاصة الكرد منذ عام 1975 وحتى سقوط النظام السابقة ولازالت دون اي علاجات او حلول.
واضاف" الحكومات المتعاقبة لم تضع المادة 140 ضمن اولويات الدولة وحولتها الى مادة ميتة ومعطلة ولازالت حبرا على ورق وتهميش مستمر خلال الفترات القادمة".
النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل حمل الحكومة الاتحادية مسؤولية تجميد المادة 140 وخرق القانون والدستور العراقي باعتبار المادة 140 سبيل لإعادة الحقوق المغتصبة من قبل النظام البائد واعادتها الى اصحابها الشرعيين.
وعزا خليل في حديثه لـ(المادة) اسباب اهمال المادة 140 من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية بعدم وجود غطاء مالي الى اجانب المجاملات السياسية على حساب حقوق الناس وغياب الرغبة والجدية من القوى السياسية بتنفيذ المادة 140 ما سبب مشاكل وخيمة تسببت باستمرار نزاعات الملكية وبقاء الاراضي المغتصبة تحت تصرف المغتصبين التي شرعنها لهم النظام البائد.
وحذر خليل من اهمال المادة 140 التي تعد خارطة طريق متكاملة لحل المشاكل والازمات كافة وبخلاف ذلك ستتحول المشاكل الى برميل بارود مؤقت لا يمكن احتواء انفجاره وتدارك نتائجه داعيا البرلمان الى العودة الى الاتفاقات والمبادئ التي شكلتها بموجبها الحكومات الماضية وأبرزها تحقيق العدالة الانتقالية التي لا يمكن تحقيقها الا بتنفيذ المادة 140.
مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في ديالى شيركو ميرويس أكد أن "المادة 140 لا تخص المناطق المتنازع عليها بين الإقليم والحكومة الاتحادية فقط، بل تشمل مناطق أخرى في البلاد الغربية والجنوبية، موضحا ان المادة 140 اعادة شاملة للاستحقاقات الادارية والاجتماعية في عموم البلاد وليس الكرد فقط.
واشار ميرويس في حديثه لـ(المدى) ان مشاكل المادة 140 موجودة لا تقتصر على المناطق المتنازع عبليها بل تمتد محافظات الوسط والجنوب وعلى الجميع الدفاع عنها واحيائها والابتعاد عن المصالح القومية والسياسية الضيقة.
الباحث في الشأن السياسي مراد كركوكي ان المادة 140 حية دستوريا ولا يمكن الالتفاف عليها حتى باستمرار التعطيل السياسي الرافض لتنفيذها من قبل القوى العربية والمكونات الاخرى مستبعدا اي خطوات جادة لحلحلة المادة 140 خلال السنوات القادمة في ظل المعطيات الحالية وتفاقم المشاكل المالية بين بغداد واربيل وتجميد عشرات القوانين التي تمس العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم.
وتابع حديثه لـ(المدى) ط البعض يرى "منتهية المفعول" بموجب مدتها في الدستور بالعام 2008، متسائلا كيف يمكن أن تُنهى بدون أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ؟ معتبرا وجود المادة 140 وادراجها في الدستور عام 2005 تم بغياب المكون السياسي والتي اعتبرها المكون المذكور تفرد وكسر ارادات في مرحلة كانت البلاد فيها تعيش فوضى سياسية واضطرابات وشبه عزلة دولية.
قال عضو المجلس العربي في كركوك، سالم العبيدي برى ان المادة 140 دستوريا انتهت وامتت ولا مجال لتطبيقها في مناطق النزاع التي اصبحت تحت ادارة الدولة وفي المسار الاداري الصحيح في كركوك وديالى وصلاح الدين وأطراف نينوى.
ورأى العبيدي في حديثه لـ (المدى) ان الحديث عن تنفيذ المادة 140 شرارة صراعات وازمات جديدة تعيد تقسيم البلاد وتسبب فوضى ادارية وامنية تدفع ثمنها المناطق المتنازع عليها معتبرا المادة 140 فقدت شرعيتها وقانونيته لصعوبة إجراء استفتاء شعبي لمعرفة رغبات سكان المناطق المتنازع عليها بالانضمام للاقليم او تحت ادارة حكومة المركز مستدركا في الوقت ذاته "اجراء التعداد السكاني اول الخطوات الايجابية لتنفيذ المادة 140 خلال الحكومات القادمة الى جانب البوادر الاولية بعد اقرار قانون اعادة العقارات المغتصبة الى أصحابها".
رئيس لجنة الاقاليم النيابية خالد حسن الدراجي قلل من اهمية المادة 140 وتبعات اهمالها وتجميدها بالقول "اصحاب الشأن باتوا لا يسألون عن المادة 140 ونسوها وأنتم تسألون"، في اشارة لمراسل (المدى).
ورفض الدراجي الادلاء باي تصريح حيال الموضوع مكتفيا بالقول "لا وجود لأي تطورات او مستجدات حدثت تتطلب الحديث عن المادة 140 وهناك قضايا وقوانين اكثر اهمية تشهد نقاشات وسجالات سياسية داخل اروقة البرلمان العراقي".
الكرد يجددون دستورية المادة 140 ويحذرون من مخططات موتها سياسيا

نشر في: 20 مارس, 2025: 12:35 ص