TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: المتشائل

العمود الثامن: المتشائل

نشر في: 15 إبريل, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة "الضجر واللامبالاة"، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة بكل الاصناف، ولهذا تجدونني احيانا اتفلسف في الكتب.
في اليومين الماضيين كتب أحد القراء يؤنب "جنابي" لأنني أثير حالة من الكآبة والسواداوية في مقالاتي، وهو يلومني لأنني أستغل هامش الحرية وأسخر من السياسيين والمسؤولين الذين وضعوا العراق في مصاف الدول الكبرى.
أنا آسف ياعزيزي القارئ الكريم، فقد اكتشف "جنابك" أن ما أكتبه مجرد أوهام أعتاش عليها.. فهل من المعقول أن لا أرى المنجزات التي حققها إبراهيم الجعفري؟، وكيف تسنى لشخص مثلي فاقد البصر والبصيرة أن لا يدرك حجم الإنجازات التي تحققت منذ سبعة عشر عاما؟.
يمكن للقارئ العزيز ان يطلق علي صفة "المتشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، الذي ظل يشير للخراب، لكن الناس كانت تسخر من شكواه.
منذ سنوات والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال اثنين وعشرين عاما عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير رئيس وزراء، ولا اجتماعات يقودها محمد الحلبوسي، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله ساستنا الاشاوس، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ مسؤولينا سيخلعون معطف "الروزخونية"، ويرتدون ثياب رجال الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك "المتشائل" جانباً وأتمنى على السيد القارئ العزيز أن يخبرنا لماذا اختار ساستنا نظاما سياسيا يصفق للمحسوبية والانتهازية، بدلا من نظام يعتمد على الكفاءة والنزاهة؟ .
اليوم الناس تعيش في ظل مؤسسات وأحزاب وشخصيات لم تتمسك إلا بالصدأ والتخلف والسبات. وفي ظل مسؤول محصّن ضد الفرح والنزاهة والكفاءة، مستمتع بثقافة التخلّف، كاره لحضارة الازدهار.
في كل دول العالم يسبق المسؤول مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من "الحزب والعشيرة" وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram