لم يقطع التصريح الصادر عن رئيس الوزراء أمس الشك باليقين في موضوع انتهاكات حقوق الانسان في السجون والمعتقلات، ذلك أن السيد المالكي نفى وجود مثل هذه الانتهاكات، لكنه في الوقت نفسه اكد ان هناك عناصر امنية تمارس تلك الانتهاكات، لكنها لا تمثل الدولة حسب قوله، تصريح يثير الاستغراب والدهشة، ويجعلنا نضرب كفا بكف عن قدرة العديد من مسؤولينا على خلط ما هو حقيقي، بما ينتج عن الخيال من حكايات وقصص لا علاقة لها بالواقع.
ذلك أن رئيس الوزراء نفى أن تكون الدولة ذات علاقة بما يجري من مخالفات في السجون سجلتها ووثقتها منظمات دولية، لكنه يعود ويقول ان مثل هذه الممارسات يمكن ان تحدث والمسؤولون عن ارتكابها ازلام النظام السابق.
ولا أعرف ــ ربما لجهلي المطبق ــ معنى أن يتولى ازلام النظام السابق مسؤولية التحقيق مع السجناء، ومن منحهم حق ارتكاب مثل هذه الانتهاكات التي اعتقدنا ولجهلنا ايضا ان الحكومات المنتخبة بعد 2003 سوف تعتبر ممارستها جرما.
يقول السيد المالكي في كلمته التي القاها بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان إن "حقوق الانسان في العراق تضيق واصبح الجدل منحصراً على حقوق السجناء فقط دون الحقوق الاخرى، فهناك اخرى مثل حقوق المرأة والطفل وغيرها"، واعترف بجهلي للمرة الثالثة واتساءل: هل المواطنون هم المسؤولون عن توفير تربة خصبة لإشاعة مفاهيم حقوق الانسان، ام انها مسؤولية مؤسسات الدولة التي تنتهك بها الحريات كل يوم؟
ودعوني اتساءل اذا كان السيد المالكي مهموما ومهتما بحقوق المرأة والطفل إلى هذا الحد، فلماذا لا يستخدم سلطاته وصلاحياته كرئيس للوزراء ويعمل على الحفاظ على حقوق المرأة التي تدهورت أحوالها على نحو مخجل وصارت في السنوات الاخيرة في ظل قرارات مضحكة عن الزي والاحتشام وعدم الاختلاط.
لعل اسوأ فعل يمكن ان يقوم به المسؤول هو ممارسة إنكار الواقع وعدم الاعتراف بالحقيقة.
كان خطيب الثورة الفرنسية "ميرابو" يبتسم حين يسمع خطب الحاكم " روبسبير " قائلا "هذا الرجل مصر على ان يقنع الناس بان تصدق ما يقوله.. بينما هو في قرارة نفسه يضحك من جهل الآخرين وحماستهم"، هكذا يقدم لنا ميرابو صورة الحاكم الذي لا يسمع غير صوته.
خطاب رئيس الوزراء يحمل مفارقة أخرى مدهشة، ففي الوقت الذي يعترف وبحضور ممثل الامين العام للامم المتحدة بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في السجون.. نسي الرجل انه قبل أيام قال لنا وبالحرف الواحد: "هناك اشخاص يتحدثون عن انتهاكات حصلت بحق المعتقلات بعضهم مطلوب للقضاء وصدرت بحقهم مذكرات القاء قبض لكن البرلمان يرفض رفع الحصانة عنهم لقد قمت بنفسي بزيارة بعض السجون للتأكد من مزاعم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون." اذن هي مزاعم فكيف تحولت اليوم الى وقائع يقوم بها ازلام النظام السابق.
غير أن رئيس الحكومة الذكية استخدم امس عبارات ضاعفت إحساس المواطنين بالإهانة والإهمال، إذ أفتى بأن ما يحصل في السجون لا يرقى إلى مرتبة الكارثة ومن ثم فلا داعي لمنح القضية اكبر من حجمها، ومن الواضح أن مفهوم الكارثة عند المالكي يختلف تماما عما تعرفت عليه شعوب العالم.
وإذا كان ضرب المتظاهرين بالهراوات ومحاصرتهم، واعتقال أُناس لمجرد الشبهة، واشاعة اجواء من الترهيب والتخوين للجميع، لا يمثل كارثة ونكبة في نظر الحكومة، فليقل لنا السيد رئيس الوزراء ما هي الكارثة إذن؟.
وأزعم أن ترك الأمور معلقة ومضببة بهذا الشكل سيزيد المسألة تعقيدا، فإما أن يجيب المالكي على تساؤلات الاعلام والمواطنين عن عدم محاسبة الحكومة للذين يمارسون العنف والتعذيب.. وتشجيعها ومساندتها لصولات القوات الامنية ضد النوادي الاجتماعية.
فالمالكي يخطئ حين يتصور أن الناس لا تعرف ما يجري حولها، حين تضعهم الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، اما السكوت على ما يجري من نهب منظم لثروات البلاد.. او تجهيز القوات لمحاربة اي فصيل سياسي لا يريد ان يذهب زاحفا على ركبتيه يستجدي عطف المالكي لكي يعفو عنه.
ليت رئيس الوزراء يقرأ خطابات ديغول وبرانت وانديرا غاندي ولي كوان ومانديلا.. خطابات تعلمنا كيف يدخل الحكام التاريخ بلا دبابات ومدفعية ثقيلة وصفقة اسلحة فاسدة.. وانما بالتسامح والمحبة واحترام الاخر.. والأهم السلطة
جميع التعليقات 2
ali
وزير خارجية قطر : قوة شخصية المالكي شكلت عقدة للأمير وملك السعودية.
منتصر ابو سجاد
اخي الفاضل السلام عليكم لافض فوك اكتب ولاتخف ولاتهاب احد لوانت ةامثالك الشرفاء خافوا سنقرا على العراق السلام والله بك والخيرين من امثالك وامثال سرمد الطائي واحمد المهنى وعلا ومحد اخرس وعدنان حسين وهاشم العقابي ولاخرين من الشرفاءتواسون جروحنا العميقةوت