TOP

جريدة المدى > سياسية > 2000 دولار سنوياً.. عراقيون أمام المحاكم للمطالبة بحصتهم من النفط

2000 دولار سنوياً.. عراقيون أمام المحاكم للمطالبة بحصتهم من النفط

نشر في: 24 مارس, 2025: 12:02 ص

بغداد / محمد العبيدي
في مشهدٍ يحمل رمزية عالية، لجأ مواطنون عراقيون إلى القضاء، مطالبين بحصصهم من عائدات النفط، في خطوة غير مألوفة حظيت بتفاعل عبر مواقع التواصل، إذ اعتُبرت بمثابة صرخة احتجاج ناعمة ضد واقع اقتصادي متهالك.
وخلال الأيام الماضية، برزت تحركات قانونية من قبل عدد من المواطنين، تمثّلت في رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم العراقية للمطالبة بحصص مالية من إيرادات النفط، مستندين في ذلك إلى ما نص عليه الدستور من أن الثروات الطبيعية ملك للشعب.
وقال المواطن محمد نوري، (35 عاماً) من العاصمة بغداد، وهو أحد المتقدمين بدعوى قضائية للمطالبة بحصة من عائدات النفط، إن "الخطوة جاءت بعد شعور عميق بأن الثروة الوطنية لا تُدار بما يحقق مصلحة المواطن، بل تُحتكر من قبل فئات معينة، فيما يعاني ملايين العراقيين من الفقر وسوء المعيشة".
وأضاف نوري في تصريح لـ(المدى) أن "الدستور واضح في اعتبار النفط ملكًا للشعب، وإذا كانت الدولة غير قادرة على تحقيق العدالة في توزيع العائدات عبر الخدمات وفرص العمل، فعليها أن تذهب إلى خيار التعويض النقدي المباشر، كحق قانوني وليس منحة أو مكرمة".
وسرعان ما أثارت الخطوة ردود فعل واسعة على مواقع التواصل، إذ أعادت طرح ملف توزيع الثروات الوطنية، وفتحت باب الجدل حول الارتباط بين النصوص الدستورية وواقع التوزيع الاقتصادي، في بلد يعتمد على النفط كمصدر شبه وحيد للموازنة.
التفاوت الطبقي
بدورها، قالت الناشطة الحقوقية أنوار الخفاجي، إن "لجوء المواطنين إلى القضاء للمطالبة بحصص من إيرادات النفط يعكس شعورًا متزايدًا بالإقصاء والتهميش، ورفضًا واضحًا لواقع اقتصادي لا يعكس ما تمتلكه البلاد من ثروات طبيعية هائلة".
وأضافت الخفاجي لـ(المدى) أن "الأسباب التي دفعت العراقيين إلى هذا المسار القانوني تتعلق بسوء توزيع الثروة، واستشراء الفساد المالي والإداري، وضعف الخدمات الأساسية، إلى جانب التفاوت الطبقي الصارخ، فضلًا عن وجود تجارب دولية تمنح المواطنين عائدات نقدية من ثرواتهم، وهو ما يجعل هذه المطالبات مبررة ومنطقية في نظر شريحة واسعة من الناس".
ويعتمد العراق اعتمادًا شبه كلي على النفط كمصدر رئيسي لتمويل موازنته السنوية، حيث تمثل العائدات النفطية أكثر من 90% من إجمالي إيرادات الدولة، وهو ما يجعل أي خلل أو انحراف في طريقة توزيع هذه الثروة يترك أثرًا مباشرًا وسريعًا على المستوى المعيشي للمواطنين، ويزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي العام.
2000 دولار كل سنة
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن "الإيرادات النفطية المتحققة في عام 2024 بلغت نحو 90 مليار دولار، وبالرجوع إلى عدد سكان العراق البالغ 46 مليون نسمة، فإن الحصة السنوية النظرية لكل مواطن تصل إلى نحو 2000 دولار، لكن توزيع هذه العائدات بشكل مباشر يواجه تحديات اقتصادية معقدة".
وأضاف المرسومي في تدوينة عبر (فيس بوك) تابعتها (المدى) أن "الإيرادات غير النفطية، البالغة 13 مليار دولار، بالكاد تكفي لتغطية نفقات محدودة تشمل مشتريات الحكومة من الكهرباء والغاز ومفردات البطاقة التموينية"، مشيرًا إلى أن "أي محاولة لتوزيع كامل الإيرادات النفطية على المواطنين ستدفع الحكومة إلى تمويل عجز الموازنة بطبع النقود، ما يعني استنزاف الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، وانهيار سعر صرف الدينار، وصولًا إلى تضخم مفرط وانهيار اقتصادي شامل خلال عام واحد فقط، أما في حال توزيع نصف هذه الإيرادات، فإن الانهيار سيتأجل لعامين لا أكثر".
وبحسب قانونيين، فإن الدستور العراقي نص بشكل صريح على أن النفط والغاز ملكٌ لكل الشعب العراقي، شريطة أن تُوزع الإيرادات بطريقة منصفة تحقق التوازن والتنمية، بما ينسجم مع المبادئ الدستورية.
ويشير خبراء إلى أن هذه النصوص تُكرّس مبدأ الملكية العامة للثروات، لكنها لا تعني بالضرورة توزيع العائدات بشكل نقدي مباشر على الأفراد، لأن ذلك من شأنه أن يستنزف الموازنة العامة ويُضعف قدرة الدولة على الإنفاق، مما يتعارض مع الأهداف التنموية المنصوص عليها في الدستور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

السوداني لن يلاقي مصير «العبادي».. و«ترامب» قد يفجر مفاجأة
سياسية

السوداني لن يلاقي مصير «العبادي».. و«ترامب» قد يفجر مفاجأة

بغداد/ تميم الحسن من المرجح أن تخوض الأحزاب الانتخابات البرلمانية المقبلة وفق قانون «سانت ليغو»، ما يعني أن «القوائم المذهبية» ستكون نافعة. وفي الأشهر الأخيرة، برز تصاعد في «الخطاب الطائفي»، بلغ ذروته بالحديث عن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram