بغداد / تميم الحسن
يقضي "النواب" إجازة رمضان "المخترعة" بالسفر وإجراء زيارات لعوائلهم في دول عربية وغربية، فيما أغلب نواب الشيعة "محاصرون" في الداخل!
وقرر "النواب"، في وقت يتوقع فيه أن تهاجم إسرائيل العراق، بحسب وزارة الخارجية، أخذ "استراحة رمضانية" لأكثر من شهر، وبأجر مدفوع يصل إلى نحو 3 مليارات دينار.
البرلمان الحالي، الذي يُعد "الأسوأ" بحسب رئيسه المتأخر محمود المشهداني، لم يعمل في الأشهر الخمسة الأخيرة سوى أسبوع واحد، تقاضى عليه رواتب تجاوزت 13 تريليون دينار.
ويقول مصدر من داخل البرلمان لـ(المدى): "إن أغلب النواب كانوا خارج العراق منذ بداية رمضان (بداية شهر آذار)".
آخر جلسة عقدها البرلمان كانت يوم 2 شباط، وفقًا لموقع مجلس النواب.
وأضاف المصدر: "يقومون بأداء العمرة وزيارة عوائلهم في تركيا والأردن وأوروبا، بينما أغلب النواب الشيعة يبقون في الداخل".
وكان أغلب النواب الشيعة، القريبين من الجناح الإيراني، يسافرون إلى طهران وبيروت وسوريا خلال فترات الاستراحة، قبل التغيرات الأخيرة في المنطقة.
وفي العام الماضي، كشفت (المدى) عن مغادرة نحو 80 نائبًا إلى "الحج"، في وقت كان يُنتظر فيه حسم "الموازنة".
ويعطل البرلمان عمله، خلافًا للنظام الداخلي، في المواسم الدينية؛ مثل الحج وعاشوراء، لكن الجديد هذه المرة هو "عطلة رمضان".
تقول النائبة رحيمة الجبوري، عن محافظة صلاح الدين، إن البرلمان سيستأنف جلساته بعد رمضان لأن النواب "متفرغون للعبادة".
هذه "العبادة"، وفقًا للجبوري، تُدفع تكاليفها بالكامل من أموال الدولة، حيث تكلف 3 مليارات دينار على الأقل خلال شهر رمضان، بمعدل 8 ملايين دينار شهريًا لكل نائب.
التراجع..
بدأ البرلمان بالتلكؤ بعد الإطاحة برئيسه السابق، محمد الحلبوسي، في قضية التزوير.
قالت سوزان منصور، النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، قبل أيام: "إن الحلبوسي كان أفضل من أدار البرلمان"، ويُعتقد الآن أنه قد يعود مجددًا في حال شمله "العفو".
تولى نائبه، محسن المندلاوي، المنصب قرابة سنة كاملة، واتُهِم بأنه "عرقل" انتخاب بديل للحلبوسي، وفقًا لبعض النواب.
في آب 2024، كشفت (المدى) عن نية مجلس النواب زيادة رواتبه وإضافة امتيازات جديدة، مثل تخصيص حارس شخصي (بودي جارد) وسيارات حديثة.
آنذاك، قدم أحد النواب طعنًا أمام القضاء ضد قرارات سابقة تمنع منح العجلات للبرلمانيين، وهو رائد المالكي، صاحب مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل، والذي تم تمريره بعد ذلك بخمسة أشهر.
ورُجّح حينها أن البرلمان استثمر الضجة حول قانون الأحوال الشخصية لتمرير تعديلات على قانون مجلس النواب، التي تتعلق بالرواتب والامتيازات، بعيدًا عن الأضواء.
انتهت الخلافات السياسية بانتخاب محمود المشهداني رئيسًا للبرلمان، في آخر يوم من تشرين الأول.
كان الهدف من اختيار "المشهداني" هو "إعادة الحياة للبرلمان" الذي تعطل بعد إقالة الحلبوسي، بحسب مؤيديه، وأبرزهم دولة القانون، بزعامة نوري المالكي.
لكن "المشهداني"، الذي كانت لديه تجربة غير ناجحة في إدارة المجلس عام 2008، لم يتمكن حتى الآن سوى من عقد 7 جلسات فقط، وفقًا لموقع مجلس النواب، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة.
أنجز الحلبوسي، خلال رئاسته للبرلمان في سنتين تشريعيتين (23 شهرًا)، 80 جلسة، بين 9 كانون الثاني 2022 و14 تشرين الثاني 2023.
لكن البرلمان، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لم يستجوب سوى رئيس هيئة الإعلام السابق، نبيل جاسم، الذي أُقيل بعد الاستجواب في آذار 2024، في جلسة مشكوك بقانونيتها.
ويُرجح أن سبب "ضعف الاستجوابات" يعود إلى حالة التوافق بين القوى الرئيسية في البرلمان، والتي تُشكل ما يُعرف بـ"ائتلاف إدارة الدولة".
يبلغ عمر البرلمان 4 سنوات، مقسمة إلى مدتين، وتضم كل سنة فصلين بمعدل 8 أشهر لكل فصل، وعطلة 4 أشهر سنويًا.
ما يعني أن البرلمان يعمل فعليًا لمدة 32 شهرًا خلال الدورة الواحدة، مقابل 16 شهرًا عطلة.
وينص النظام الداخلي لمجلس النواب على عقد 8 جلسات شهريًا على الأقل.
انشغل رئيس البرلمان بـ"سحر الزعامة"، كما تسميه الأوساط السُنية، حيث شكّل مع باقي رفاقه "القيادة السُنية الموحدة"، ثم "الملأ السني"، التي حاكت "الإطار التنسيقي الشيعي".
العودة.. والصراع
يحاول المشهداني الآن توجيه "صدمات كهربائية" إلى البرلمان لإنعاشه، بعد حديث نواب عن نية "حل المجلس".
كان مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، أول من طالب بـ"حل البرلمان" في 2022، ورفض المالكي ذلك.
لكن بعد صعود شعبية السوداني، حرّك المالكي، العام الماضي، "سرا" نوابًا للحديث عن "انتخابات مبكرة"، في محاولةٍ لتحريض "الصدر".
عادت دولة القانون اليوم لطرح فكرة "حل البرلمان"، بحجة "عرقلة قانون الحشد الشعبي"، بحسب المتحدث باسم الكتلة، عقيل الفتلاوي.
وسط ذلك، استيقظ المشهداني فجأة، وقرر "استفتاء" الشيوخ الشيعة والسُنة بشأن "رواتب النواب" التي تُمنح بلا عمل.
قال المشهداني، في لقاء تلفزيوني، إنه يسعى "لإصدار فتوى بتحريم رواتب أعضاء البرلمان بسبب استمرار توقف عقد الجلسات".
وأشار إلى وجود أفكار ومقترحات بحجب الرواتب حتى عن هيئة رئاسة البرلمان، لكنه أضاف: "ليس رأيي لأن قلبي ما ينطيني".
ووعد المشهداني بحزمة استجوابات كبيرة بعد رمضان، قائلًا إنه وقّع على 7 طلبات لاستجواب وزراء، وألقى باللوم على الكتل الشيعية في توقف عمل البرلمان بسبب الخلافات حول تمرير قانون هيئة الحشد الشعبي والتقاعد.
وخلال "استراحة رمضان" المستحدثة، كتب "المشهداني" على موقع البرلمان الرسمي في "فيسبوك" عدة "خواطر"، تم نشرها على الصفحة.
وأشارت أخبار موقع البرلمان إلى لقاءات أجراها رئيس المجلس "خلال فترة الاستراحة الرمضانية"، مع "شيوخ عشائر" و"محللين سياسيين".
ويبدو أن تصريحات المشهداني أثارت استياء نائبه الأول، محسن المندلاوي، الذي اعتبرها "إساءات" للبرلمان، وفقًا لبيان نُشر على موقع البرلمان.
وجاء في البيان: "استغرب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، السيد محسن المندلاوي، التصريحات الأخيرة الصادرة عن رئيس السلطة التشريعية، والتي أساءت للبرلمان وأجحفت بحق أعضاء المجلس، وأنكرت جهودهم المبذولة على المستويين التشريعي والرقابي خلال السنوات الثلاث الماضية".
ودعا النائب الأول، بحسب البيان، هيئة الرئاسة ورؤساء الكتل السياسية واللجان النيابية إلى "اجتماع عاجل لتدارس أولويات المرحلة الراهنة، وإعادة ضبط أداء المجلس".