نادية الجورانيثلاثمائة وخمسة  وستون يوماً هي أيام السنة، وما أطولها من أيام قبل ربع قرن تقريبا كان الإنسان العراقي يحسب ألف حساب لدوران السنة القادمة، وعندما يريد أن يخطط لعمل شيء على مدى سنة كاملة فان المقربين يقولون له المقولة العراقية المأثورة (الله كريم منا لسنة الخ) . هذا لان السنة كانت تحسب عند العامة والإنسان الذي يهمه الوقت بحسابات زمنية دقيقة ولايتم الهدر بالوقت حتى الثانية الواحدة.
أما عطلها فكانت وبحساب أدق هي واحد وستون يوماً، إبتداءً من الجمعة فأيام الأعياد الخمسة والأول من محرم ومولد النبي (ص)، وعيد الجيش، والعمال، ونوروز، ورأس السنة الميلادية، والعطل الدينية، التي لا تتعدى ثلاثة أيام، ويبقى  (300) يوم هي من حصة المواطن وحصة الدولة لتنفيذ أعمالها .أما اليوم فنرى إن السنة قد تقلصت أيامها وأصبحت معدودة، فأيام العطلة الرسمية الأسبوعية أصبحت ثلاثة أيام إضافة إلى منع التجول وأيام الانتخابات وأيام التفجيرات، وأيام المناسبات الدينية فعندما نحصيها تكون النتيجة (260) يوماً، عطلة و ( 100) يوم فقط هي دوام رسمي مختزل  منه ساعات العمل الصباحية وساعات التقاعس. إن عدم قدرة موظف الدولة على إنجاز معاملات المواطنين يرجع سببه إلى قلة أيام الأسبوع وقلة ساعات العمل وعدم حضور موظفي الدوائر في أوقات الدوام الرسمي التي تكون كالمعتاد الساعة الثامنة صباحاً، متعذرين   بالادزحامات والتفجيرات وانسداد الطرق، ناهيك عن ارتال المواكب العسكرية التي صارت أكثر من الهم على القلب .يقول الأستاذ طعمة مدرس لغة عربية (65) سنة في إعدادية الجزيرة : لقد كنا نذهب إلى التدريس وكلنا قلق من انتهاء الأسبوع ولا نستطيع أن نكمل المقرر الأسبوعي وقلقنا يزداد حين ينتابنا شعور بأننا سوف نسرق قليلا من الوقت الذي هو من حصة الطالب .أما المواطن السيد مرتضى عبد العظيم ( 55 ) سنة متقاعد فيقول : حضرت إلى دائرة التقاعد منذ الساعة الثامنة تماما لإنهاء معاملة، قيل لي إنها لاتحتاج أكثر من يومين وعندما ذهبت إلى الموظفة المسؤولة علمت أنها لم تصل بعد، فانتظرتها حتى وصلت الساعة التاسعة تقريبا معللة ذلك بوجود ازدحام في الطرقات ثم انتظرتها حتى انتهت من فطورها مع بعض ( سرد السوالف ) هي وزميلاتها مما اثر على سرعة انجاز معاملات المراجعين وأولهم أنا والسبب يعود إلى عدم احترام ساعات العمل المخصصة للمواطن .وهذه مريم سعد موظفة في البنك المركزي حين سألناها عن الموضوع قالت : أتمنى لو أن الأسبوع يكون يوماً واحداً أو يومين، فبالنتيجة أنا أتسلم راتبي الشهري، أما قضية الدوام فكانت الأعذار حاضرة وبسرعة، الازدحامات، الارتال العسكرية، الطرق المسدودة، وبشأن الساعة الأولى فان أكثر الموظفات ليس لديهن الوقت الكافي للإفطار في منازلهن مما يضطرنا للاتفاق على الفطور في الدوام بالساعة الأولى ويكون الفطور مشتركاً، وانتم تعرفون إنها مجرد خمسة أيام ونأخذ يوماً خاصاً للتسوق ويوم للإجازة وهكذا تسري الأمور ودعونا نعيش .وبعكس الأستاذة ماجدة كاتبة عدل بغداد الجديدة فتقول بالنسبة لي ولدائرتي فان الدوام يبدأ الساعة الثامنة وينتهي عند نهاية الدوام الرسمي ولا اسمح لأي موظف أن يسرق دقيقة واحدة من حق المراجع المسكين الذي يقف في الطابور على أمل انجاز معاملته، وأكون سعيدة عندما أرى المواطن فرحا بإكمال معاملته بسرعة وبنفس اليوم . أما بالنسبة إلى الوقت فانا اخذ أجرا على ساعات العمل وحين اسرق دقيقة من الوقت يعني أنني قد كسبت مالاً حراماً من أموال الشعب .رجل كبير السن قد بلغ السبعين من عمره أبو رياض مدير سابق يقول : ما أحلى يوم الجمعة يوم العطلة الذي كان  فيه نكهة خاصة عندما كنا نكمل عملنا خلال الأسبوع ويأتي يوم الخميس لنبدأ جميعنا بالتخطيط ليوم الجمعة وكيف سنستغله من الصباح حتى آخر يوم بدءاً من متطلبات العائلة والتزاماتها في الزيارة والتسوق والنزهة وما إلى ذلك من أعمال أضافية . فلماذا لايخصص البرلمان جلسة خاصة للنظر في موضوع أيام السنة والوقت المهدور؟ أليس هذا من حق الشعب؟.