ذي قار/ حسين العامل
بالتزامن مع يوم الفلاح العراقي كشف اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار عن حجم المظلومية التي لحقت بالفلاح العراقي والجنوبي خصوصا، مشيرا الى نزوح عشرات الالاف من فلاحي ذي قار من قراهم وفقدان 80 بالمئة من مربي المواشي لمواشيهم بسبب الأوبئة والجفاف، داعيا في الوقت ذاته الى اعتماد سياسة زراعية ناجعة تنصف وتدعم الفلاح وتؤمن له المتطلبات الأساسية لنجاح العملية الزراعية.
وقال رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار حسين نعمة رباط الازيرجاوي لـ(المدى) ان "الفلاح العراقي مظلوم ولاسيما الفلاحين في المناطق الجنوبية كونهم الأكثر معاناة من شح المياه والجفاف ناهيك عن تلوث وملوحة المياه وتجاوز المحافظات الأخرى على الحصص المائية المخصصة لهم"، مبينا ان "معظم الحصة المائية التي تصل الى الجنوب هي عبارة عن مياه بزل وصرف صحي وهو ما يزيد من ملوحتها وتلوثها بصورة كبيرة ويؤدي الى تسبيخ الأرض ويجعلها غير صالحة للزراعة".
وتطرق الازيرجاوي الى نزوح الاف الاسر الفلاحية من قراها ومخاطر النزوح من الريف الى المدينة واثارها على حياة الفلاحين مبينا ان "اعداد النازحين تشكل أرقاما ضخمة تقدر بأكثر من 30 بالمئة من فلاحي المحافظة وذلك مع وجود المئات من القرى التي تعاني من الشحة والجفاف"، مبينا انه "في كل قرية ريفية تجد هناك ما يقرب من 30 دارا نزحوا اهلها من مناطق سكناهم باتجاه مركز المحافظة او الى المحافظات الأخرى كالبصرة وكربلاء والنجف وغيرها من المحافظات".
ويجد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية ان "تقليص مساحات الخطة الزراعية الى اقل من نصف المساحات الصالحة للزراعة قد أضر بالفلاحين وأدى الى تراجع أوضاعهم الاقتصادية بصورة كبيرة كونه حرمهم من المصدر الأساسية لمعيشتهم من دون ان تقوم الجهات الحكومية المعنية بتوفير البدائل او شمولهم بالتعويضات التي تعينهم على مواجهة التحديات الحياتية".
واستطرد الازيرجاوي "فحتى الفلاحين الذين تمكنوا من زراعة أراضيهم بالاعتماد على الامطار وخارج الخطة الزراعية يجري التعامل معهم بصورة مغايرة عن الفلاحين الداخلين ضمن تلك الخطة"، مبينا ان "الإجراءات الحكومية الأخيرة تفرض على الفلاح الذي يزرع ارضه خارج الخطة بتسويق محصوله من الحنطة بنصف السعر الذي يتقاضاه قرينة الداخل ضمن الخطة".
ويرى الازيرجاوي ان "في ذلك الاجراء اجحاف بحقوق الفلاح كونه تحمل تكاليف الزراعة وجازف بزراعة ارضه بالاعتماد على الامطار وان الدولة هي التي حرمته من الدخول ضمن الخطة الزراعية ولا يد له بذلك"، وقدر حجم المساحات المزروعة خارج الخطة بأكثر من 200 الف دونم في ذي قار.
وتحدث الازيرجاوي عن الاضرار التي لحقت في بساتين النخيل التي تعرضت للتصحر من جراء الجفاف، مؤكدا فناء الاف أشجار النخيل وموتها وهي واقفة.
وعرج رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار على ظاهرة تجريف البساتين وتحويلها الى أراض سكنية في المساحات التي دخلت ضمن التوسع العمراني للمدن"، مبينا ان "بعض الأراضي والبساتين جرى تحويلها الى مقالع للتربة بعد ان انعدمت فائدتها الزراعية للفلاح"، وأردف ان "البعض من الفلاحين الذين فقدوا مصدر رزقهم الرئيسي من مهنة الفلاحة لم يجدوا امامهم سوى بيع الأرض لتتحول فيما بعد الى مقلع للتربة".
ويجد الازيرجاوي ان "المياه الواصلة الى ذي قار رغم شحتها فهي تفتقر للتنظيم الصحيح والعدالة في التوزيع"، مشيرا الى ان "دوائر وزارة الموارد المائية العاملة في المحافظة مازالت عاجزة عن مواجهة تحديات شح المياه وذلك لافتقارها الى الاعداد المطلوبة من الاليات ولضعف تمويل تلك الدوائر التي تعجز في بعض الأحيان عن تامين تكاليف الوقود وصيانة الاليات على حد قوله".
وعرج الازيرجاوي على الاضرار التي تعرض لها مربو المواشي نتيجة الجفاف والاوبئة كاشفا عن تسجيل حالات نفوق طالت الالاف من رؤوس الماشية من الابقار والجاموس والاغنام، مبينا ان "80 بالمئة من مربي المواشي هجروا مهنتهم إثر الخسائر الفادحة التي لحقت بمواشيهم وتدهور وضعهم الاقتصادي".
وتابع "هذا ناهيك عما تعرضت له مناطق الاهوار وسكانها من اثار الجفاف والتغيرات المناخية"، واصفا ما حصل من كوارث بالدمار الشامل.
وشدد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية على ضرورة شمول الفلاحين والمربين والصيادين المتضررين من الكوارث الطبيعية بالتعويضات المالية المناسبة، داعيا الحكومتين المحلية والمركزية الى تنظيم وزيادة الاطلاقات المائية واعتماد سياسة مائية ناجعة لمواجهة تحديات الجفاف ودعم دوائر الموارد المائية لتكون بمستوى التحديات والتوسع بتطهير الأنهر ونصب المضخات لمعالجة الشحة وتخصيص خط كهرباء حرج للمضخات الكهربائية كي تستمر عملية تغذية الأنهر من مصادر المياه".
وخلص الازيرجاوي الى القول كما نطالب بتوفير اعلاف مدعومة لمربي المواشي.
وكان العشرات من فلاحي ومزارعي قضاء الرفاعي تظاهروا يوم (13 نيسان 2025) أمام شعبة الزراعة في القضاء، احتجاجا على قرار خفض سعر تسويق محصول الحنطة المزروع خارج الخطة الزراعية، مطالبين بـتوحيد السعر أسوة بالمحاصيل المزروعة ضمن الخطة الرسمية.
ويحتفل العراقيون في 15 نيسان بيوم الفلاح العراقي اذ عقد اول مؤتمر للجمعيات الفلاحية العراقية في ذلك التاريخ من عام 1959، اذ يطمح الفلاحون ان ينعكس الاحتفال في مثل هذا اليوم على تسليط الضوء على الواقع الزراعي وايلاء الفلاحين المزيد من الاهتمام الحكومي من خلال تقديم الدعم المطلوب للفلاحين وتوفير المياه ووقف زحف التصحر والكثبان الرملية وحماية المنتج الزراعي وزيادة حصة القطاع الزراعي في الموارد العامة.
ويواجه الفلاحون والقطاع الزراعي في محافظة ذي قار في مواسم الجفاف جملة من التحديات أبرزها تقليص الخطة الزراعية وتذبذب مناسيب المياه وتجاوز المحافظات الاخرى على الحصة المائية الخاصة بالمحافظة ناهيك عن تجاوز عدد كبير من الفلاحين على الحصص المائية المخصصة للمناطق الواقعة في ذنائب الانهر وكذلك افتقار البلاد إلى الآليات العلمية والتقنيات الحديثة في الزراعة وتجاوز دول الجوار على الحصة المائية.
وتبلغ الخطة الزراعية لمحافظة ذي قار المعلنة للموسم الزراعي الشتوي لعام 2024 والمقرة من وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية 160 ألف دونم لمحصولي الحنطة والشعير وبواقع 145 ألف دونم لزراعة محصول القمح و15 ألف دونم لزراعة الشعير، غير ان المساحات الزراعية الفعلية المزروعة ضمن الموسم الشتوي الحالي تقدر بنحو 400 ألف دونم وذلك أثر الموجة المطرية التي وفرت المياه اللازمة لسقي المحاصيل الزراعية في الاراضي المزروعة خارج الخطة المعتمدة.