 ترجمة عدنان علي

طالما مثلت الغوردوارا ملاذا للسلام والمساواة والسكينة الروحية، مفتوحة للجميع بغض النظر عن خلفياتهم. وتأسست هذه الأماكن الروحانية على تعاليم معلمي السيخ، وهي تهدف الى تجسيد مبادئ، سيفا وسيفران وسانغات الروحانية المجتمعية السيخية. لكن في السنوات الأخيرة برز اتجاه مقلق في المملكة المتحدة وخارجها، حيث سعت مجموعة صغيرة الى استغلال هذه الأماكن الروحانية للترويج الى اجندة، خالستان، المثيرة للانقسام ذات الطابع السياسي.
ويتجلى ذلك بوضوح في مقر مؤسسة "سري غورو سينغ سابها غوردوارا" في منطقة سلاو غربي لندن، وهي تعتبر احدى أكبر وابرز المؤسسات السيخية في المملكة المتحدة. حيث أصدرت هيئة المؤسسات الخيرية، وهي الهيئة البريطانية المكلفة بتنظيم المؤسسات الخيرية للصالح العام، إنذارا نهائيا لإدارة غوردوارا: إزالة اللافتات الخالستانية من المبنى او مواجهة العواقب. لم يكن قلق الهيئة مفاجئا ولا بلا أساس.
تعود القضية الى عام 2019 ، عندما زارت الصحفية الهندية، لوفينا توندون، غوردوارا وأفادت بوجود دعاية خالستانية داخل الأماكن المقدسة. منذ ذلك الحين جددت لجنة SGSSG نفسها مرارا وتكرارا على خلاف مع هيئة المؤسسات الخيرية في محاولة لتبرير عرض هذه اللافتات على انها دينية وليست سياسية. هذا على الرغم من حقيقة ان هذه اللافتات تشير بوضوح الى استفتاء السيخ المثير للجدل، وهي حملة تهدف الى احياء حركة خالستان الانفصالية.
ان الترويج لخالستان من داخل غوردوارا ليس مجرد تحريضي سياسي، بل هو مسيء روحانيا. لم يبشر معلمو السيخ ابدا بالانفصالية أو الكراهية. تحدث جورو ناناك ديف جي عن وحدة البشرية وضحى بحياته محاربا للطغيان وليس لتعزيز الانقسام. من ناحية أخرى ارتبطت الحركة السياسية في خاليستان منذ فترة طويلة بالعنف والتطرف وتشويه القيم السيخية. وقد أدت الصراعات الداخلية للجنة SG وتغير القيادة الى زيادة الارتباك. وعلى الرغم من التصريح في عام 2020 بأنهم لم يدعموا استفتاء السيخ، فقد استضافت غوردوارا حدثا للاستفتاء في عام 2024، مما يتناقض بوضوح مع موقفهم السابق.
في عام 2023 أكد تصويت داخل الجنة قرار إبقاء لافتات خالستان في مكانها. والان وفي مواجهة التحذير الأخير من لجنة المؤسسات الخيرية، تحاول نفس اللجنة تأطير هذه القضية على انها قضية اضطهاد ديني متهمة الجهة المنظمة بالتنمر والتدخل في شؤون البانثيك. هذه الرواية ليست مضللة فحسب، بل خطيرة أيضا. انها تتلاعب بالمجتمع السيخي الأوسع ليعتقد ان الرقابة التنظيمية هي هجوم على الايمان، بدلا من قلق مشروع بشأن تسييس مؤسسة خيرية ودينية.
لا يتم استهداف لجنة SG لأنهم سيخ، انهم يحاسبون لأنهم ينتهكون مبادئ قانون الاعمال الخيرية، والأهم من ذلك النزاهة الروحية للغوردوارا نفسها. الغالبية العظمى من السيخ البريطانيين لا يدعمون خالستان. إنهم يعتزون بهويتهم المزدوجة كسيخ وبريطانيين فخورين. انهم يريدون ان تظل غوردوارا أماكن عبادة، وليس منصات للنشاط السياسي الهامشي. لا يمكن السماح لأفعال القلة بتشويه ارث الكثيرين. لقد حان الوقت لاستعادة أماكننا المقدسة. ان عقيدة السيخ متجذرة في العدالة والتواضع. يجب ان لا يسمح للغوردوارا ان تصبح غرف صدى للأفكار الانفصالية. ان لجنة الاعمال الخيرية محقة في تدخلها، ويجب على المجتمع السيخي ان يدعم هذا الجهد للحفاظ على مكانة الغوردوارا، حرفيا وروحانيا.