TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: متاحفنا بلا زائرين. . لماذا؟

قناطر: متاحفنا بلا زائرين. . لماذا؟

نشر في: 26 مارس, 2025: 12:04 ص

طالب عبد العزيز

كثيرا ما نرى، وضمن فعاليات معارض الكتب في العالم توافد طلاب المدارس عليها، وهو مشهد كنت قد شاهدته في مدن كثيرة منها بيروت والقاهرة وغيرها، لكنني قلما شاهدته في بغداد والبصرة، وهو قصور واضح في أداء إدارات المدارس. وبغض النظر عن قضية شراء الكتاب أو اقتنائه فإن زيارة أماكن الفعاليات الثقافية هذه هي محاولة في جذب الطالب الى عالم القراءة والمعرفة خارج حدود المدرسة. في روما ولندن رأيت أفواج الطلاب صحبة مدرسيهم يتوافدون بشكل لافت جداً على المتاحف التاريخية والفنية، يسألون ويحاورون ويرسمون، وهم جزء من الوجود الكوني هناك.
في البصرة بمحلة نظران هناك متحف البصرة التاريخي، وآخر داخل منطقة القصور متحف باسم متحف البصرة الحضاري، والى جانبه هناك متحف التاريخ الطبيعي، وهناك مركز المخطوطات الذي افتتح مؤخراً في البصرة القديمة، وربما اجتهد بعض الميسورين فأنشا متحفاً خاصا به بمعنى ما فأن المدينة باتت أكثر عناية من قبل بقضية المتاحف، وهذا ما يواكب النهضة العمرانية والخدمية التي تشهدها في غالب ضواحيها، لكنَّ المواقع هذه قلّما حظيت بعناية المواطن، وهناك جفوة تصده عن زيارتها، ولعل العبء الأكثر تتحملة إدارت المدارس، فهي المعنية في الامر قبل غيرها، بل وتقع على إدارة التربية في المدينة مسؤولية أولية في التوجبه والمتابعة.
يرأس الفنان رشاد سليم وهو نجل الفنان والكاتب نزار سليم (لجنة إحياء الموروث الملاحي في العراق) ويعمل منذ سنوات، مع فريق عمل فني وثقافي على صناعة قوارب مختلفة الاشكال والاحجام تشكّل بمجملها الموروث الملاحي ليس في البصرة حسب إنما في عموم العراق، وفي فعالية جميلة تم افتتاح المعرض الجديد، بإطلالته الساحرة على شط العرب، وموقعه المتميز، داخل متحف البصرة الحضاري في القصور الحكومية، بما يوجهها الى قيمة جمالية وسياحية وثقافية مهمة وملهمة للمهتمين بتراث البصرة، فالمعرض يضم الكثير من القوارب التراثية المصنعة بحرفية وإتقان، بعضها مصغرات فنية مصحوبة بلوحات تعريفية باللغات العربية والانكليزية والفرنسية، والبعض الآخر بالحجم الاعتيادي، فضلاً عن ورشة لتصنيع وصيانة القوارب التراثية، ومختبر بحثي لدراسة الموروث الملاحي فيه الكثير من الكتب والصور والخرائط القديم، والمعرض تابع لمركز المخطوطات والتراث البصري.
هناك شبه قطيعة بين الانسان العراقي الحالي وتاريخه الرافديني، ويمكننا قراءة القطيعة هذه عبر ممارسات ممنهجة، تعمل عليها دوائر ومؤسسات غايتها أقناع الأجيال الجديدة من العراقيين ببطلان أهمية الاثر العراقي القديم، وفك ارتباطه به، وتوجيهه الوجهة الدينية- الطائفية، التي ستخلده في الجنة، عبر الطقوس والممارسات والشعائر، وتجهيله بكل ما يمت له من صلة بأجداده السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين والسيطرة عليه بما يقوض في داخله فكرة الانتماء للوطن الموغل في الحضارة. من يلاحظ الطرق المستمر بجعل العراقي متعلقاً بالاضرحة، غارقاً في حزنه، مفجوعاً دائماً، نادباً أبدياً سيدرك معنى القطيعة بينه وتاريخه الرافديني.
أليس من العيب أن لا يقرأ أبناؤنا أشعار الآلهة إنخيدوانا، ابنة سرجون الاكادي، الأميرة الرافدينية، وأقدم شاعرة عرفها التاريخ، والكاهنة العليا، التي وحَّدت الحضارتين الأكادية والسومرية. وأليس من العار أن لا تعرف أجيالنا الجديدة شيئاً عن الأسطورة الرافدينية التي تقول بإن الإله تموز وقع في غرام إلهة الخصب والحب والجمال عشتار، وبعد منافسة مع الكثيرين من خاطبي ودّها، نجح تموز في إقناع عشتار بالزواج منه؟ ثم، لا نجد أقبح من جهلهم بقصة الخلود التي سطرتها ملحمة جلجامش، التي تعد أهمِّ أثر في التاريخ الإنساني! أليس من الجدوى جعل الاشعار والحكم والمواعظ التي جاءت بها الواح سومر وبابل وأكد وآشور بمتناول أبنائنا، وتذكيرهم بأنهم الأولاد والحفدة والاسباط للإنسان الأول في التاريخ، باني الحضارات، ومؤسس الشرائع، وصاحب الرسالات الإنسانية العظيمة بدلاً عن تلويث عقولهم بملوثات القبائل والطوائف والأحزاب؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

اليوم.. انطلاق جولة جديدة من دوري نجوم العراق

إسرائيل تهدد لبنان: لن نسمح بالعودة الى واقع 7 اكتوبر

بعد العيد.. اتحاد الكرة: سنحسم ملف مدرب المنتخب الوطني

حزب الله ينفي صلته بقصف شمال فلسطين

الجيش السوداني يعلن السيطرة الكاملة على الخرطوم

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سافرات العبادي

العمود الثامن: غزوة علي الطالقاني

قناطر: البصرة في جذع النخلة.. الطالقاني على الكورنيش

كيف يحرر التفكير النقدي عقولنا من قيود الجهل والتبعية؟

العمود الثامن: العدالة على الطريقة العراقية

العمود الثامن: السعادة على توقيت الإمارات

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجزعن مواجهة واقع يسير بنا إلى...
علي حسين

كلاكيت: عن (السينمائي) وعبد العليم البناء

 علاء المفرجي علاقتي مع (السينمائي) لها حكاية، تبدأ من اختياري لها لكتابة عمودي (كلاكيت) منذ عددها الأول، ولا تنتهي بعددها الأخير. ولئن (السينمائي) تحتفل بعشريتها الأولى، كان لزاما عليّ أن أحتفل معها بهذا...
علاء المفرجي

تركيا تواجه التحول الجيوسياسي الناجم عن عودة دونالد ترامب إلى السلطة

جان ماركو ترجمة: عدوية الهلالي في الأسابيع الأخيرة، ومع ظهور الديناميكيات الجديدة للجغرافيا السياسية لترامب، تركز الاهتمام إلى حد كبير على اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية، بدلاً من التركيز على دول الطرف الثالث التي...
جان ماركو

منطق القوة وقوة المنطق.. أين يتجه صراع طهران وواشنطن؟

محمد علي الحيدري يبدو أن ملف التفاوض بين إيران والولايات المتحدة دخل مرحلة جديدة من التعقيد، ليس بسبب طبيعة الخلافات القديمة، بل نتيجة تبدّل ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي بات يفرض مقاربة مختلفة عن...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram