TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

نشر في: 23 مارس, 2025: 12:31 ص

 علي حسين

يترجل السيد علي الطالقاني من " جكسارته " الحديثة ، يحيط به فوج من الحماية الذين يمنعون " الفضوليين " من الشعب الاقتراب من " فخامته " . يقف على كورنيش شط العرب ليعلن غزوته ضد القوى المدنية ،باكيا على هوية البصرة التي يريد المدنيون سلخها عبر اجندات تمولها السفارات .. معلناً ان البصرة ستبقى شيعية ، طبعا أنا كمواطن يمكن أن أصدق السيد علي الطالقاني واصفق لحماسته الخطابية التي ظهر فيها ، وخوفه من المنظمات المدنية والسفارات ، لو ان السيد الطالقاني لم يكن جزءاً من المنظمات المدنية التي يهاجمها الآن ، وسأصفق له لو لم يكن قبل سنوات يتجول بين السفارات والبلدان الغربية يوزع الورود ، ويعلن انتماءه لافكار فولتير وجان جاك روسو واضاف لهما المرحوم عالم الاجتماع " إميل دوركايم " ، زوكيف ذرف الدمع وهو يزور قبر احد الكهنة البوذيين ، ولو تركوه لالتقط صورة امام قبر كارل ماركس معلنا انتماءه للحركة الشيوعية ، لكن الله كان لطيفا بعباده ولو لم يلتقط السيد علي الطالقاني سوى صورة مع تمثال جان جاك روسو ، وصورا اخرى يوزع فيها الورد على النساء في هولندا في الوقت الذي قرر ان يوزع على اهالي البصرة خطابات تثير الانقسام واالنعرات الطائفية .
الخطبة الاخيرة للسيد علي الطالقاني تأتي متزامنة مع دعوات تقسيم العراق الى دويلات طائفية ، وفي الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى مشروع وطني يساعده على التنمية والاستقرار .
كنت اتمنى على السيد علي الطالقاني وهو يتجول في سيارته الحديثة ومعه فوج حمايته الخاص ان يتذكر درس الامام علي بن ابي طالب " ع " بالزهد ، وماذا فعل وهو خليفة المسلمين عندما طلب منه سادة قريش أن يميزهم بالعطاء، قال لهم "لو كان المال مالي لسوّيت بينكم فكيف والمال مال الله"، ومن هذا الاعتبار قال لأهل الكوفة: "يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي فحاسبوني". فهو يرى أن أموال المسلمين مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها ، وأن القدسية هي في الحفاظ على حياة الناس لا في الشعارات الطائفية .
مشكلتنا اليوم أن الجميع يلقي الخطب الدينية، فيما الناس تريد من يوفر لها الأمن والاستقرار، ويشعرها بالأمل في الغد ويطمئنها على مستقبل أبنائها، الناس لا تريد رجل دين " يفرق " ويبث سموم الاحتقان الطائفي ، ويؤلب فئة على المختلفين معه ، الناس لا تريد من يركب الجكسارة الحديثة ويسكن في القصور ، ويطالبهم بان يتركوا ملذات الدنيا لانهم منذورين للاخرة .. بينما هو منذور للسياحة في حدائق لوكسمبورغ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. مؤيد داود البصام

    منذ 1 شهر

    كما كنت رائع في تقييم الظواهر الاجتماعية والفكرية.ما زلت تحمل الراية تحياتي وتقديري يا صديقي.

  2. باسم الجبوري

    منذ 1 شهر

    من حفظ هوية العراق و محافظات الوسط و الجنوب فيه عند غزوة قوارض القرون الوسطى هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. الخطاب الطائفي بدأ من الاخر و الرد يجب أن يكون حاضرا. لكي يعلم المتطرف ان عدتم عدنا. لن ينفعك هذا الخطاب ان تمكن امثال الجولاني فاسمك جريمة

  3. زهير عبدالله حسين

    منذ 1 شهر

    شكرا لكم ايها الكاتب المبدع الاستاذ علي حسين وتحية من القلب من فلوريداUSA كفى خرافةً وتضليلاً باسم الدين! أولئك الذين يعتلون المنابر وينشرون الخرافة والتخلف ليسوا رجال دين حقيقيين، بل وعّاظ سلاطين باعوا ضمائرهم مقابل ثروة وسلطة.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

العمود الثامن: حلال وحرام !!

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين قذيفتين

العمود الثامن: حقا إنها مؤامرة!!

جِماح الطّائفية.. إلى نوويّة شيعيَّة وسُنيَّة!

العمود الثامن: محنة السودان

 علي حسين أفضل وأغنى رواية عن السودان، تركها لنا مواطن اسمه الطيب صالح ولد في قرية تسمى دبة الفقراء، وأتعس رواية عن خراب الأمم يتركها لنا كل يوم مواطن يحمل جواز سفر بريطاني...
علي حسين

باليت المدى: ترنيمة راقصة

 ستار كاووش يسألني بعض الأصدقاء حول أفكاري وأنا أكتب بلغتين، حيث لي هذا العمود الذي بين أيديكم، والذي يُنشر في جريدة المدى، وعموداً آخر بالهولندية في مجلة أتيليه. هناك تفاصيل كثيرة تجمع بين...
ستار كاووش

العدالة الدولية تحت المطرقة

حسن الجنابي - 4 - ما إن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، القاضي كريم خان، طلبه الجريء بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، حتى انهالت الهجمات...
حسن الجنابي

أنوار البابا الطيب

هاشم صالح لماذا ننعته بـ«الطيب»؟ لأنه جعل من الانفتاح على الإسلام والمسلمين أحد المحاور الأساسية لعهدته البابوية. وقد لقيتْ مبادراته أصداء واسعة في كلا العالمَين العربي والإسلامي. وربما كانت أجمل صورة سيحتفظ بها التاريخ...
هاشم صالح
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram