علاء المفرجي
كتاب أيريش فروم (الحكايات والأساطير والأحلام) الصادر عن دار حوار بترجمة صلاح حاتم، يرى إبريش فروم بهذا الكتاب في اللاشعور مفهوماً وظيفياً، أي إنه وظيفة نفسية، لا تشير إلى غياب أي دافع، أو إحساس، أو رغبة أو ما إلى ذلك، بل إلى غياب إدراك ذلك فقط، ويفسر فروم تفضيل المفهوم المكاني على المفهوم الوظيفي بأنه ينسجم مع النزعة العامة في الثقافة الغربية المعاصرة إلى الفهم على أساس الأشياء التي نملكها، بدلاً من فهمها على أساس الكينونة.
والكتاب هو محاضرات ألقاها فروم في دورات تمهيدية لطلاب متخرجين التحقوا للمزيد من التدريب لطب الأمراض النفسية، كما القاها على طلبة غير متخرجين في كلية بنغتون. ويتوجه هذا الكتاب الى قراء مماثلين: الى طلبة الطب النفسي وعلام النفس فضلا فضلاً عن الناس العاديين غير المتخصصين
وكما هو بين من العنوان الفرعي فالمسألة هي مسألة مدخل إلى فهم لغة رمزية. وهذا السبب لا يقف الكتاب أيضا على الكثير من القضايا المعقدة في هذا المضمار. فلا يتطرق مثلاً، الى نظرية فرويد إلا من حيث (تفسير الأحلام) ويضرب صفحاً عن المسائل الصعبة التي طورها في مؤلفاته المتأخرة. كما إنه لا أعالج أوجه اللغة الرمزية، تلك التي لا غناء عنها للفهم الكامل للقضايا المتعلقة بالموضوع، مع أنها تتطلب أن نقف عليها جميعا الأمر الذي تسعى هذه الصفحات الى القيام به.
يقول فروم: "في العنوان أتكلم بوضوح وصراحة على مدخل إلى فهم لغة منسية، لا على تفسيرها كما هو شائع مألوف. فإذا كانت اللغة الرمزية لغةً مستقلة، كما سأحاول ان أبيّن ذلك على الصفحات التالية، وإذا كأنت حقاً لغة عالميةٌ وحيدة طورتها البشرية في وقت من الأوقات، فالمسالة هي مسألة فهم هذه اللغة وليست مسألة تفسيرها كما لو ان الموضوع له علاقته بكتابة سرية مخترعة. وإن امكانية فهم هذه اللغة الرمزية لأمر مهم، لا بالنسبة لطبيب نفساني يحاول أن يزيل الاضطرايات النفسية ويقضي عليها فحسب، بل لكلّى من يريد أن يكون على إتصال بذائه ويتعرف عليها. وعلى هذا كان ضروريا إدخال تدريس اللغة الرمزية في البرنامج التعليمي في معاهدنا العالية وجامعتنا أيضا، مثلها مثل تدريس (اللغات الأجنبية) الأخرى. ويرمي هذا الكتاب الى أن يساهم في تحقيق هذا الهدف.
وإريش فروم، مؤلف هذا الكتاب، فغني عن التعريف، فهو علل فساني ومؤلف كتب كثيرة كأنت ولا تزال محط اهتمام الخاصة والعامة: مثل "الانسان الحديث والمستقبل"، "الخوف من الحرية"، (فن الحب"، وما وراء الأوهام" "وعلم تشريح القدرة الانسانية على الهدم والتدمير) وغير ذلك مما له علاقته علم النفس التحليلي وعلم الاخلاق والدين وعلم الاجتماع والأدب.
ولد اريش فروم سنة 1900 في مدينة فرنكفورت على نهر الماين (المائيا الاتحادية) ودرس في جامعات هايدل بيرغ وفرانكفورت وميونيخ ونال في عام 1922 الدكتوراه. وكان واحداً من مجموعة العنماء الشباب العاملين في ميدان الفلسفة وعلم الاجتماع (لوفينتال، ماركوزي، أدورنو وبنجأمين وبولوك) الذين التفوا حول الفيلسوف وعالم الاجتماع مأكس هوركهاير (1973 - 1895) وعرفوا بما يسمى (مدرسة فرنكفورت)) التي وجهت نقدها الى ما سمأه هوركهايمر وأدورنو "صناعة الحضارة) وعبّرت عن خوفها من مجتمع الاستهلاك الجماهيري العريض الذي تندرج فيه بوسائل جديدة نتاجات الحضارة في عملية التوزيع.
شغل إريش فروم مناصب تدريسية عديدة في نيويورك وميشغان ومكسيكو سيتي، ثم تخل منذ عام ١٩٦٥ عن مهنة التدريس وتفرّغ كليا للبحث العلمي. وارتحل فيما بعد الى سويسرا واستقر في مدينة تيسين حيث وأفته المنية عام 1980 عن عمر مديد قضاء في العطاء المستمر والبحث العلمي المثمر.
(الحكايات والأساطير والأحلام).. مدخل الى فهم اللغة المنسية

نشر في: 7 إبريل, 2025: 12:22 ص