متابعة/ المدى
تهدف الحكومة العراقية من خلال قرارات اتخذتها أخيراً خاصة بأوضاع السجون ونشاطاتها، إلى تأكيد اهتمامها بخلق واقع جديد وجيد لظروف الاعتقال.
ومن بين تلك القرارات توسيع السجون، وتأهيل المحتجزين ودعم إكمالهم الدراسة وتشغليهم في قطاعات مختلفة.
كما أعلنت وزارة العدل أخيراً أنها تستعد لإطلاق مشروع لإنشاء مصانع داخل السجون المركزية خلال الفترة المقبلة.
وقالت الوزارة إن عدداً من السجناء أنهوا دراستهم داخل أماكن احتجازهم، وأن بعضهم تأهلوا لمتابعة الدراسة الجامعية أو حتى تفوقوا في دراستهم، وأحدهم موقوف في سجن الكرخ المركزي حصل على المرتبة الأولى للمراحل الثلاثة في جامعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك أثناء دراسته في المركز الجامعي داخل السجن.
وأكدت وزارة العدل أنها ماضية في تنفيذ مجموعة إجراءات إصلاحية تهدف إلى تطوير وتأهيل واقع الدوائر الإصلاحية، وأبرزها تطبيق قانون تشغيل النزلاء من خلال إطلاق مشروع لإنشاء مصانع داخل السجون المركزية.
وبحسب مسؤولين في الوزارة لن تقتصر فوائد تشغيل النزلاء على توفير موارد مالية لهم تخفف الأعباء عن ذويهم، بل ستكسبهم أيضاً مهارات وخبرات عملية في مجالات مختلفة تمهيداً لتسهيل اندماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم، لا سيما أنهم سيحصلون على شهادات معتمدة لممارسة المهن، ما يعزز فرصهم في بناء مستقبل جديد".
ووفق معلومات نشرتها وسائل إعلام نقلاً عن مسؤولين في وزارة العدل ستنتج المصانع داخل السجون المركزية ألبسة ومياه معدنية، وسيُخصص جزء من الأرباح للنزلاء ما يعزز مواردهم المالية.
أما من الناحية الإصلاحية سيُشكل المشروع وسيلة فعّالة لإعادة تأهيلهم وتهذيب سلوكهم، ما يساهم في إعدادهم للاندماج الإيجابي في المجتمع بعد الإفراج عنهم، إضافة إلى افتتاح ورش عدة داخل السجون تنفذ أعمالاً مثل النجارة الحديثة والحدادة وتصليح الأجهزة الكهربائية والخياطة".
ويقول مسؤول في وزارة العدل إن "توجيهات الحكومة وخطط الوزارة تهدف إلى تحويل السجون إلى مراكز إصلاحية حقيقية. وخلال تنفيذ السجناء فترة محكوميتهم يمكن أن يتعلموا الكثير من المهن والأعمال التي قد تشكل مصادر زرق مهمة لهم بعد انتهاء فترات محكوميتهم".
ويتابع: "خططت الوزارة لتنفيذ برامج تأهيل كثيرة وتطوير برنامج الرعاية المهمة والمكمّلة لعملية إصلاح النزلاء. وستخلق الخطط فرص عمل للسجناء بعد الإفراج عنهم، سواء في المؤسسات الحكومية أو في شبه الحكومية أو أخرى في القطاع الخاص، من أجل تسهيل اندماجهم في المجتمع وضمان استقرارهم المهني والمعيشي".
ورغم وضع خطط تستهدف تحقيق تقدم ملموس في واقع السجون والسجناء، يؤكد وزير العدل خالد شواني أنّ تضخّم الطاقة الاستيعابية في السجون وصل إلى نسبة 300%، ما يشير إلى الأوضاع الصعبة التي تعيشها دوائر الإصلاح والسجون العراقية، لكنه يستدرك بأن الوزارة تعمل لحلّ هذه المشكلة عبر استحداث مدن إصلاحية متكاملة، وتتمسك بمواصلة منع التعذيب والابتزاز وانتزاع الاعترافات بالقوة.
ويقول شواني إنّ "معالجة مشكلة اكتظاظ السجون تحصل بحسب البرنامج الذي وضعته الوزارة، ويتضمن آليّتَين، الأولى قانونية تتعلق بتوسيع قضية الإفراج بشروط، وتشريع قانون العقوبات والتدابير البديلة الذي تعتبر نموذجية وتلحظ الإفادة من تجارب دول متقدّمة في المجال. أما الآلية الثانية فتُعنى بتجديد البنى التحتية في سجون العراق من خلال مشاريع للإنشاء وإعادة التأهيل التي تتقدّم بعضها بوتيرة متسارعة تمهيداً لتحقيق هدف تقليل الاكتظاظ بنسبة 200% هذه السنة".
ويوضح شواني أنّ "إحدى المشكلات التي واجهتنا في محاولتنا حلّ مشكلة اكتظاظ السجون تأخير إطلاق سراح مَن تنتهي مدة محكوميتهم بسبب التدقيق مع جهات أمنية وإدارية لمعرفة احتمال وجود حكم على النزيل في قضية أخرى، أو خضوعه لتحقيق ما. ويُسمّى ذلك بيان عدم المطلوبية الذي يسبق إطلاق سراح السجين في حال كان سجله نظيفاً".
من جهته، يقول رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان أرشد الصالحي، إن "التقدم في السجون العراقية وآليات التعامل وتمكين السجناء واضحة لكننا نحتاج إلى رفع سقف الطموح أكثر من أجل التوصل إلى حالة تضاهي دول العالم المتقدم في التعامل مع نزلاء السجون وفق معايير حقوق الإنسان".
ويؤكد أن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان تتابع بشكل مستمر الأوضاع الإنسانية في كل السجون العراقية، وأيضاً كل الشكاوى في شأن حصول انتهاكات".
ويضيف: "لا تزال سجون العراق تعاني من مشكلات من بينها الاكتظاظ والكثافة البشرية داخل الغرف. أما بالنسبة إلى التعامل مع السجناء فتحصل انتهاكات لحقوق الإنسان إذ يتعرض سجناء إلى اعتداءات وتجاوزات، لكن هذه الحالات تكشف بسرعة، ويتضح في ما بعد أنها فردية ما يعني أنه من غير المنطقي اعتبارها ظاهرة كما كانت عليه أوضاع السجون خلال السنوات الماضية".
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب كشف في تقرير أصدره نهاية العام الماضي احتجاز السلطات الحكومية عشرات آلاف المعتقلين لأسباب سياسية أو كيدية وسط ظروف غير إنسانية في زنزانات مكتظة وغير مهيأة صحياً منذ سنوات عدة، وأشار إلى أنّ درجات الحرارة والرطوبة عالية في أماكن الاحتجاز، ما يؤثر مباشرة على صحة السجناء.