الأنبار/ محمد علي
تشهد محافظة الأنبار في الآونة الأخيرة انتشارا خطيرا لظاهرة السحر والشعوذة، مما باتت تهدد السلم المجتمعي، اذ نفذت القوات الأمنية حملة اعتقالات ضد المتورطين في هذه الاعمال، بهدف الحد من تأثيراتها السلبية وضمان استقرار المحافظة.
ويقول الأكاديمي، كاظم يوسف، المختص في علم النفس، خلال حديث لـ(المدى) إن «الحديث عن ظاهرة السحر وانتشارها في المجتمعات يعود إلى عدة أسباب، يمكن تناولها من منظور علم النفس الاجتماعي فكل رقعة جغرافية يكثر فيها الجهل والابتعاد عن العلم تكون بيئة خصبة لانتشار مثل هذه الظواهر».
ويبين أنه «منذ عام 2003 وحتى الآن، لا نجد مؤسسات علمية رصينة تعمل على تثقيف المجتمع، وهذا ما يفسح المجال لانتشار السحر والشعوذة»، مضيفا أن «من الناحية السيكولوجية، نجد معظم القضايا التي تدفع الأفراد إلى اللجوء للسحر والشعوذة تعود في أساسها إلى الضغوط النفسية والاضطرابات العقلية والأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية يلجؤون إلى السحرة والمشعوذين بحثًا عن حلول لمشاكلهم».
ويؤكد يوسف أن «استمرار مثل هذه الظواهر الخطيرة في المجتمع يترك اثارا سلبية وخيمة، أبرزها تفكك العائلات وتشتت الأسر بسبب الإيمان بما يقوله السحرة والمشعوذون»، مبينا أنه «لا توجد قوة قانونية رادعة لمواجهة هذه الظاهرة، سواء من قبل وزارة الداخلية أو الأمن الوطني، مما ساهم في انتشارها بشكل أكبر».
ويوضح أن «العامل الأساسي الذي يدفع الناس إلى اللجوء للسحرة هو العامل النفسي، حيث تؤدي الاضطرابات النفسية، القلق وعدم الاستقرار العاطفي إلى البحث عن حلول غير علمية والعلاج الأمثل لهذه الظاهرة هو إنشاء مؤسسات ومراكز نفسية إرشادية تعمل على توعية المجتمع، ويجب أن تكون هذه المراكز موجودة في المستشفيات أو على شكل فرق جوالة تابعة لوزارة الصحة، تضم مختصين في المجال النفسي والاجتماعي».
من جانبه، يرى باسم الفهداوي، امام وخطيب أحد مساجد الأنبار، أن «ظاهرة السحر والشعوذة أصبحت منتشرة بشكل ملحوظ، وهي بلا شك ظاهرة مسيئة تفشت كالنار في الهشيم، وقد حذر القرآن الكريم من مغبة هذا الأمر، كما وردت في السنة النبوية العطرة أحاديث صحيحة تحذر من الذهاب إلى السحرة والعمل بالسحر».
ويشير الفهداوي في حديث لـ(المدى)، إلى أن «حكم السحر من الناحية الشرعية واضح، فهو محرم بل يعد من السبع الموبقات التي تورد صاحبها إلى نار جهنم، وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم خطورة السحر وكانت الآيات صريحة في تحريمه، كما أن الأحاديث النبوية وردت كثيرة في التحذير من هذا العمل المشين».
ويؤكد الفهداوي أن «هناك الكثير من الخطباء والوعاظ والمرشدين الذين لم يألوا جهدا في التوعية بخطورة السحر والشعوذة، وقد تحدثنا مرارا وتكرارا عن ضرورة ابتعاد الناس وخصوصا النساء، عن الذهاب إلى السحرة والعرافين والمشعوذين، ومع ذلك أصبحت هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير، حتى وصل الحال إلى أن بعض الناس يلجؤون إلى السحرة حتى في قضايا السرقة، مثل ما يعرف بـ»أبو المرايا»، وهو نوع من أنواع السحر الذي لا يجوز مطلقا، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى».
بدوره، يؤكد الناشط المدني، حسنين علاء، خلال حديث لـ(المدى) أن «ظاهرة السحر والشعوذة خطر يصيب المجتمع بمختلف طبقاته، وبالتالي اللجوء الى بعض الخرافات البعيدة عن العلم والمعرفة التي أنقذت البشرية على مر العصور، مما يعرض الناس هنا الى الانغماس المتزايد في الجهل، وكلما ابتعد المجتمع عن المعرفة والعلم فهو ينسكب في مستنقعات الجهل التي من شأنها ان تصل بالمجتمع الى درجات منحدرة مقارنة بالمجمعات الاخرى التي تنجز وتتقدم وغيرها من المخاطر الاخرى».
ويقول إنه «بالنسبة لحملات التوعية فقيرة جدا ومخجلة بسبب قلة الدعم وهي مهمة جدا خاصة في مجتمعنا الذي تتغلب عليه الصبغة البسيطة والفقيرة التي تحتاج الى زيادة وعيها وخصوصاً ان السحر والشعوذة يربطها المشعوذين بالدين الصحيح السليم من هذه الممارسات، اذن هنا يجب ان تتعاون المؤسسة الدينية مع المؤسسات الامنية والمؤسسات الثقافية في توعية المواطنين وخاصة آنفي الذكر قبل قليل».
السحر والشعوذة.. «ظاهرة مسيئة» تلاحق أهالي الأنبار وتهدد السلم المجتمي

نشر في: 26 مارس, 2025: 12:35 ص