ذي قار / حسين العامل
استبشرت الأوساط الشعبية والرسمية خيرًا بتوقيع العقد الخاص بمشروع إنشاء المدينة الطبية بين صندوق إعمار ذي قار وشركة (CSCEC) الصينية، والذي وصفته وزارة الصحة بأنه من أكبر العقود في مجال القطاع الطبي والرعاية الصحية. وفيما دعا البعض إلى تشكيل لجنة عليا من ذوي الخبرة في المجالات الطبية والهندسية والإدارية لإدارة المشروع، شددوا على أهمية تأمين الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية للمستشفيات.
وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد رعى يوم السبت (22 آذار 2025) مراسيم توقيع العقد الخاص بإنشاء المدينة الطبية في محافظة ذي قار، بين صندوق إعمار ذي قار وشركة (CSCEC) الصينية، بحضور وزير الصحة، الدكتور صالح مهدي الحسناوي.
وأشارت وزارة الصحة، في بيان صحفي تابعته (المدى)، إلى أن «العقد يعد من أكبر العقود في مجال القطاع الطبي والرعاية الصحية»، إذ تبلغ قيمته 490 مليار دينار.
وبيّنت الوزارة أن «مشروع المدينة الطبية في ذي قار يضم 13 مرفقًا طبيًا مستقلًا، بضمنها سبعة مستشفيات تبلغ سعتها الكلية 700 سرير، وهي: المستشفى الرئيسي (200 سرير)، مستشفى تخصصي للأطفال (100 سرير)، مستشفى النسائية التخصصي (100 سرير)، مركز لأمراض الدم وعلاج الأورام (100 سرير)، مستشفى الباطنية والجهاز الهضمي التخصصي (100 سرير)، مستشفى للطوارئ (50 سريرًا)، ومجمع العيادات الاستشارية، بالإضافة إلى مراكز تخصصية، وبنايات للطبابة العدلية والبحوث والدراسات، ومصرف للدم، ودار للأطباء».
وأضافت الوزارة أن «المرحلة الأولى من المشروع ستُشيَّد على مساحة 93 دونمًا، فيما ستُشيَّد المرحلة الثانية على مساحة 39 دونمًا».
وقال محافظ ذي قار، مرتضى الإبراهيمي، عقب الإعلان عن توقيع عقد المشروع: «إن توقيع عقد إنشاء المدينة الطبية في محافظة ذي قار خطوة هامة ومؤثرة نحو تحسين وتطوير الخدمات الصحية في المحافظة»، مضيفًا أن «هذه المبادرة تعكس حرص الحكومة العميق على تحقيق التنمية الشاملة في جميع أنحاء العراق، وعلى وجه الخصوص تعزيز البنية التحتية للقطاع الصحي في ذي قار».
ويرى الإبراهيمي أن «إنشاء المدينة الطبية سيكون له تأثير إيجابي كبير في تحسين مستوى الرعاية الصحية، إذ ستوفر خدمات طبية متقدمة لأبناء المحافظة، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتعزيز رفاهية المواطنين»، مؤكدًا أن «هذه الخطوة ستكون بداية لمرحلة جديدة في تعزيز الخدمات الصحية في المحافظة».
من جانبه، قال محافظ ذي قار السابق، الدكتور محمد هادي الغزي: «هذا الحلم كان عبارة عن أرض فارغة بمساحة 400 دونم على الطريق الحولي، يسعى للاستحواذ عليها كثير من المستثمرين». وأضاف: «تصنيف الأرض ضمن التصميم الأساسي كمدينة طبية كان حلمًا لنا ولعديد من المسؤولين السابقين، إلا أن عدم توفر التخصيص المالي حال دون تنفيذه، فهو يكلف نصف تريليون دينار».
وتحدث الغزي، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس اللجنة الفنية في مجلس محافظة ذي قار، عن مفاتحة الأمانة العامة حول التخصيص المالي للمشروع ودور الأمين العام لمجلس الوزراء، الدكتور حميد الغزي، في هذا المجال، مبينًا أن «الإعداد للمشروع استغرق عامًا كاملًا من العمل الصامت لإعداد الدراسات والتصاميم، وتخصيص المبالغ اللازمة، وإدراج المشروع، ومن ثم إحالته وتوقيع العقد».
في السياق ذاته، دعا استشاري جراحة القلب، الدكتور عقيل الخفاجي، إلى تشكيل لجنة عليا لإدارة المشروع من ذوي الخبرة، وأوضح في رسالة مفتوحة للجهات المعنية أنه «لضمان نجاح مخرجات هذا المشروع بامتياز، لا بد من تشكيل لجنة عليا لإدارته، تضم مختصين في المجالات الطبية والتمريضية والقانونية والمالية والهندسية بفروعها المختلفة والإدارية»، مشترطًا أن ترتبط اللجنة مباشرةً بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتكون لها صلاحيات الأمين العام لمجلس الوزراء، مع القول الفصل بالتنسيق مع وزارة الصحة والوزارات ذات العلاقة والمحافظة ودائرة الصحة.
وشدد الخفاجي، الذي سبق أن شغل منصب مدير مستشفى الناصرية للقلب، على أهمية «العمل على توفير الموارد البشرية من أطباء اختصاص وأطباء متدربين، من خلال حصر جميع خريجي كليات الطب في ذي قار لمدة خمس سنوات، وتعيينهم لصالح المحافظة، وتخصيص نسبة 5% من قبول الدراسات العليا في مختلف التخصصات لمحافظة ذي قار داخل العراق وخارجه».
كما دعا إلى «العمل على التوصيف الوظيفي للكوادر التمريضية العاملة في هذه المؤسسة، وإيجاد فرص للتدريب والتطوير داخل العراق وخارجه، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الصحة وشركة كيماديا لتهيئة الأجهزة الطبية والأثاث الطبي والخدمي، بحيث تتكامل مع تاريخ استلام المباني»، مؤكدًا على ضرورة «اعتماد هذه المؤسسة، من خلال هيكليتها، كمديرية عامة منفصلة عن دائرة صحة ذي قار، لتتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية والقانونية».
وتواجه محافظة ذي قار، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليونين و300 ألف نسمة، وتضم 22 وحدة إدارية، 10 منها متاخمة لمناطق الأهوار، مشكلة كبيرة في نقص الخدمات الأساسية وتدهور وتقادم البنى التحتية، ناهيك عن العجز السريري في المستشفيات الحكومية، والذي يُقدر بأكثر من 4000 سرير، بالإضافة إلى العجز في الأبنية المدرسية، الذي يُقدر بأكثر من 800 بناية.
وكانت إدارة مستشفى الناصرية للقلب قد حذّرت مؤخرًا، يوم (19 آذار 2025)، من تداعيات الضائقة المالية التي يمر بها المستشفى، والناجمة عن تلكؤ وزارة المالية في إطلاق نحو نصف تخصيصاته المالية. وفيما تحدثت عن اعتزامها إيقاف العمليات الجراحية خلال الشهر المقبل نتيجة تراكم الديون، أشارت إلى أن المستشفى يجري أكثر من 16 ألف عملية قسطرة و400 عملية قلب مفتوح سنويًا لمرضى من جميع المحافظات العراقية.
وسبق لمسؤولين في ذي قار أن وصفوا، في (منتصف حزيران 2023)، الواقع الصحي في قضاء سوق الشيوخ (29 كم جنوب الناصرية) بالمنهار، مشيرين إلى افتقار مستشفاه إلى كل مقومات الخدمات الصحية والتمريضية، داعين رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى التدخل العاجل.
وكانت لجنة الصحة والبيئة النيابية، برئاسة ماجد شنكالي وحضور عدد من أعضائها، قد استضافت مدير عام صحة ذي قار في (منتصف تشرين الأول 2023) لمناقشة الواقع الصحي في المحافظة.
وذكر بيان للجنة، ورد لـ(المدى) حينها، أن «الاستضافة شهدت استعراض الواقع الصحي في المحافظة، والمشاكل التي تعيق تقديم الخدمات الطبية والصحية للمواطنين، وسبل إيجاد حلول مناسبة لها»، مضيفًا أنه «تم بحث المشاريع المتلكئة وطرق إنجازها، مثل مستشفى سوق الشيوخ (20 سريرًا)، الذي سينجز عن طريق صندوق إعمار ذي قار، بالإضافة إلى تلكؤ عملية نقل الأوكسجين في الشطرة، فضلًا عن مشكلة نقص الملاكات الطبية، وضرورة إعادة توزيعها، خصوصًا الأطباء الاختصاص، وفقًا للملاك القياسي، وفتح فروع تشجيعية مثل الجملة العصبية والجراحة العامة والقلبية والنسائية».