 ديالى/ محمود الجبوري

تعاني مدارس محافظة ديالى من نقص في الاختصاصات العلمية رغم فائض التعيينات في القطاع التربوي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تصدرت ديالى عدد المحاضرين الذين تم تعيينهم، إذ تم تعيين أكثر من 31 ألف محاضر في عموم المحافظة.

مختصون تربويون ومراقبون عزوا هذا النقص إلى قلة المتقدمين ضمن الاختصاصات العلمية مقابل فائض المتقدمين من الاختصاصات الأدبية والاجتماعية والإسلامية، فيما يرى آخرون أن سوء توزيع الملاكات التربوية بغض النظر عن الرقعة الجغرافية، إضافة إلى تدخل السياسيين والمسؤولين من خارج القطاع التربوي في ملف تسوية الملاكات، قد ساهم في تفاقم المشكلة.
الأستاذ عمر صالح (مدرس لغة إنجليزية) أوضح أن تعيين الملاكات التربوية سابقًا كان يخضع لشروط وضوابط، أبرزها التوقيع على تعهد بالدوام في القرى والأرياف لمدة خمس سنوات وعدم المطالبة بالنقل، بينما لم تخضع التعيينات الجديدة للمحاضرين لهذه الشروط، مما تسبب في خلل بالتوزيع ومشاكل في الشواغر العلمية.
وأشار صالح، في حديثه لـ(المدى)، إلى أن الحل يكمن في جمع ذوي الاختصاصات العلمية المطلوبة وتوزيعهم بحيث يتم سد الشواغر الفعلية بعقود لا تتجاوز ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تعويض النقص الحاد عبر إكمال نصاب بعض الكوادر وصرف أجور إضافية لقاء المحاضرات الإضافية.
كما دعا صالح إلى مفاتحة وزارة التخطيط لاستحصال موافقة على فتح أقسام خاصة في كلية التربية والعلوم بجامعة ديالى، مما يضمن تخرج دفعات جديدة من الاختصاصات العلمية خلال السنوات الأربع القادمة لتغطية العجز.
من جانبه، أرجع الناشط الثقافي مازن أحمد الخزرجي مشاكل الشواغر العلمية في ديالى وبعض المحافظات إلى غياب قوة القرار وعدم إلزام الملاكات التربوية بضوابط معالجة الشواغر بغض النظر عن الموقع الجغرافي والسكن.
وذكر الخزرجي، في حديثه لـ(المدى)، أن العديد من مدرسي الاختصاصات العلمية أجبروا على الدوام في عدة مدارس لتعويض النقص دون أي مخصصات أو امتيازات تقدّر دورهم التربوي، فيما تفتقر العديد من المدارس إلى أكثر من اختصاص علمي واحد، مما يضطر المدرس إلى تدريس خمس أو ست مراحل دراسية، وهو ضغط كبير لا يتحمله حتى الرجل الآلي.
في السياق ذاته، أشار عضو لجنة التربية في مجلس محافظة ديالى، عمار مزاحم الجبوري، إلى أن عشوائية تعيينات المحاضرين دون دراسة دقيقة للاحتياجات والاختصاصات العلمية، إضافة إلى تغيير إدارة ديالى أربع مرات خلال أقل من عامين، كانت من أبرز أسباب تفاقم مشكلة الشواغر العلمية في المدارس.
وأضاف الجبوري، في حديثه لـ(المدى)، أن التدخلات السياسية في ملف تسوية الملاكات وتأخر عمليات التوزيع إلى بداية العام الدراسي، تسببت في إرباك العملية التعليمية. وأكد أن لجنة التربية في مجلس ديالى ستوجه مديريات التربية في المحافظة لإجراء تسويات الملاكات خلال العطلة الصيفية، بدلًا من بدايتها مع العام الدراسي.
بدوره، أشار النائب عن ديالى وعضو لجنة التربية النيابية، سالم إبراهيم العنبكي، إلى أن سوء التخطيط في توزيع الملاكات التربوية وغياب الخطط الخاصة بتعيين الاختصاصات العلمية ساهما بشكل رئيسي في تفاقم مشكلة الشواغر.
ودعا العنبكي إلى إطلاق خطة عاجلة لتعيين الاختصاصات العلمية وفق الاحتياجات الفعلية، مشددًا على ضرورة تضمين هذه التخصصات في الدرجات الوظيفية التي يتجاوز عددها 7000 درجة، والتي من المتوقع إعلانها قريبًا.
وأضاف العنبكي أن فائض اختصاصات الاجتماعيات والإسلامية واللغة العربية، وسعي أصحاب هذه التخصصات للحصول على الشهادات العليا بهدف التعيين، أدى إلى استمرار النقص الحاد في مواد الفيزياء والكيمياء والرياضيات وحتى اللغة الإنجليزية، مما جعل المشكلة تتفاقم عامًا بعد آخر في ديالى.
وأكد أن سوء توزيع الملاكات والتدخلات السياسية أثّرا بشكل كبير على العملية التربوية، ما أدى إلى تدني نسب النجاح وتزايد ظاهرة التدريس الخصوصي كوسيلة لتعويض النقص في الملاكات العلمية.
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة التربية، كريم السيد، أن الوزارة تتابع بشكل مباشر عمليات تسوية الملاكات في ديالى وجميع المحافظات، وتحرص على معالجة الشواغر العلمية حتى لو شملت طالبًا واحدًا فقط.
ولفت السيد، في حديثه لـ(المدى)، إلى أن الوزارة ستتدخل لمعالجة مشكلة الشواغر العلمية في ديالى، مشيرًا إلى أن الحلول تكمن في إجراء تسويات صحيحة للملاكات التربوية.
وقد حاولت (المدى) الحصول على رد أو تعليق من مديرية تربية ديالى، إلا أن المديرية لم تستجب رغم التواصل مع قسم الإعلام التربوي.