TOP

جريدة المدى > عام > قراءة في المضامين والدلالات والمواقف في الأفلام

قراءة في المضامين والدلالات والمواقف في الأفلام

نشر في: 24 مارس, 2025: 12:01 ص

علاء المفرجي
صدر حديثا كتاب (خطاب الفيلم السينمائي.. قراءة في المضامين والدلالات والمواقف) عن دار ظلال للناقد السينمائي العراقي أحمد ثامر جهاد. والكتاب هو الخامس للؤلف، ويتناول وبالقراءة قضايا بعض الأفلام ودلالاتها.
يبدأ المؤلف كتابه بعرض موجز للسل التي قادته للتعلق بالسينما يقول: "أكثر من أربعة عقود مرت، وما زلت أتذكر جيدا لحظة دخولي الأول إلى صالة السينما، وأنا لم أتجاوز بعد ربيعي الخامس. كان ذلك في أحد أعياد العام ١٩٧٦ حيث اصطحبني خالي برفقة أكبر بناته وأصغر عماتي للذهاب إلى إحدى صالات السينما في مدينة ديالى. لم يتح لي أن اعرف اسم تلك الصالة المتواضعة، لكني بمجرد أن أغمض عيني، أستعيد فتنة ذلك المشهد كاملة. حشد بشري يتحرك بسرعة على سلالم عريضة بدرجات واطئة عدة. رؤوس مختلفة تنظر باتجاه واحد، فيما تخلف حركتها الواسعة رائحة غريبة في مكان رطب، شبه مظلم. لحظات وتستقر الأجساد الهائجة على الكراسي الخشبية للصالة، فتتحول الضجة المؤنسة إلى صمت مشوق. نعم لقد كنا نشاهد فيلم (صراع في الوادي) ليوسف شاهين، ومن يومها أحببت بطليه: عمر الشريف وفاتن حمامة، مثلما فتنت لاحقا بعشرات الممثلين وغيرهما."
من تلك الدهشة التي هزت وجدانه وحفزت خياله لم تفارقه السينما إلى الآن كلما سلم نفسي لسحر الشاشة السينمائية. لقد بقي عشق السينما طازجا، ربما بسبب تلك المتعة الأولى، وتاليا بات الولع بمشاهدة الأفلام السينمائية طقسا خاصا يلهم العقل ويغبط الشعور كلما لامست الصورة بصدق روح الإنسان واقتربت من فهم تعقيدات الحياة، ومصائرها الغريبة. فثمة متعة حقيقية في مشاهدة الأفلام لا توازيها إلا متعة عيش حياة أخرى. كما ان للكتابة عن السينما متعة من نوع خاص. وبالرغم من اللذة التي تكتنف مهمة الكتابة عن الأفلام (وهي مهمة ليست سهلة)
تعاود بعض الأسئلة طرح نفسها مع كل محاولة كتابة.. لمن نكتب ولماذا؟ والى أي حد تستطيع الكتابة أن تفي الفيلم حقه؟ بكلام آخر هل بوسع الكلمات اختزال براعة الصورة وقوة رموزها؟
وإذا ما برع الناقد في قراءته للفيلم السينمائي والتقاط المغزى المستتر فيه عبر اكتشاف أو آلياته وأساليبه الفنية، فانه بمواجهة تخمين نوع قرائه، فيكون من المناسب معرفة إن كان قراء النقد السينمائي من فئة مشاهدي الأفلام أم من صنف أولئك الذين يكتفون بالقراءات النقدية الجمالية، من دون الوقوع في غواية الفيلم ذاتها؟
وإذ يبدو المرء أحيانا غير متأكد من جدوى الإجابة عن سؤال لماذا نكتب عن السينما وفيها، بشكل يشبه إلى حد ما جهل الشاعر بدواعي انتمائه للشعر، سيكون من المبالغة الادعاء ان الإحاطة بكل الأسئلة سيمنح الناقد (لحظة الكتابة عن فيلم أحبه) كل امتيازات الكتابة المبدعة. فلا مراء ان ثمة شخصنة في تلقي السينما، تدفعنا إلى البوح بما ينبغي علينا البوح به.
إلا ان النقد، كل النقد، بات اليوم حقلا طيعا ومفتوحا لكتابة نص جمالي يترك أثره في القارئ ويغير مثلما ينمّي قنوات اتصاله بالنتاج الفني واستيعاب جلّ رؤاه.
يبدو ان ما يشكل مقتربا أساسيا يوحد إلى حد كبير عديد القراءات التي يضمها هذا الكتاب وقد أنجزت على مدى سنوات عدة هو سعيها الحثيث إلى تتبع أثر السينما على المتلقي فنيا وثقافيا عبر ما تثيره من قضايا مختلفة تهم عالمنا. وفي أفق القراءة النقدية ثمة على الدوام محاولة واعية لإلغاء الحدود الفاصلة بين الفيلم وعالمه.
لنقل انه مهما تفردت خواص الفيلم وجرى توصيفه كقيمة جمالية محضة، فان الفيلم يبرهن على ذاته داخل حدود اللغة التي تجعله مرتبطا بالعالم الواقعي. ولن يكون الخيال السينمائي والحال كذلك مفهوما ومثمنا على نحو منصف ما لم تتم معرفة الكيفية التي تنتج بوساطتها دلالة العالم سينمائيا، فالعالم داخل الفيلم السينمائي هو عالم التجربة وقد أطرته الدلالة بإطارها الفاعل المضيء.
يقول المؤلف: "وبقدر ما يدعو الناقد خلال قراءاته السينمائية المتباينة إلى تخطي فكرة عدّ الفيلم متعة عابرة، فانه يمارس تأثيرا متطلبا يجنح إجمالا إلى إبراز قيمة هذا العرض السينمائي أو ذاك، ساعيا في الوقت نفسه إلى إغناء ذائقة المتلقي وتثقيف حواسه وتوسيع مداركه، ومن ثم استثمار كل ضروب وعي الجمال ونشره والتحليق في فسيح سمائه.
في مهمة كهذه لن يكون بوسعنا الكف عن التفكّر بكل ما للسينما من تأثير بالغ على وعي الجمهور، لجهة إمتاعه وإعادة صياغة آرائه، فالسينما في نهاية الأمر تساهم بقوة في تشكيل قيم العالم الذي نحيا به."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الكهرباء: الخطوط المشمولة بالعقوبات الأميركية توفر 800 ميغاواط

الصدر بمناسبة العيد: اتمنى عراق بلا سلاح منفلت

الاتحاد العراقي يطرح 4 مدربين بدلاء عن "كاساس"

إيران تعلن غداً أول أيام عيد الفطر

مكتب المرجع السيستاني: غداً الإثنين أول أيام عيد الفطر

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

أمير دوشي: (رموز التسامي) تهدف لإضفاء الصبغة الحضارية أو الروحية على طقوس العنف والدمار

عقارب الوقت تدور في قصيدة "الوقت الثقيل" لفارس مطر

تاريخ الأسطورة الفاوستية

مقالات ذات صلة

تاريخ الأسطورة الفاوستية
عام

تاريخ الأسطورة الفاوستية

أجرى الحوار: غريغوري لاسكي ترجمة: لطفية الدليمي في كتابه الجديد عقدُ الشيطان: تاريخ المقايضة الفاوستية Devil’s Contract: The History of the Faustian Bargain يتابعُ إدْ سايمون Ed Simon ما يحسبهُ "القصّة الأكثر جاذبية، والأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram