TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: قائمة المنتفعين

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

نشر في: 14 إبريل, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد العجائب- أننا لا نجد مسؤولاً واحداً يعترف للناس ويقول "تعالوا يا جماعة حاسبونا".
وبعد أن أصبحت خطط التنمية والحرية والرفاهية والخدمات مجرد حبر على ورق، من المفارقات ايضا أننا لا نجد سياسياً في هذه البلاد يلتزم بقضايا المجتمع ويدافع عن قضايا الناس قدر التزامه بالدفاع عن كتلته السياسية ومصالحه الشخصية ومستقبله ومستقبل أقاربه وأحبابه. يتحدثون في السياسة ويؤسسون لتكتلات جديدة ولا نسمع منهم صوتاً واحداً يدافع عن المقهورين ويستمع لشكواهم. غرق الآلاف من الشباب في بطالة قاتلة وانتشرت المخدرات وسيطرت العشائر على مقدرات البلاد، ونهبت ميزانيات بعشرات المليارات من دون أن يظهر مسؤول عن هذه المأساة. وقُتل مئات الشباب كان ذنبهم الوحيد أنهم توهموا أن الديمقراطية العراقية التي يتغنى بها الجميع سوف تحميهم. نسمع، كل يوم، تصريحات عن مئات الاّلاف من فرص العمل التي لا تجد لها صدى في الواقع، وطالت نسبة الفقر طبقات كثيرة من المجتمع فتحول البعض إلى طبقة معدمة لا تجد ما يسد حاجتها من ضرورات الحياة، وحزب المنتفعين منشغل باحتكار المناصب وتوزيع عطاياه على المقربين منه. يحاصرنا الخراب فيخرج أحد المنتفعين ليقول: إن العراقيين يتنعمون بخيرات الديمقراطية والحرية، يأبى حزب المنتفعين أن يخرج عن انتهازيته.. لا أحد يريد أن يتحمل المسؤولية وعلى المواطن أن يدفع ثمن تهوره وذهابه الى مراكز الانتخابات. لا أمل في الإصلاح ما لم يحاسب المنتفعون عن الخراب الذي عم البلاد، وان يؤمن المواطن ان حياته ومستقبل عائلته أثمن واهم من أي سياسي.
على الناس جميعا ان تدرك جيداً أن ساستنا الأفاضل استبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو"الصراع على السلطة"، ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد: هل الحديث اليومي عن الانسداد وتقاسم السلطة يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، فبدلاً من أن يكون سعي الساسة إلى أن يكون العراق تاريخاً من الاستقرار والازدهار، تحول على أيديهم إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة في الحديث عن أخطاء الدستور ومرة في الحديث عن المؤامرات الوهمية، ومرات عدة في السعي إلى تغييب كل صوت وطني .
وسأذكّر حزب المنتفعين، وأكثرهم ينتمون لأحزاب دينية، بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) حين قدم إلى الكوفة لممارسة مهامه خليفة للمسلمين: يا أهل الكوفة هذا رحلي، وهذه أسمالي، جئت بها من أهلي فإن عدت بغيرها حاسبوني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram