أعلنت شركة غاز بروم الروسية النفطية، أمس الثلاثاء، عن بدء المفاوضات مع وزارة النفط بعد تحذيرها من العمل في كردستان،
في الوقت نفسه أكدت الوزارة أن شركة فيتول للتجارة النفطية اعتذرت للحكومة لشرائها النفط من إقليم كردستان دون استحصال موافقة بغداد.
وقال مدير العلاقات العامة في الشركة، كيني شليج في حديث إلى (المدى برس) إن "هناك مفاوضات مع الجانب العراقي بشأن الإنذار الذي وصلنا من قبل نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، المتعلق بعقودنا في بدرة وكردستان"، مؤكدا أنه "لا توجد مشكلة كبيرة بل القضية سهلة وسنحلها من خلال المفاوضات".
وأوضح شليج أن "شركة كاز بروم إذا خيرت بين الأمرين، وهو إما الاستمرار في حقل بدرة النفطي أو مواصلة تنفيذ عقودها في كردستان فسنترك كردستان ونلجأ للعمل في بدرة".
وكانت شركة غاز بروم النفطية التي تحتكر تصدير الغاز الروسي قد اشترت في آب الماضي حصصا في امتيازين بإقليم كردستان بعد خطوات مماثلة من شركات أخرى سبقتها بذلك مثل أكسون موبيل وتوتال، ما دفع الحكومة العراقية الى توجيه إنذار لها بإيقاف عملها في كردستان.
ويعد رد شركة غاز بروم هذا الأول على تحذير لجنة الطاقة في رئاسة الوزراء برئاسة حسين الشهرستاني في 10/ 11/ 2012 الذي تضمن تخيير الشركة ما بين المضي في تعاقدها مع كردستان وخسارة حقل بدرة أو التخلي عن كردستان.
يذكر أن العراق وجه منذ مطلع العام الحالي إنذارات الى عدد من الشركات النفطية التي تتعاقد مع إقليم كردستان العراق منها شركة اكسون موبايل الأمريكية وغيرها من الشركات، إلا أنها لم تحقق أي نتيجة في إقناع هذه الشركات في إلغاء عقودها مع الإقليم، بل قررت تلك الشركات ترك عقودها مع بغداد والذهاب إلى الإقليم كما فعلت أكسون موبيل أخيرا.
وانتقد عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، قاسم محمد في حديث سابق إلى (المدى برس) ما سماه، سياسة "الترهيب" التي تعتمدها وزارة النفط ورئاسة الوزراء مع الشركات النفطية، ورجحت أن تؤدي إلى ترك اغلب الشركات النفطية الكبرى استثماراتها في العراق والاتجاه للاستثمار في إقليم كردستان، وقال أنه على الرغم من التهديد والمغريات من قبل الحكومة الاتحادية للشركات النفطية العالمية، فإنها ما زالت تتعامل مع إقليم كردستان، مضيفا أن بعض الشركات تركت استثماراتها في العراق واتجهت نحو الإقليم مثل اكسن موبيل، بسبب الفساد وقدم البنى التحتية العراقية، مرجحا أن تقوم شركة كاز بروم الروسية بالشيء نفسه.
وكانت الحكومة قد وقعت في ( 24 / 9 / 2009 )، عقد تطوير حقل بدرة مع ائتلاف شركة كازم بروم الروسية، ويمثل حقل بدرة ثاني حقل يتم استثماره في محافظة واسط بعد المباشرة بتطوير حقل الأحدب النفطي من قبل شركة البترول الوطنية الصينية.
وتتوقع كاز بروم أن تبدأ باستخراج النفط من حقل بدرة في النصف الثاني من العام 2013، وبطاقة أولية تبلغ (15) ألف برميل، في اليوم الواحد، تتصاعد تدريجياً لتصل في 2016 إلى نحو 170 ألف برميل يومياً.
وتسعى الكثير من كبريات الشركات المتخصصة بالصناعة النفطية للفوز بفرص للعمل في الحقول النفطية التي يطرحها العراق على هيئة تراخيص نفطية تمنح لتلك الشركات.
ويقع حقل بدرة على الحدود العراقية مع إيران وتقع أجزاء منه ضمن حقول الألغام، وتقدر احتياطياته بنحو ثلاثة مليارات من النفط الخام ونحو مليار ونصف المليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط يستخرج سنوياً، وتملك كاز بروم الروسية حصة 40 بالمئة في المشروع المشترك، بينما تملك الشركة التركية تي بي أو عشرة بالمائة، وكوكاس الكورية 30 بالمائة، وبترو ناس الماليزية 20 بالمائة.
يذكر أن شركة كاز بروم الروسية قد منحت في وقت سابق عقدين لتطوير حقل بدرة، حيث منحت شركة الخليج العربي لإزالة الألغام وهي شركة خاصة عراقية عقدا لإزالة الألغام. كما منحت شركة التنقيب عن النفط ( وهي شركة تابعة للدولة مسؤولة عن جميع أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في البلاد) عقدا لإجراء المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد في الحقل ذاته.
إلى ذلك أكدت وزارة النفط أن شركة فيتول للتجارة النفطية اعتذرت للحكومة العراقية لشرائها النفط من إقليم كردستان دون استحصال موافقة بغداد، لافتا إلى أن العراق تلقى رسائل من دول الجوار تحدثت عن عمليات لتهريب النفط.
ونقلت وكالة بزنس ريكوردر الاقتصادية على موقعها الإلكتروني تصريحات صحفية لوزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي، اطلعت عليها (المدى برس)، مفادها "بخصوص مسؤولي فيتول فقد الغوا الصفقة مع كردستان واعتذروا بشكل رسمي".
وأضاف مجيباً عن سؤال لأحد الصحافيين عن كيفية تعامل العراق مع شركتي (ترافيكورا) (ولوك اويل) اللتين تشتريان النفط الخام الخفيف من كردستان، أنه "سيكون هناك اجتماع مع لوك أويل بهذا الخصوص وربما يكون غداً أو بعد غد"، دون الإشارة إلى شركة ترافيكورا. وتابع الوزير الذي يشارك في اجتماعات أوبك المنعقدة حالياً في العاصمة النمساوية فيينا، "لقد تلقينا رسائل من دول محاذية تشير إلى عمليات تهريب للنفط الخام العراقي"، مؤكدا أن "العراق سيعمل ضد أي شركة تشتري هذه الشحنات المهربة".
ورفض الوزير إعطاء أرقام عن كمية النفط المهرب إلى إيران وتركيا ومن ثم إلى الأسواق العالمية، مبيناً أن "الكمية تعتمد على الفرق بين ما هو منتج من قبل الأكراد وما هو مرسل إلى الحكومة المركزية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "شحنات النفط من كردستان إلى بغداد وصلت الشهر الماضي إلى أكثر من (180) ألف برميل باليوم وانخفضت الآن إلى اقل من (100) ألف برميل باليوم.
ويدور خلاف كبير بين إقليم كردستان والحكومة العراقية بسبب عقود النفط مع الشركات، وتفسير الدستور في ما يتعلق بإدارة قطاع النفط، وفي ظل انعدام وجود قانون ينظم هذا القطاع والعلاقة بين أربيل وبغداد.
ويعرض إقليم كردستان فرص جاذبة اكبر من بغداد للشركات النفطية، وهو ما نتج عنه توقيع العديد من الشركات بينها اربع كبرى، هي اكسون موبيل وشيفرون الأميركية وتوتال الفرنسية، وغاز بروم الروسية، عقودا مع الإقليم، وهو ما اغضب بغداد ودفعها لاتخاذ إجراءات عقابية ضد تلك الشركات.