حذرت من محاولة إسكات المواطنين عبر استخدام القوة
ذي قار / حسين العامل
ادان مسؤولون ومنظمات حقوقية ومهنية في ذي قار ما تعرض له المشاركون في تظاهرات المعلمين من قمع مفرط اثناء مطالبتهم بتحسين رواتبهم، عادين ما حصل محاولة لإسكات المواطنين عبر استخدام القوة، وفيما أعربوا عن قلقهم من انتهاك حرية التعبير، تساءلوا ان كانت المحافظة تدار تحت وضع الطوارئ والاحكام العسكرية.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه مكتب مفوضية حقوق الانسان في المحافظة عن حصيلة نهائية للأحداث اسفرت عن 44 معتقلا تم الافراج عنهم وتسجيل 27 جريحا من كلا الجانبين.
وتظاهر الآلاف من المعلمين صباح يوم اول أمس الثلاثاء امام مبنى مديرية تربية ذي قار، للمطالبة بتعديل الراتب وزيادة المخصصات المهنية وتفعيل قانون حماية المعلم وتوزيع قطع اراضي سكنية، وذلك بعد يومين من اعلانهم الاضراب عن التدريس في داخل المدارس، غير ان المتظاهرين سرعان ما جوبهوا بهجوم مباغت من قبل القوات الأمنية استخدمت فيه الهراوات والغازات والقنابل الصوتية.
وفي حديث لـ(المدى) قال مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار كريم جبار الغزي إنه "تم الافراج عن 44 معتقلا كانوا محتجزين في مراكز الشرطة على خلفية مشاركتهم في تظاهرات المعلمين"، وأضاف ان "من بين المفرج عنهم عضو مجلس المحافظة سلام الفياض وافراد حمايته".
وأشار الغزي الى ان "حصيلة الاحداث المسجلة رسميا بلغت 27 مصابا من المتظاهرين والقوات الأمنية"، مبينا ان "جميع المصابين غادروا المشفى بعد تلقيهم العلاج".
ولم يكشف مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن اعداد ومصير المتظاهرين المصابين الذين لم يراجعوا المؤسسات الطبية الحكومية خشية الاعتقال، مبينا ان "مكتب حقوق الانسان يتعامل مع الأرقام الرسمية فقط". وفي غضون ذلك أصدر مكتب مفوضية حقوق الانسان ونقابة المعلمين واتحاد ادباء وكتاب ذي قار ومجلس محافظة ذي قار وشخصيات سياسية بيانات متعددة تدين التعدي على تظاهرات المعلمين. وجاء في بيان مكتب مفوضية حقوق الانسان الذي تابعته المدى ان "مكتب المفوضية يستنكر الاعتداء على الكوادر التربوية والتعليمية من قبل القوات الأمنية والذي يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقيم الإنسانية والاجتماعية إضافة إلى كونه تعدياً على رسالة التعليم السامية التي تقوم على بناء الأجيال وإعدادهم لخدمة المجتمع والوطن".
وطالبت المفوضية الجهات الأمنية المختصة بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة وملاحقة مرتكبي استخدام القوة المفرطة بحق الكوادر التربوية وتقديمهم للعدالة، داعية جميع أفراد المجتمع إلى الوقوف صفاً واحداً لحماية المعلمين وتعزيز قيم الاحترام والتقدير لدورهم المجتمعي.
ودعا مكتب مفوضية حقوق الانسان في بيانه الحكومة المركزية الى الاستجابة لمطالب الكوادر التربوية والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية بما ينسجم مع أهمية رسالتهم التربوية ودورهم في بناء مستقبل الأجيال.
ومن جانبه وصف اتحاد ادباء وكتاب ذي قار ما تعرض له المعلمون بالاعتداء السافر وجاء في بيان الاتحاد الذي تلقت المدى نسخة منه ان "الاتحاد يستنكر وبشدّة ، ما قامت به شرطة الشغب، من اعتداء سافر وبربري، على الكوادر التربوية، التي خرجت للمطالبة بحقوقها المشروعة، التي كفلها القانون والدستور العراقي"، وعد اتحاد الادباء، ما حدث بالانتكاسة الكبيرة، في القيم الديموقراطية ، وجرح كبير ومؤلم في قلب العراق، وبصمة سوداء في جبين الحكومة على حد قول البيان"، مطالبا الحكومتين المركزية والمحلية ومجلس النواب ومجلس المحافظة، بالتدخل السريع والعاجل ، لمحاسبة المعتدين، وردّ الاعتبار للمعلمين.
فيما أعربت نقابة المعلمين في ذي قار عن استنكارها لاستخدام القوة المفرطة اتجاه الاسرة التعليمية، وجاء في بيان تلقت المدى نسخة منه ان "نقابة المعلمين في محافظة ذي قار دأبت على اتخاذ الحلول للمشاكل التي تواجه الكوادر التربوية والمطالبة بالحقوق المشروعة وحفظ كرامة المعلم الا ان ما حصل من استخدام للقوة المفرطة تجاه الاسرة التربوية خلال وقفتهم السلمية للمطالبة بحقوقهم هو اعتداء غير مبرر"، وأضافت " تستنكر وبشدة الاعتداء على المعلمين واعتقال بعضهم".
ودعت النقابة في بيانها الجهات المسؤولة الى اجراء تحقيق ومحاسبة المتورطين بالاعتداء.
وبدوره ادان مجلس محافظة ذي قار استخدام العنف اتجاه الكوادر التربوية وجاء في بيان تابعته المدى ان "مجلس المحافظة يدين أعمال العنف التي تعرضت لها الكوادر التربوية والتعليمية في مدينة الناصرية، كما يُدين اعتقال عدد من التربويين بينهم عضو المجلس سلام الفياض"، ووصف المجلس ما حصل بالانتهاك الصارخ لحقوق المعلمين والمربين. وتابع البيان أن "مجلس المحافظة يؤكد أن للمعلم مكانةً وقيمةً عُليا يجب أن تُحترم، وأن أي حل لأزمات القطاع التربوي يجب أن يكون عبر الحوار والتفاهم وليس عبر القوة"، مؤكدا على ضرورة استجابة الحكومة للمطالب المشروعة للكوادر التعليمية وتحسين مستواهم المعيشي بما يضمن كرامتهم ويحفظ حقوقهم"، داعيا الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالحكمة والابتعاد عن التصعيد حفاظاً على السلم الأهلي ومصلحة أبناء المحافظة.
وفي ذات السياق وجه عضو مجلس محافظة ذي قار احمد غني الخفاجي سؤالا استنكاريا عبر مدونته الشخصية الى رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني جاء فيه "انا وأبناء محافظة ذي قار نحتاج توضيح: هل ان المحافظة تدار بشكل طبيعي ووفق القانون والدستور؟" ام انها تدار تحت وضع الطوارئ والاحكام العسكرية.
في حين اشار محافظ ذي قار السابق وعضو مجلس المحافظة الحالي محمد هادي الغزي الى محاولات اسكات المواطنين عبر استخدام القوة وجاء في بيان استنكار تابعته المدى انه "نستنكر وبشدة ما حصل يوم الثلاثاء من احداث مؤلمة تمثلت بالاعتداء على الاخوة التربويين واعتقال عدد منهم ومن ضمنهم الزميل عضو مجلس المحافظة سلام الفياض الذي خرج للتضامن والاستماع الى مطالبهم الحقّة"، وأضاف "نؤكد ان اعتقال التربويين بسبب تظاهرهم السلمي، وهو حق مكفول دستوريًا يشير إلى محاولة إسكات المواطنين بالقوة"، ويجد الغزي ان "ذلك يُثير قلقًا حول حرية التعبير في ذي قار"، لافتا الى ان "اعتقال احد اعضاء مجلس المحافظة بسبب تضامنه مع هذه المطالب يمثل تطوراً اخطر في المحافظة". ودعا الغزي في بيانه الى محاسبة المسؤولين عن هذه التصرفات وضمان حرية التعبير والتظاهر السلمي في المحافظة، مشددا على أهمية احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وكانت أوساط المعلمين المتظاهرين في ذي قار كشفت يوم الثلاثاء (8 نيسان 2025) عن اعتقال واصابة العشرات من زملائهم خلال التظاهرات المطالبة بتحسين رواتبهم، والتي جرت وسط إجراءات قمعية مشددة، وفيما أشاروا الى اعتقال عضو مجلس محافظة ذي قار عن تحالف قيم المدني اثناء قمع التظاهرات، دعت عضوة أخرى الى عقد اجتماع طارئ للمجلس على خلفية التطورات الاخيرة.