ترجمة: عدوية الهلالي
كما يوحي عنوان فيلم " شقيقتان" فهو يروي قصة شقيقتين، وهما امرأتان في الخمسينيات من عمرهما يبدو أن كل شيء يعارضهما. ويقدم لنا الفيلم إحدى الشقيقتين التي يمكن أن نطلق عليها "الفتاة السيئة" والمعروفة أيضًا باسم بانسي (ماريان جان بابتيست)، وهي امرأة مكتئبة وعصبية تعاني من مرض جسدي ومعنوي، وتقضي حياتها في الصراخ على كل من تقابله، وخاصة أولئك الذين يتمنون لها الخير مثل طاقم التمريض.
ويمكن أن نتخيل ونفهم بسرعة كبيرة أن الأشياء، والإصابات السابقة بلا شك ، هي التي تغذي الغضب الذي بداخل بانسي، وسيأتي تفسيرذلك في الحوارات التي تجريها مع أختها شانتيل (ميشيل أوستن)، التي هي نقيضها تمامًا ، فهي مرحة، حيوية، وشابة القلب، كما يتضح من الثلاثي الذي لا يقاوم الذي تشكله مع ابنتيها البالغتين. ويفعل المخرج مايك لي، البالغ من العمر 82 عامًا،في الفيلم ما يتقنه، فهو دراسة اجتماعية حلوة ومرّة في عائلة تبدو عادية، وهي عائلة سوداء،وليست الأولى بالنسبة له.علاوة على ذلك،كانت ماريان جان بابتيست قد لعبت بالفعل دورها في فيلم (اسرار وأكاذيب)، مما أكسبها جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1996.
وإذا ظهرالفيلم في البداية وكأنه يفتقر إلى الدقة لأن شخصية بانسي في بعض الأحيان تفعل الكثير من السلوكيات الغريبة - فإن إخراج مايك لي الدقيق والسلس والأنيق ينتج المعجزات ويمس قلوبنا، مرة أخرى، بهذه النغمة التراجيدية الكوميدية التي ينفرد بها.
وفيلم (الشقيقتان) للمخرج البريطاني مايك لي، يصور حياة شقيقتين في بريطانيا العظمى. إحداهما قليلة الكلام وأم تشعر بالمرارة بينما الأخرى ثرثارة وتعيش مع ابنتيها. ورغم أن المخرج لا يريد أن يعطي أي إشارات حول حبكة فيلمه، إلا إن من المؤكد أن الأكثر حزناً يجد أصل جروحه في طفولته، وسوف تنكشف هذه الجروح على مدار القصة. ويقول المخرج معبرا عن فيلمه : "حتى لو ضحكت في البداية، فأنت تعلم أن الأمر خطير، وتعرف أنه ألم، وتتوقف عن الضحك لأن النكتة انتهت." فما بين الكوميديا والميلودراما، والضحك والدموع، يعتبر فيلم (شقيقتان) بالنسبة لمايك لي، انعكاس للحياة.. "إنه فيلم كوميدي لكنه مأساوي أيضًا" كما يقول .
والمخرج مايك لي من مواليد عام 1943 والحاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية، هو زميل الجمعية الملكية وقد درس في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية ومدرسة كامبرويل للفنون والتصميم ومدرسة لندن لتقنيات السينما وهو مخرج،وكاتب سيناريو، ومنتج، وممثل سابق إذ امتدت مسيرته المهنية في السينما والمسرح والتلفزيون لأكثر من 60 عامًا. وتشمل إنجازاته جوائز في مهرجان كان السينمائي، ومهرجان برلين السينمائي الدولي، ومهرجان البندقية السينمائي الدولي، وثلاث جوائز بافتا، وترشيحات لسبع جوائز أوسكار، كماحصل أيضًا على زمالة بافتا في عام 2014، وتم تكريمه بوسام الإمبراطورية البريطانية لخدماته في صناعة السينما.ويُعرف لي بقدرته على التدريب لفترة طويلة واستخدام تقنيات الارتجال مع الممثلين لبناء الشخصيات والسرد لأفلامه ،وهدفه هو التقاط الواقع وتقديم "أفلام عاطفية، ذاتية، حدسية، وغريزية"..ومن اشهر أفلامه التي نال بعضها ترشيحات لجائزة الاوسكار وجوائز أخرى عديدة فيلم (كل شيء او لاشيء ) و(السيد تيرنر) و(بيترلو ) و(الحقيقة القاسية)و(أسرار واكاذيب)...