خاص/ المدى
في ظل الزحامات المرورية، دائما ما تتمنى الجماهير العراقية طرح حلول ستراتيجية تنفذ على ارض الواقع بعدما ضجت مسامعهم بها منذ سنوات لاسيما ان مشاريع الحكومة الحالية لم تحقق المرجو منها، والاختناقات لم تخف، وبغداد تصحى على زحام وتغفى على آخر.
المعطيات على ارض الواقع جميعها تحتاج الى حلول قادرة على إيجاد معالجات حقيقية أحدها قد يكون "مترو بغداد" والذي اكملت تصاميمه منذ عام 2012، الا أن ما تحقق منه فقط حبر على ورق.
لجنة النقل النيابية انتقدت عدم تنفيذ مشروع مترو بغداد رغم مرور عام على طرحه للاستثمار.
وأشارت رئيسة اللجنة، زهرة البجاري في حديث لـ(المدى) إلى أن توسعة الطرق وبناء المجسرات تعد حلولًا ترقيعية لا تعالج أزمة الاختناقات المرورية المتفاقمة في العاصمة.
وأكدت البجاري أن مشروع المترو، الذي يعود الحديث عنه إلى خمسينيات القرن الماضي، لا يزال متعثرًا رغم إعلان الحكومة إحالته للاستثمار في نيسان من العام الماضي، حيث تم طرح العطاءات وتقدمت ثلاث شركات بعروضها، إلا أن المشروع لم يشهد أي تقدم فعلي منذ ذلك الحين.
وأضافت أن الحكومة دعت الشركات للاستثمار في المشروع، وظهرت دراسات واعدة حول تنفيذه، لكن بعد مرور عام كامل لم يتم اتخاذ أي خطوة جادة نحو التنفيذ.
واكدت رئيس لجنة النقل أن الدولة غير قادرة على إدارة مثل هذا المشروع، ولهذا تمت إحالته إلى القطاع الخاص، منتقدة الاكتفاء بالإعلانات الإعلامية دون إجراءات ملموسة.
وشددت على أن الحل الحقيقي يكمن في تنفيذ المترو، وليس في بناء المزيد من الجسور والشوارع التي لم تخفف من الاختناقات.
وأطلق رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في (8 شباط/فبراير 2024)، فرصتين استثماريتين أحدهما مشروع مترو بغداد، والآخر مشروع قطار النجف - كربلاء السريع، خلال حفل توقيع عقد بين وزارة النقل وتحالف شركتي CHSS وHSS، وهما شركتان لبنانية وماليزية ستقدمان خدماتهما الاستشارية للمشروع.
واختارت الحكومة العراقية، شركتي "سيسترا" و"إس.إن.سي.في" الفرنسيتين وشركات "ألستوم" و"تالجو" و"سينر" الإسبانية وعدداً من شركات الإنشاءات التركية، فضلاً عن "دويتشه بنك" الألماني، لمشروع تصميم وتنفيذ وتشغيل مشروع قطارات الأنفاق بالعاصمة "مترو بغداد».
ويتكون مشروع مترو بغداد من 7 خطوط، و14 محطّة طرقية متوزعة بين مناطق؛ العلاوي، والشعب، وساحة الطيران، والبلديات، والكاظمية، ومطار بغداد، والدورة، وساحة ميسلون، والزعفرانية، وساحة عدن، والبياع، والقادسية، ويمر في مسارات متعددة، بطاقة نقل استيعابية تصل إلى ثلاثة ملايين راكب يومياً. ويغطي 85% من مساحة العاصمة بغداد.
وبهذا الصدد، قال عضو لجنة النقل النيابية، عامر عبد الجبار وهو وزير نقل أسبق، إن مشروع مترو بغداد تحول الى امانة بغداد عام 2006، بقرار من اللجنة الاقتصادية العليا في مجلس الوزراء، مشيرا الى ان الاجراء الصحيح هو نقل الأموال الفائضة من امانة بغداد الى وزارة النقل لتنفيذ المشروع باعتبارها جهة الاختصاص الرئيسية.
وأضاف، ان الحكومة الحالية تريد ان تعمل تصاميم جديدة ستكلفها مبالغ كبيرة جدا، لافتا الى ان الشركة التي تم التصريح عن اسمها والتعامل معها لتنفيذ مشروع المترو ظهرت عليها فضائح مالية وهذا ما سيعلق المشروع الى اشعار اخر.
وكان مستشار رئيس الوزراء، ناصر الأسدي، أوضح في 25 يوليو/تموز 2024، أن المشروع تبلغ تكلفته التقديرية 18 مليار دولار، وسيغطي مسافة طولها 148 كيلومتراً مقسمة على سبعة خطوط و64 محطة مترو، متوقعاً اكتمال المشروع في غضون أربعة أعوام.
ومن المتوقع أن يساهم المشروع في حال طبق على ارض الواقع في حل الكثير من مشكلات النقل التي تواجه اهالي العاصمة، بالإضافة الى تحسين نوعية الحياة لسكان بغداد وتوفير فرص جديدة للتنمية الاقتصادية وتحسين قطاع النقل.
من جانبه، أكد النائب حسين حبيب، عضو لجنة الخدمات النيابية أن مشروع مترو بغداد يعد من المشاريع الحيوية والاستراتيجية التي ينتظرها سكان العاصمة بفارغ الصبر.
وأشار حبيب خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن المشاريع الحالية لتخفيف الاختناقات المرورية، مثل الجسور والأنفاق، هي خطوات إيجابية، لكنها غير كافية لحل الأزمة بشكل جذري.
ودعا حبيب الحكومة إلى الإسراع في إكمال التصاميم الهندسية لمترو بغداد والشروع الفوري في تنفيذه على أرض الواقع، منبهاً إلى التحديات التي قد تواجه المشروع، مثل تعارضات وتداخلات مشاريع البنية التحتية الأخرى (المياه والكهرباء).
وحث أمانة بغداد والدوائر البلدية على بذل جهود مضاعفة لتذليل هذه العقبات وتسهيل عملية التنفيذ.
المشكلات التي تواجه المشروع قد لا تكون تعارضات وعدم وجود رؤية حقيقية فقط، انما ترافقه التدخلات السياسية عبر استخدام المشروع لأغراض حزبية وشخصية.
وبالحديث عن هذا الامر، رأى الباحث بالشأن السياسي قاسم العبودي، أن بعض القوى السياسية تستخدم هذا المشروع كورقة انتخابية تدخل بها الانتخابات.
وأضاف العبودي خلال حديثه لـ(المدى) ان فك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد لا يكمن الا بتنفيذ مشروع مترو بغداد خاصة وهو سيساهم بتقليل الزخم الخانق التي بدا يعاني منها المواطن العراقي عموما والبغدادي بشكل خاص.
وتابع ان مشروع مترو بغداد بات عبارة حبر على ورق وأصبح ورقة انتخابية بامتياز بيد الأحزاب الفاسدة.
مترو بغداد «حبر على ورق».. خطوات حكومية غير مكتملة والاستغلال السياسي «يزيد الطين بلة»

نشر في: 25 مارس, 2025: 12:11 ص