متابعة المدى
اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، امس الأربعاء، المعارضة السياسية بـ«إغراق الاقتصاد» من خلال أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد على خلفية القبض على عمدة إسطنبول، الذي يعد المتحدي الأكبر لحكم إردوغان الممتد منذ 20 عاما.
وكان الحزب الذي ينتمي له عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو قد دعا لمقاطعة الشركات التي تقول إنها تدعم حكومة إردوغان. واتهم الرئيس التركي المعارضة بأنها «يائسة للغاية لدرجة أنها سوف تلقي الدولة والأمة في النار»، حسبما أفادت "وكالة الأنباء الألمانية".
وأضاف إردوغان في خطابه لنواب حزبه العدالة والتنمية: "سوف يتم محاسبة مرتكبي التخريب الذي يستهدف الاقتصاد التركي أمام المحاكم". وقال إردوغان إن «استفزازات» المعارضة الرئيسية لن تثير حفيظة حكومته. وتابع قائلاً إن أفراداً من المعارضة الرئيسية هم مَن قدّموا المعلومات والوثائق التي شكّلَت قضية الفساد التي يواجهها إمام أوغلو، والتي صدر بسببها، يوم الأحد، قرار بحبسه على ذمة المحاكمة. وكان قد تم إلقاء القبض على إمام أوغلو منذ أسبوع. ويواجه اتهامات تتعلق بالفساد ودعم الإرهاب في بلدية إسطنبول بالإضافة إلى نحو 90 مشتبها بهم. وأصدرت محكمة أمرا باحتجازه الأحد الماضي. ولم يتم الإعلان عن موعد للمحاكمة بعد.
ويعتقد كثيرون أن القضية ضد إمام أوغلو ذات دوافع سياسية. وتقول الحكومة إن النظام القضائي لا يخضع للنفوذ السياسي. وتتواصل الاحتجاجات في تركيا، الأربعاء، بعد أسبوع من توقيف رئيس بلدية إسطنبول، أبرز خصوم إردوغان الذي تعهّد مجدداً بعدم الاستسلام لـ"إرهاب الشوارع". وقد تجمّع عشرات الآلاف من الأشخاص، مُلوّحين بالأعلام التركية ولافتات مناهضة للسلطة، أمام مبنى بلدية إسطنبول، بدعوة من المعارضة. وتزامن ذلك مع تظاهر آلاف الطلاب تحت رايات جامعاتهم، وقد غطوا وجوههم؛ خشية أن تتعرف عليهم الشرطة. ووفق «وكالة أنباء الأناضول» الرسمية، أوقف 172 شخصاً في إسطنبول، في الأيام الأخيرة، بسبب استفزازات وأعمال عنف، أو بسبب إخفاء وجوههم أثناء المظاهرات. ومساء الثلاثاء، قال إردوغان، في مواجهة هذه الحركة غير المسبوقة منذ تحرك غيزي، الذي انطلق من ساحة تقسيم في إسطنبول عام 2013: «لا يمكننا تسليم هذا الوطن لإرهاب الشوارع". من جهة اخرى قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزير ماركو روبيو عبّر خلال اجتماعه مع نظيره التركي، هاكان فيدان، الثلاثاء، عن "قلقه إزاء الاعتقالات والاحتجاجات" التي شهدتها تركيا في الآونة الأخيرة. وأضافت المتحدثة تامي بروس، في بيان صحفي، أن روبيو "أشار أيضا إلى التطورات الأخيرة في التجارة الثنائية، وشجع على تعزيز الشراكة الاقتصادية من الآن فصاعدا".
والتقى وزير الخارجية الأميركي بنظيره التركي لمناقشة التعاون في القضايا الرئيسية في مجالي الأمن والتجارة، وفقا لبروس. وكشفت أن روبيو "طلب دعم تركيا للسلام في أوكرانيا وجنوب القوقاز".
وتأتي الزيارة في وقت تسعى فيه أنقرة إلى علاقات أكثر دفئاً مع واشنطن في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبعد أيام فقط من مكالمة هاتفية بين الأخير ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، والتي وصفها أحد كبار مساعدي ترامب بأنها "فارقة". كما تتزامن زيارة الدبلوماسي التركي إلى واشنطن مع ظروف حرجة لإردوغان، بعد أن أدى سجن منافسه السياسي الرئيسي، عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، إلى اندلاع أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة منذ أكثر من عقد.